فرانك جوديو
فرانك جوديو


حضارة أذهلت العالم.. أهم الاكتشافات الأثرية في القرن الـ20

شيرين الكردي

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2020 - 01:05 م

يعتبر القرن العشرين من أهم العصور فى الاكتشافات الأثرية المصرية القديمة، والتي أحدثت ضجة كبيرة فى مختلف دول العالم، لما تحمله من قيمة أثرية وتراثية متميزة لتاريخ وحضارة عريقة مثل الحضارة المصرية القديمة.

وقام بهذه الاكتشافات المثيرة علماء آثار أفذاذ حققوا نتائج وإنجازات مذهلة لم يسبق لها مثيل حين نقبوا ونشروا حضارة مصر القديمة على العالم أجمع.

وتسلط "بوابة أخبار اليوم" الضوء على أهم أكتشافات وادى المومياوات الذهبية، وآثار الإسكندرية الغارقة، وعلى فترة مهمة من تاريخ مصر فى بداية العصر الرومانى، ولذا يكشف الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، من خلال السطور التالية ـ وفقا لكتاب أسرار الآثار "توت عنخ أمون  والأهرامات والمومياوات" للدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية.

 

وادى المومياوات الذهبية

فى عام 1999م، قام الدكتور زاهى حواس وبعثته الأثرية بالكشف فى منطقة الواحات البحرية فى الصحراء الغربية - تبعد عن القاهرة حوالى 385 كيلومترا- عن واحد من أهم الاكتشافات الأثرية فى القرن العشرين الذى أذهل العالم أجمع منذ لحظة اكتشافه إلى الآن.

ويجىء هذا الاكتشاف ليلقى الضوء على فترة مهمة من تاريخ مصر فى بداية العصر الرومانى، محاولا تكثيف بؤرة الضوء على منطقة الواحات البحرية.

وأحدثت المصادفة البحتة هذا الاكتشاف فى يوم 2 مارس عام 1996م، عندما غيّر حمار الشيخ عبد الموجود، حارس معبد الإسكندر الأكبر، طريق عودته الليلية بعد انتهاء نوبة حراسة صاحبه، فغاصت قدما حماره فى حفرة، فهبط الشيخ عبد الموجود من على حماره ليستطلع الأمر، فنظر فىها فلم ير غير شىء يبرق فى الظلام، فذهب إلى مدير آثار الواحات البحرية، ليخبره بما رأى، ولم يكن هذا الذى رآه الشيخ عبد الموجود سوى قناع ذهبى يغطى وجه مومياء، ومن هنا جاءت تسمية الوادى باسم "وادى المومياوات الذهبية".

 

وقام أثريو الواحات البحرية بإجراء مسح أثرى أولىّ للموقع المكتشف، فتأكدوا من صدق كلام الشيخ عبد الموجود وحقيقة الاكتشاف، فأخطروا الدكتور حواس.

وبدأت أعمال الحفائر العلمية المنظمة فى مارس عام 1999م، فكشفت النقاب عن عدد هائل من المومياوات الذهبية، جعل الدكتور حواس يرجح امتلاء هذا الوادى بعدد كبير منها، فى مساحة مكانية كبيرة، تستغرق زمنا طويلا من أعمال الحفائر المنظمة؛ فلم يكتشف فى المواسم السابقة سوى عن 250 مومياء.

وتعود المومياوات المكتشفة إلى القرنين الأول والثانى الميلاديين، عندما كانت مصر تحت الحكم الرومانى. وتظهر هذه المومياوات المكتشفة، استمرارية الديانة المصرية فى هذه الفترة على الرغم من وجود المعتقدات اليونانية والرومانية الخاصة بالطبقة الحاكمة، التى تأثرت بدورها بالديانة المصرية القديمة، وأغلب هذه المومياوات المكتشفة ذات أقنعة وصدور مذهّبة ومزخرفة بنقوش هيروغليفية ورسومات دينية.

آثار مصر الغارقة

فى عام 1994م، وصلت البعثة الأثرية الفرنسية برئاسة جان-إيف إمبرير المكوّنة من 30 غواصا إلى الإسكندرية. وبدأ العمل يأخذ شكلا آخر، وكشف المسح الذى قام به إمبرير فى الميناء الشرقية بالقرب من قلعة قايتباى المملوكية عن وجود أكثر من 300 كتلة ضخمة (بلغ وزن بعضها حوالى 75 طنا)، واعتقد المكتشف أنها تمثل بقايا فنار فاروس الأسطورى (إحدى عجائب الدنيا السبع) فضلا عن عدد من العناصر المعمارية (أعمدة ومسلات)، وتماثيل على خط الصخور الموازى للساحل، وتاج جرانيتى ضخم لبوابة بطلمية وتمثال للملك رمسيس الثانى على شكل "أبو الهول".


 وكان أول القطع النحتية التى استخرجها إمبرير من البحر جذع الملكة البطلمية الذى رفع فى 4 أكتوبر 1995م، وتلاه بفترة قصيرة اكتشاف تمثال ضخم لملك بطلمى، ثم توالت الاكتشافات الأثرية بصورة مذهلة. وقاد فرنسى آخر، هو فرانك جوديو من المعهد الأوربى للآثار الغارقة، مشروعا ثانيا لاكتشاف آثار المدينة الغارقة.

وعمل جوديو على البقايا الغارقة من الأرضية الرخامية الموجودة فى ميناء الإسكندرية الشرقية، فظهرت أعمدة ساقطة فى مواقعها الأصلية، ووقعت على خرائط مساحية كونتورية، وقال عنها الجغرافى الإغريقى استرابون، الذى زار مكتبة الإسكندرية فى عام 25 ق.م.، أى بعد مرور حوالى خمس سنوات على حدوث موقعة "أكتيوم" البحرية، : "إن شعورا رائعا يغشى بقايا المدينة".

 بينما قال جوديو عن اكتشافاته: "أفكر عندما ألمس تمثالا أو كأسا أن الملكة كليوباترا، ربما تكون قد سبقتنى إلى الفعل نفسه"، ثم توالت الاكتشافات الأثرية تحت مياه بحر الإسكندرية بواسطة بعثات مصرية.

مدينة كليوباترا المفقودة: كنوز يحتضنها البحر:

تم اكتشاف قصر كليوباترا قبالة شواطئ الإسكندرية والذي كان مفقوداً لمدة 1500 سنة مضت، وقام فريق من علماء الآثار البحرية بقيادة فرانك جوديو الفرنسي، حيث بدأ الحفر في المدينة القديمة في عام 1998، ويعتقد المؤرخون ان المياه قد غمرت الموقع من الزلازل وموجات المد والجزر وتحول مجرى نهر النيل الذي غمر القصر، ولكن بشكل مدهش ظلت العديد من القطع الأثرية سليمة إلى حد كبير.

وكان من بين الاكتشافات أساسات القصر، وحطام السفن، والأعمدة الجرانيتيه الحمراء، وتماثيل للآلهة إيزيس وأبو الهول، وتخطط الحكومة المصرية لإنشاء متحف تحت الماء وعقد جولات في موقع المدينة الغارقة.

مدينة الإسكندرية وهرقليون

يعد "هيرقليون"، هو الاسم الذي أطلق على مدينة أبوقير القديمة، التي غاصت في مياه خليج أبو قير، والتي لاقت نفس مصير الإسكندرية بقصورها الملكية ومعابدها، التي غاصت هي الأخرى تحت أقدام الميناء الشرقي، بين قلعة "قايتباي" و"لسان السلسلة"، في أواخر القرن الثامن، ولم يكن للآثار الصامدة فرصة للنجاة من الغرق، بعد أن ضربتها زلازل متتابعة قضت على المدينتين.

تقع مدينة "هرقليون" في نفس منطقة أبو قير حاليا، شمال شرقي الإسكندرية، وبجانب كونها مركزًا دينيًا بارزًا، كانت نقطة تجارية رئيسية على البحر المتوسط في القرن السادس.

وأشار إلى أن علماء الآثار، عندما بدأوا الغوص في هذا الموقع في تسعينيات القرن الماضي، اكتشفوا أطلال معبد "هرقليون"، الذي كان مخصصًا لـ"آمون" و"هرقل-خونسو"، كما عثروا أيضًا على تماثيل ضخمة للآلهة وللملوك البطالمة، وزوجاتهم وآنياتهم وجواهرهم، والعديد من السفن الخشبية المحطمة، فضلًا عن مئات آنية "الأمفورا" اليونانية والرومانية، التي جعلت ذلك الموقع شاهدًا على الصلات التجارية الوطيدة بين مصر والإمبراطورية الرومانية.

ويتابع، ترقد أطلال مدينة الإسكندرية الأسطورية تحت مياه الميناء الشرقي، أمام تمثال الجندي المجهول بالمنشية، جعلت من هذه المدينة المتحفية، أسطورة حضارية وأثرية، ولغزًا مدفونًا في أعماق البحر، مشيرًا إلى أن جهات رسمية، والعديد من المنظمات غير الحكومية، بالتعاون مع منظمة اليونسكو، تعمل على بناء متحف تحت الماء؛ لعرض هذه الأشياء للجمهور.

فنار الإسكندرية

ظل تحديد موقع فنار الإسكندرية القديم - أحد عجائب الدنيا السبع- والذي انهار عام 1333 ميلادية، إثر زلزال مدمر، عبر قرون عديدة، لغزًا محيرًا للعلماء، فالثابت تاريخيًا أن الفنار أُنشئ عام 280 ق.م، على يد المعماري الإغريقي "سوستراتوس"، وكان طوله يبلغ 120 مترًا، ويعتقد البعض، أن الحجارة المستخدمة في بناء قلعة "قايتباي" هي من أحجار الفنار، ويعتقد أيضًا أن موقع القلعة هو ذاته موقع الفنار المنهار.

البداية الدمار كانت عام ''702 هـ - 1303 م''، عندما ضرب زلزال عظيم مدينة الإسكندر وألحق دمارًا هائلًا، تصدعت على إثره جدران فنار الإسكندرية، وحينها أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون، حاكم مصر بترميمه.

ومع تتابع الزلازل لم يصمد طويلًا، وأخذت أحجاره في الانهيار، وبعد سنوات قليلة أمر السلطان المملوكي الأشرف قايتباي، بتشييد قلعة حربية مكان الفنار؛ للدفاع عن ميناء الإسكندرية، الذي أخذ يتعرض لهجمات من القراصنة الأوروبيين، وبقايا الصليبيين في جزر المتوسط.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة