أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

السلطنة.. إعادة ترتيب البيت العمانى

أسامة عجاج

السبت، 22 أغسطس 2020 - 07:37 م

من التعسف اختزال كل المراسيم السلطانية الـ٢٨ الصادرة عن سلطان عمان هيثم بن طارق آل سعيد، والتى شكلت بداية لإعادة تنظيم العمل الإدارى والتنفيذى فى السلطنة، من خلال الإعلان عن تغيير وزارى، هو الأول منذ توليه السلطة منذ عدة اشهر، فى خروج يوسف بن علوى من وزارة الخارجية، فالأمر اكبر بكثير من غياب شخص مع كل التقدير له، ولدوره الذى لا ينكره احد، فى تنفيذ السياسية الخارجية العمانية لعدة عقود، كما انه ليس من الإنصاف النظر إلى الأمر على انه بداية تغيير فى مجمل السياسة الخارجية للسلطنة، فى تفسير تآمرى للحدث، نراه فى بعض الكتابات التى تناولت الأمر بالتحليل والدراسة، فوزير الخارجية يشرف على تنفيذ علاقات بلاده مع دول العالم، وقد يشارك فى صياغتها، باعتبارها حقا اصيلا لرأس الدولة، وكل المؤشرات تقول ان العهد الجديد فى السلطنة هو امتداد للثوابت الراسخة التى حققت نجاحات كبيرة وانجازات ضخمة خلال الحقب الماضية، ولعل ما يؤشر على ذلك ان بديل بن علوى لم يكن من خارج منظومة الدبلوماسية العمانية، وهو بدر البوسعيدى، والرجل عمل ٢٠ عامًا أمينًا عامًا للوزارة، وهو بهذه الصفة كان دينامو الوزارة، وأحد أبرز رجالاتها، وتربى على مبادئها، ومنها السعى إلى حل النزاعات بالطرق السلمية، وانتهاج أسلوب الحوار والتفاهم، فى بناء العلاقات مع دول العالم، مع التأكيد على دور عمانى فى حفظ السلام والاستقرار والأمن فى المنطقة.
وهناك العديد من الأبعاد التى يمكن التوقف عندها، لفهم التغيير الوزارى فى السلطنة، ومنها ان الأمر لا يمثل أى مفاجأة، بل هو متوقع ومطروح منذ يناير الماضي، تاريخ تولى السلطان هيثم بن طارق آل سعيد المهمة، وكشف عن ملامح المرحلة الجديدة فى اول خطاب له للشعب العمانى فى ٢٢ فبراير الماضي، وكانت عناوينها الاهتمام بالتعليم، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين، وتبسيط الإجراءات، وحوكمة الأداء، والنزاهة والمساءلة والمحاسبة، ومراجعة أعمال الشركات المملوكة للدولة، مع تطويرها ورفع كفاءتها، ودراسة آليات صنع القرار الحكومي، والحرص على توجيه الموارد المالية بشكل امثل، بما يضمن خفض المديونية وزيادة الدخل، وتعزيز التنوع المالي، مع الاهتمام بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتدريب الشباب وتطوير الإطار الوطنى للتشغيل، واستيعاب اكبر قدر ممكن من الشباب، وتمكينهم من الانخراط فى سوق العمل.
ومن الطبيعى تماما ان يكون هناك ضخ دماء جديدة، قادرة على تنفيذ تلك المهام، وجاء التغيير الوزارى ليمثل تكليفات محددة، هدفها إصلاح الإدارة العامة بمفهومها الأوسع، مع تفويض الوزراء بمسئوليات اكبر، وتخفيف القيود على قدرة صناع القرار، وتقليل التأخيرات البيروقراطية، التى أدت إلى تباطؤ الإصلاحات الاقتصادية، ومعالجة الاختلالات المالية المزمنة، وترشيد الإنفاق العام، وتطبيق إصلاحات هيكلية، بما يحافظ على مزيد من معدلات التنمية، حيث تم دمج عدد من الوزارت لتكون خمسا فقط بعد ان كانت عشرا، وتوسيع مهماتها، كما تم إلغاء خمسة مجالس عليا، وإضافة مهامها إلى الوزارت المعنية، مع استحداث مجلس واحد فقط لشئون المحافظات، فى تقليص واضح لحجم الجهاز الإداري، وكان من اللافت فى التغيير إعطاء حرية اكبر والمسئولية الكاملة لوزير المالية سلطان الحبسى ولوزير الخارجية بدر البوسعيدى، وتعيين محافظ جديد للبنك المركزى هو تيمور بن أسعد البوسعيدى.
التغيير الوزارى خطوة مهمة باتجاه تنفيذ رؤية عمان ٢٠٤٠، التى اشرف عليها السلطان هيثم بنفسه، وركزت على استراتيجية التنويع من خلال تحويل فى عمان من خلال تحويل اقتصاد الدولة إلى خمسة قطاعات محورية، هى السياحة واللوجستيات والتصنيع وصيد الأسماك والتعدين، كما تهدف ايضا إلى زيادة نسبة العمالة العمانية فى القطاع الخاص إلى ٤٢ بالمائة، وزيادة الاستثمارات الأجنبية إلى ١٠ بالمائة من الناتج المحلى الإجمالى، والارتفاع بدخل الفرد، والوصول بمعدلات التنمية إلى ستة بالمائة، ووصول إسهام القطاعات غير النفطية إلى اكثر من ٩٠ بالمائة.
التشكيلة الحكومية الجديدة فى عمان خطوة كبيرة فى تحقيق شكل جديد للسلطنة، اقتصاديًا وتنمويًا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة