د. سارة الذهبى
د. سارة الذهبى


يوميات الأخبار

طفل المرور... الجانى والضحية

الأخبار

السبت، 07 نوفمبر 2020 - 07:21 م

وأعتقد ان تسارع الأحداث واستياء الرأى العام يمكن من رحمة ربنا بالولد

بين يوم وليلة أصبح الطفل أحمد أبو المجد ذو الـ ١٤ ربيعاً - وأنا مصرة هنا على تلقيبه بالطفل لأنه طفل ومازال طفلاً رغم سلوكياته اللى أثارت غضب واستياء الشعب المصرى كافة - حديث الساعة بين أوساط السوشيال ميديا والإعلام المصرى والصحافة بعد فيديوهاته مع رجال المرور المصرى ومع أصحابه ومع ناس تانية كده مش عارفاهم كان بيتفاخر فيهم بإهانته لرجال المرور الشرفاء وانه بيتحامى فى منصب أبوه المستشار ومش خايف بل بالعكس وصلت بيه البجاحة بتصوير كل الأحداث ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى بدل المرة اتنين وتلاتة !
وطبعاً كعادة مجتمعنا المصرى قامت الدنيا ومقعدتش ونزلت سلخ فى الولد - وهو تصرفاته تستاهل السلخ طبعاً - وإلى الآن مازال السلخ مستمراً والرأى العام كله مستاء من واقعة طفل المرور...
والصراحة انى لقيت نفسى بتابع كل فيديوهات الولد ده بمنتهى الشغف من أول فيديو ليه مع رجل المرور - اللى أدى دوره وشغله بمنتهى النزاهة والهمة والتفهم لسن الولد ودى نقطة فى صالحه وجب ذكرها - للفيديو التانى ليه مع رجل مرور آخر وهو بيكلمه بمنتهى العجرفة وعدم الاحترام، للفيديو التالت مع أصحابه بعد خروجه من النيابة بسم الله ماشاء الله ولا كإنه عمل حاجة وبيسخر وبيفتخر انه خرج عادى ومحصلوش حاجة ؛ للفيديو الأخير اللى اعتذر فيه لكل الناس بما فيهم والده. وإصدار والده المستشار بيان اعتذار لجموع الشعب المصرى..
والصراحة معرفش انا ليه كانت شدّانى جداً فيديوهات الولد، يمكن عشان اهتمامى بالمواضيع الاجتماعية والأسرية فى المقام الأول، يمكن إحساس الأم الغريزى وتفكيرى بعاطفة وشغف الأمومة شوية واستغرابى ازاى الولد وصل للمرحلة دى من العجرفة وعدم الاحترام، ويمكن عشان الولد بقى تريند اسم النبى حارسه وصاينه وخايفة يكون فى منه نُسخ تانى بيتحاموا فى مناصب أهاليهم وفاكرين نفسهم فوق القانون وهيظهروا فى المجتمع بالتتابع بعد ما أخدوا الثقة من اللى عمله طفل المرور .
بس أكتر حاجة لفتت انتباهى بعد متابعتى لكلام الولد وتصرفاته وأفعاله ان ده مستحيل يكون طفل عنده ١٤ سنة، لا ده كلام طفل ولا أفعال طفل ولا وقفة طفل بيكلم واحد قد والده فى السن! كل تصرفاته لا تمت للطفولة بصلة لا من قريب ولا من بعيد.
الولد حرفياً اغتيلت براءته، اختفت ملامح طفولته واعدمت فى ميدان عام كمان؛ وواضح ان الاغتيال ده حصل من فترة ليست بالقريبة. براءته اغتيلت بالدلع الزيادة عن اللزوم وان الننوس كل طلباته أوامر مطاعة وان كل اللى بيحلم بيه بيتحقق حتى لو كان حلمه ده غير مشروع وغير قانونى لدرجة انه بيسوق عربية صاحب باباه - واضح ان الدلع مش من باباه ومامته بس لا من أصحابهم كمان - يعنى طفل سايق عربية صاحب باباه اللى بمليون جنيه مثلاً وبياخد بيها لفة مع أصحابه اللى أكبر واحد فيهم مطلعش بطاقة وماشى بكارنيه النادى وده آخره و محدش فيهم خايف من حد و بيبجّحوا .
ولما أمين الشرطة وقفه وطلب منه رخصة السواقة ورخصة العربية زعقله وتطاول عليه لفظياً وخلى أصحابه يصوروه عشان يوثقوا قد ايه ابن المستشار جامد وهو بيقول للأمين بزعيق « فين كمامتك.. ابعد عنى ومعاييش رخصة» ومشى بالعربية بأقصى سرعة وكان هيدهس الشرطى !!
وبعدها فى ڤيديو تانى ليه مع فرد شرطة آخر بيقوله بسخرية وكِبر « انا كان فى ايدى آكلك علقة اموتك» و « احنا مش بنتحبس احنا بنحبس بس»!!
وكان عنده اصرار يستفز أمين الشرطة بكل الطرق بس الثبات الانفعالى اللى كان عند أمين الشرطة يُدرس..
انا بعتذر ان الكلام صادم ومُحزن بس فى الحقيقة انا حزينة على اللى وصلّه الولد ده!!
يا ترى ايه اللى يخلى طفل بعمره يحس انه فوق القانون و فوق أى عقاب وانه من طينة و باقى الخلق من طينة تانية و يُفجر بالشكل ده..
جاب الجبروت ده منين؟
جاب البجاحة دى منين؟
جاب الثقه دى منين؟
ايه اللى يوصل ولد فى عمره انه يقول» احنا مش بنتحبس احنا بنحبس بس»..
ايه اللى يخلى ولد يقِل أدبه على راجل كبير فى سن والده بغض النظر عن مهنته!!
ويكرر قلة أدبه بدل المرة اتنين وتلاتة وفرحان بنفسه وبيوثق مصيبته دى بفيديوهات من غير ما يخاف ولا يختشى!
(احنا مش بنتحبس ، احنا بنحبس بس)
جملة مفيهاش غير لغة تعالى ونرجسية مفرطة وأكيد ده سلوك طبيعى لطفل فى سنه عمره ما شاف عقاب أو توبيخ أو حتى لوم من قريب ولا من غريب.
ويمكن يكون اتربى ان الجملة دى عادى تتقال وعادى يستخدمها فى حياته بل تكون اسلوب حياة مفيهاش لا غلط و لا عيب!!
لإن الطفل مرآة و انعكاس لبيته و أهله..
محدش يقدر يقول لحبيب پاپى ومامى لأ...
لإنه ابن سيادة المستشار..
وعلى فكرة رغم كل اللى قولته ده، انا مشفقة عليه؛ ايوه زى ما حضرتك قريت كده بالظبط، انا مشفقة على الولد، لإنه نتاج لتربية غلط ولدلع بايخ بعض الأهالى بتلجأ اليه للتعبير عن حبهم لولادهم و بتكون النتيجة فساد ولادهم و تشوية براءتهم..
أصل قولى ايه هى الخبرات الحياتية عند ولد عنده ١٤ سنة عشان تكون طريقة كلامه و تصرفاته كده الا لو كانت دى طريقة تربيته اللى كبر عليها..
هل فعلاً الولد ده هو الجانى الحقيقى فى كل أفعاله المشينة، هل الولد اتولد من بطن مامى كده يعني؟؟ شبح فى نفسه كده ومش هامه أى حد قدامه. أكيد لأ الولد ده ١٤ سنة پاپى ومامى بيشكلوه بالشكل ده لحد ما خرج لى وخرج لحضرتك بالمنظر اللى انت شفته؛ البيت لو كان قام بدوره صح عمره ما كان هيبقى كده؛ الأم لو كانت بتقوله ان فى حاجة اسمها رحمة لو انت فى ايدك قوة او سُلطة وغيرك معاهوش عمره ما كان هيبقى كده.
طفل المرور خلانى اتذكر شاب الفريسكا (ابراهيم عبد الناصر) اللى قلب برضه السوشيال ميديا بس بسبب تفوقه الدراسى وحصوله على مجموع ٩٩.٦٪ اللى أهله لدخول كلية طب بشرى ورغم تفوقه كان بيلف شواطئ الاسكندرية لكسب الرزق الحلال.. شاب تمرت فيه تربية أهله وحب يردلهم الجميل بتفوقه العلمى وبأخلاقه اللى اتسمت بالرجولة وتحمل المسئولية واثباته لأهله انهم خلّفوا راجل يُعتمد عليه..
أصل التربية يا سادة ملهاش علاقة بغنى أو فقير...
بمستشار أو بائع فريسكا...
التربية أصلها بيت فيه أب وأم عِرفوا يربوا... فاهمين ان دورهم زرع قيم ومبادئ..
تربية قايمة على الدين و الحلال و الحرام..
مش قايمة على الفلوس والنوادى والعربيات والبعزقة والفشخرة والدلال المفرط الماسخ ..
طفل المرور منتج استمرت عمليه صناعته وانتاجه ١٤ سنة لحد ما خرج للنور لينا بالشكل ده، ولو ان الفيديوهات مكنتش خرجت للنور بالشكل الفج والمستفز ده ربنا وحده اللى يعلم الولد ده كمان كام سنة كان هيبقى عامل ازاي؛ كان هيهين كام شخص و يستهتر بالقانون كام مرة ويتجرأ على القانون كام مرة وهيئذى كام واحد وهو فرحان بنفسه وهو بيذل الناس!! والغريب ان بعد ما النيابة العامة قبضت على الولد وأطلقت سراحه بعد تعهد من أهله بتقويم سلوكه الا انه الولد نشر فيديو بعدها علطول بيتنمر فيه على شرطى آخر..
فأمر السيد المستشار النائب العام ان يتم التحفظ على الولد والحاقه بدار رعاية للملاحظة وعقد جلسات لتقويم السلوك زى ما نص المركز القومى للأمومة والطفولة لإن أهله مش قادرين عليه ولم يلتزموا بما أقرته النيابة العامة ...
يعنى الطفل عنده عِند وكِبر محدش قادر يسيطر عليهم، حتى أهله..
وأخيراً أصدر أبو الطفل، المستشار بيان اعتذار للشعب المصرى كافة عن كل ما سببه ابنه باستهتاره وقلة احترامه...
وأعتقد ان تسارع الأحداث واستياء الرأى العام يمكن من رحمة ربنا بالولد عشان تكون قرصة ودن ليه ولأهله وجات له فى السن ده؛ لعل وعسى ان يكون هناك تقويم من شخص ما قريب منه قبل ما يفوت أوان التقويم.
ولعل هناك من يُنقذ ما يمكن انقاذه..
العِبرة من قصة طفل المرور ان تربيتك لأولادك مش رفاهية.. ياريت كل واحد قرر يخلف ويجيب أطفال للدنيا يربيهم ده لو مش هنتقّل عليكم..

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة