أحمس نفرتاري
أحمس نفرتاري


موكب المومياوات الملكية| أحمس نفرتاري الملكة «حلاوتهم» أغنى أغنياء الفراعنة

شيرين الكردي

الأحد، 06 ديسمبر 2020 - 11:25 م

حدث عالمي فريد من نوعه، ينتظره العالم بأكمله يرتبط بنقل 22 مومياء ملكية فرعونية من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة، إذ تتحرك عربات متلاحقة تحمل كل واحد اسم ملك فرعوني، وسط تغطية إعلامية دولية ومحلية عدد كبير من الوزراء والسفراء لدى مصر.

ولا يختلف إثنان على أن نقل موكب المومياوات الملكية أخد أهم المشروعات الأثرية والترويجية للسياحة المصرية المرتبطة بالعام 2020، ولعل إحدى مومياوات الملوك الذين سيتم نقلهم هي مومياء الملكة «أحمس نفرتاري »، حيث قدم الدكتور حسين عبدالبصير، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، عرضًا موسعًا له:

فمن هي الملكة «أحمس نفرتاري » ؟

تعتبر الملكة أحمس- نفرتارى أول ملكات الأسرة الثامنة عشرة، والدولة الحديثة، الفترة الذهبية الثالثة من تاريخ مصر القديمة، وكانت إبنة للملك «سقنن رع تاعا الثانى» وزوجته إياح حوتب الأولى، وتزوجت من الملك، البطل محرر مصر من الهكسوس، أحمس الأول، ويعنى اسمها «ولد القمر- أجملهم (أو حلاوتهم)». 

يقول «عبد البصير»، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، أن هذا لا يجعلنا نخلط بينها وبين الملكة نفرتارى، زوجة نجم الأرض الفرعون الأشهر الملك رمسيس الثانى فى عصر الأسرة التالية، الأسرة التاسعة عشرة. 

وأوضح «عبد البصير»، أن الملكة «أحمس نفرتاري»حملت عدداً من الألقاب الملكية مثل «ابنة الملك» و«أخت الملك» و«الزوجة الملكية العظمى» و«أم الملك» و«زوجة الملك» و«الكاهنة الثانية للإله آمون رب طيبة والدولة الحديثة الأشهر»، ومن خلال هذا اللقب منحها زوجها أحمس الأول وأبناؤها للأبد العديد من الأوقاف، وكذلك منحها اللقب الدينى الجديد «الزوجة الإلهية للإله آمون» الذى جلبه لها الكثير من الثروات.

وأضاف، أن اللقب الديني وهو من الألقاب الجديدة التى ارتبطت فيها نساء البيت المالك بعبادة الإله، رب الدولة الحديثة والإمبراطورية المصرية الأكبر، وكهانته مما يدل على وعى الملوك المصريين بأهمية ذلك المعبود وكهنته، مما جعلهم يدخلون عنصرا نسائيا ضمن عبادة ذلك المعبود واسع النفوذ الذى اتسعت ديانته حتى هددت سلطة الفرعون وصارت سلطة موازية ودولة داخل الدولة حتى ثار عليه وعلى كهنته فرعون التوحيد، الملك أخناتون «أمنحوتب الرابع» قبل ذلك . 

ويعد لقب الزوجة الإلهية للإله آمون لقبا كهنوتيا ليس إلا، ولم تكن حاملة هذا اللقب زوجة فعلية للإله، ولم تكن ضمن حريم الإله؛ لأن البغاء الدينى لم يكن معروفاً فى مصر القديمة كما كانت الحال فى بعض حضارات الشرق الأدنى القديم، ومن خلال هذه الثروات الطائلة التى خصصت لتلك الملكة المعشوقة من زوجها الفرعون، صار ممكنا لهذه الملكة القيام بالعديد من القرابين والطقوس، وأصبح أسمها موجوداً فى عدد كبير من المعابد فى أبيدوس وطيبة وسرابيط الخادم فى سيناء الغالية، حيث كانت تُعبد الربة حتحور التى ارتبطت بشكل خاص بنساء البيت المالك فى عصر تلك الأسرة.

وتم كتابة اسم الملكة مع زوجها أحمس الأول في محاجر الحجر الجيري في منف ومحاجر الألباستر في أسيوط، وعندما قرر زوجها تشييد ضريح لجدته تتي شري، ذكر أنه ناقش أولأ خططه مع "رفيقته" أحمس۔ نفرتاري، وتشير كلمة "رفيقته" إلى مساواة الملكة بالربة "ماعت"، رفيقة الإله رع وكل الملوك، مما يدل على تقدير زوجها لها.

وهذا ليس غريبا على هذا الملك الذي كان حفيا بملكات أسرته المؤسسة للوحدة المصرية بعد احتلال الهكسوس، ومعترفا بفضلهن، جدة وأما وزوجة، في تحقيق حلم التحرير الذي حلمت به جهودهن وتشجيعهن، لم يكن الحلم ليرى النور بعد طول إظلام في طول البلاد وعرضها، فسجل شكره لهن قولا وفعلا في بقاع عديدة من الأرض المصرية الفسيحة.


وأنجبت الملكة أحمس- نفرتاري أربعة أولاد وخمس بنات، مات خمس منهم صغاراً، وبعد وفاة أحمس الأول، قامت بالوصاية على أبنها الصغير الملك أمنحتب الأول، وعند وفاة زوجته الملكة ميريت آمون (وليست ابنة رمسيس الثاني الشهيرة، قامت الملكة الأم بدور الزوجة الكبرى له كي تدعم ابنها الذي مات دون وريث للعرش. 

ولعبت دوراً مهما في أختيار خليفة ابنها، الملك تحتمس الأول، الذي ماتت في عهده، ودفنت في منطقة دراع أبو النجا في البر الغربي للأقصر، وعثر على مومياء الملكة في تابوت كبير مع مومياء الملك رمسيس الثالث في خبيئة الدير البحري، ومن خلال فحص موميائها، تبين لنا أنها مائت في حوالي السبعين من عمرها المديد، وأن يدها اليمنى سرقها اللصوص القدماء للحصول على حليها وبعد وفاة الملكة أحمس نفرتاري تم تقديسها مع أبنها الملاك أمنحتب الأول باعتبارهما إلهين حاميين لجبانة طيبة، خصوصاً في منطقة دير المدينة التي كانت قرية الفنانين والعمال بناة مقابر الملوك في وادي الملوك ومقابر الملكات في وادي الملكات ومقابر النبلاء في جبابات الأفراد العديدة في البر الغربي لمدينة الأقصر وتم بناء معبد لها في طيبة. 

وعبدت إلى نهاية الدولة الحديثة، وتم تصويرها ببشرة سمراء للتعبير عن الخصوبة والبحث؛ ولذا نراها مصورة في مقابر الأفراد بسبب أنها أصبحت إلهة لبث الموتى فؤصفت بأنها
"سيدة السماء"، و"سيدة الغرب"، حيث يرقد الأموات على أمل البعث مع شروق الشمس في الشرق حيث يسكن الأحياء.

كانت الملكة «أحمس-نفرتاري» ملكة عظيمة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، كزوجة وأم وإلهة و وصية على العرش وموجهة لاختيار حاكم مصر الجديد بعد رحيل ولدها دون وريث، فدخلت بجدارة واستحقاق ضمن سجل الخالدات من ملكات مصر العظيمات.

ورغم عدم تحديد موعد حتى الآن للموكب الملكي، بات العالم على موعد مع الحدث الاستثنائي الذي يُنتظر أن تشهده القاهرة قريباً بنقل 22 مومياء ملكية من المتحف المصري إلى المتحف القومي للحضارة، في مسار تم إعداده بعناية لتكون الرحلة آمنة من التحرير إلى الفسطاط.

ومن المنتظر أن تعيد عملية النقل إلى الأذهان ذكريات نقل تمثال رمسيس قبل سنوات إلى المتحف المصري الكبير، وسهر أهالي القاهرة حتى الصباح ليتابعوا موكبه، مع ملايين شاهدوه عبر الشاشات على مستوى العالم.
 

استعدادات وإجراءات مُكثفة وبروفات شهدتها القاهرة، وأيام قليلة تفصلنا عن انطلاق الموكب المهيب الذي تستعد له وزارة السياحة والآثار؛ لنقل المومياوات الملكية، إلى مكان عرضها الدائم، في المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، وسط موكب ملكي مهيب يليق بعظمة الأجداد وعراقة الحضارة المصرية المتفردة، باشتراك عجلات حربية تم صنعها خصيصًا، وعلى أنغام الموسيقى العسكرية، وسط حشد شعبي وإعلامي من المقرر أن يكون غير مسبوق.

والتي لتليق بعظمة ملوك وملكات الفراعنة، ومومياواتهم التي ترجع إلى عصر الأسر الـ17، و18، و19، و20، و22، من بينها 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات، هم: «سقنن رع، مريت آمون، امنحتب الأول، تحتمس الأول، الملكة تي، تحتمس الثاني، تحتمس الثالث، أمنحتب الثاني، أمنحتب الثالث، حتشبسوت، أحمس، نفرتاري، ست كامس، سبتاح، رمسيس الثاني، سيتي الأول، سيتي الثاني، رمسيس الثالث، والرابع، والخامس، والسادس، والتاسع».

وكان متحف الحضارة قد استقبل 17 تابوتاً ملكياً في يوليو الماضي، لترميمها وتجهيزها للعرض، استعداداً لاستقبال هذه المومياوات، فيما أكد الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار الانتهاء من تجهيز قاعة «المومياوات الملكية» بمتحف الحضارة.


اقرأ أيضًا ||موكب المومياوات الملكية| «سيتى الأول».. فرعون أعاد لمصر هيبتها

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة