محمد السيد عيد
محمد السيد عيد


الوصل والفصل

المنظومة الرقمية

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 30 أغسطس 2020 - 07:18 م

أثبتت الأيام الماضية أن الاتصال الرقمى صار ضرورة لا غنى عنها. عشرات الملايين من طلاب المدارس والجامعات أدوا امتحاناتهم أون لاين، والاجتماعات بين السيد الرئيس ورؤساء الدول تمت بطريقة الفيديو كونفرانس، حتى اللقاءات التليفزيونية كانت تتم عبر سكايب؛ لذلك سعدت بإعلان وزير الاتصالات عن التوسع فى الخدمات الرقمية فى الأيام الماضية.
الاتصال الرقمى له فوائد لا تحصى غير البعد المكانى بين المتحدثين فى ظروف كورونا، فهو يوفر الوقت، والجهد، والمال، ويمنع الرشوة، لكن المشكلة أن الموظفين العباقرة حولوا كل مايتعلق بالرقمنة إلى شكل بلا مضمون، وسأعطى مثلين مررت بهما.
اكتشفت الضرائب فجأة أنها لم تحاسبنى منذ خمسة وثلاثين عاماً، وقامت بالحجز التعسفى على مائتى الف جنيه فى كل بنك اتعامل معه. ذهبت للضرائب فتبينت أنهم ضيعوا الملف، ويريدون أن أقوم بتأسيس ملف جديد بدل الضائع، تحت إرهاب خصم المائتى الف جنيه. سألتهم: ألم تسجلوا البيانات على الكمبيوتر؟ قالوا لي: هل كان هناك كمبيوتر فى هذا الوقت؟ قلت: كان موجوداً منذ عشرين سنة، فهل سجلتم هذه البيانات؟ أجابوا: ليس لدينا أى شيء عنك على الكمبيوتر. باختصار، استعنت بمحاسب وقدمت له ما لدى من مستندات، وأحضرت له المزيد من شركات الإنتاج الفني، وهى جميعاً جهات حكومية، وتمت محاسبة شبه نهائية، وذهبت أخيراً لأحصل على مخالصة فتبينت أنهم ضيعوا الملف للمرة الثانية، سألت: ألم تسجلوا البيانات على الكمبيوتر؟ قالوا لى إن الموظف المختص لم يسجل الإجراءات الأخيرة، وطلبوا منى إحضار صورة آخر تسوية لاستكمال الإجراءات. وأنا أسأل وزير الاتصالات ووزير المالية الذى يتحدث دائماً عن ميكنة المنظومة الضريبية: هل يمكن أن تكتمل المنظومة دون إدخال البيانات؟ هل الاعتماد على الملفات والأوراق يمكن أن ينتقل بنا لعصر الخدمات الرقمية؟
نموذج ثانٍ: أعلن جهاز المدينة التى أسكنها عن وجود مقابر بحق الانتفاع، فقررت أن أنتفع بواحدة. ظننت أنى سأملأ استمارة وأدفع المبلغ المطلوب أون لاين وينتهى الأمر، خصوصاً أن الجهاز يضم مبنى عظيماً اسمه المركز الإلكتروني، لكنى اكتشفت أنى واهم. فلابد أن أذهب للجهاز، وأقوم بكل الخطوات بنفسي، بصورة يدوية. وضيعت ثلاثة أيام لإنجاز مهمة كان يمكن أن تتم أون لاين فى ثوانٍ.
معالى الوزير.. أنا من أشد المتحمسين للتحول الرقمي، لكن الموظفين يفرغون كل شىء من مضمونه، فابحث عن حل لمشكلة الموظفين أولاً.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة