د. طلال أبو غزالة
د. طلال أبو غزالة


لأننى أحب الحقيقة وأحبكم

«الوبائى والبيئى» أزمتان لخطرٍ واحد!

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 31 أغسطس 2020 - 06:52 م

بقلم/ د.طلال أبو غزالة

كلنا بات يعرف اليوم ماذا نعنى بـ «الاحتباس الحرارى»، الذى يتسبب بـ «ارتفاع معدل درجات الحرارة غير المسبوق»، وسيؤدى إلى ذوبان الجليد فى القطبين، مما سيزيد ارتفاع منسوب المياه، الذى سيؤدى إلى تغيير فى خارطة اليابسة فى الكون، ولقد عاد مألوفًا الحديث عن مصطلح «تخلخل نقاء البيئة»، من خلال الحديث عن الضّرر البيئى وعلاقة الإنسان به، وعن تغليب مصلحته على مصلحة بيئته الذى يجعلنا فى قلقٍ على مستقبل الكون؛ ونحن نرى الإهمال المستمر مِن قبل المعنيين والمسئولين وأصحاب المصالح، فى السيطرة على الممارسات التى تفاقمت حتى أًصبحت تهدد وجودنا على هذه الكرة الأرضية.
ولعلنا ونحن نتحدث عن «خطر الضرر البيئى المناخي» القادم بكل تأكيد، نستذكر حديث الأمس؛ فاليوم وبعد حوالى العام ونصف العام يُعاد الاهتمام بما كنت قد نشرته عن «الخطر البيئي»، وتُعقَد مقارنة بين الخطرين (الوبائى والبيئي) ومن أشهر مَنْ تصدّى لمحاربتهما «بيل جيتس» الذى يحذّر اليوم من كارثة «التغير المناخي» البيئية التى هى من صنع البشر، قائلا: «إن هذه الكارثة البيئية ستكون ذات تأثير أسوأ من الجائحة التى كبّدت الاقتصاد العالمى خسائر ضخمة، وإنه مهما كان أثر الجائحة مروّعًا، فقد تكون تغيّرات المناخ أسوأ من ذلك».

وقد أشرتُ فى مقالى فى مايو 2019 إلى أنّه وعلى مدى عقودٍ متتالية، كانت قد اتّخذت دول العالم إجراءاتٍ لمعالجة «الخطر البيئي» القادم، وهى إجراءات علاجية، ربما تساهم فى إبطاء تفاقم الأذى، ولكنها لم تعالج إلا القدر البسيط من المعضلة، على أهميتها، التى منها منع استخدام السوائل المضغوطة، واستبدال المواد البلاستيكية، غير القابلة للتّحلل، بالمواد الورقية.

إننا أمام مشكلة كبرى. بات العالم غير قادرٍ على تجاهلها، أو إيجاد حلّ جذرى لها، كيف لا! وقد تكيّفتْ حياتنا اليومية البسيطة منها والمعقدة مع أدوات الحضارة التى تنتجها تلك المصانع على امتداد الكون والتى هى السبب الرئيس فى هذه المشكلة؛ من خلال ما ينبعث منها من غازات كربونية مدمّرة للبيئة، وبالتالى ستدمر قاطنيها!

وقد أسعدنى أن أطَّلع هذا الأسبوع على بيان صادر عن قائد المعرفة (بيل جيتس) قارن فيه بين خسائر وباء (كورونا) فى الكون والخسائر المتوقعة لتغيّر المناخ والاحتباس الحرارى، قائلا: «إن وفيات فيروس كورونا بلغت 14 وفاة لكل 100 ألف، بينما نسبة الوفيات بسبب ارتفاع درجات الحرارة على الأرض مشابهة للسنوات الـ40 القريبة، وستزيد عنها بنحو 5 أضعاف بحلول عام 2100».

إن العالم أمام أزمة كبرى.

وإن حديث (بيل جيتس) للذى كنت قد قلته سابقًا يُؤكّد أمرين: الأول نفى «نظرية المؤامرة فى قصة وباء كورونا»، التى من أهمها «أنه وراء انتشارها» ! و» أنه يريد التخلّص من 15% من سكان الأرض، تحت ستار تلقيحهم» ! والثانى أننا أمام أزمة حقيقيّة تتشابه مع الأزمة «الوبائية» إنها الأزمة «البيئية»، التى لا تقل خطرًا عنها، وما يختلف بين الأزمتين أن الثانية هى من صنع البشر وليس الأولى.

وعلينا أن نحمى البيئة، وأن نفضل ذلك على أى هامش ربح، كما حصل مع تزوير بيانات شركة «فولكس فاجن الألمانية» لبيانات إخفاء نسبة الانبعاثات الضّارة من مصنعها؛ مما أدى إلى تعرضها إلى المساءلة القضائية، ودفع غرامات قُدّرت بالمليارات! فكيف يستقيم هذا مع إنكار الرئيس الأمريكى المشكلة أصلا، وعدم قبولها، جملة وتفصيلا، وعدها اختراعًا صينيًّا؛ غرضه إلحاق الضّرر بالصّناعات الأمريكية! بل وانسحبت أمريكا من معاهدة باريس للمناخ، القرار الذى أقلقنا جميعًا.

لقد كرّس هذا الانسحاب «الخطر البيئي»، وإننا أمام لعبة مصالح وحماية أرباح؛ مما أظهر خلال الأشهر المتلاحقة لهذا الانسحاب تحذيرات فى الصحف الأمريكية والعالمية، وأخرى من عضو مجلس النواب الأمريكى السيدة «الكسندريا أوكازيو كورتيز» التى قالت: «إن العالم سيدمّر خلال 12 عامًا»!

إن أسباب «الخطر البيئي» معروفة كما أن أسباب «الخطر الوبائي» معروفة، وعلينا كما احتطنا للثانية وقوّمناها أن نحتاط للأولى ونقوّمها، من خلال فريق الأمم المتحدة لمعايير المحاسبية والإبلاغ (UN ISAR) الذى تكلفت برئاسته عام 1999 من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، وكنّا قد وضعنا لهذه الغاية «معايير محاسبية للمسؤولية البيئية»، جاء ذكر لبعضها خلال ندوة بعنوان «الإشراف البيئى فى العالم العربي» التى عقدت ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادى العالمي، فى الأردن عام 2019، وقد تداول النشطاء أهمية «حماية البيئة»، من خلال كبح كل ما يؤذى «التّوازن المناخيّ»، والتركيز على «الطاقة البديلة» والاستغناء التدريجى عن الطاقة التقليدية الملوّثة، وبث ثقافة أهمية «تدوير النفايات» وغير ذلك.

وأخيرا فقد آن الأوان لرعاية فريق من خبراء «الذكاء الاصطناعي»؛ لابتكار حلول ذكيّة من شأنها تقليل أثر العوادم المصنعيّة الضّارة، لتصبحَ غير سامة تحت شعار «بيئة نظيفة لعيشٍ ذكىّ».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة