محمد سعد
محمد سعد


آمنية

هنا «الأخبار»

محمد سعد

الأحد، 13 ديسمبر 2020 - 09:12 م

هى التاريخ عندما يكتب وتتعاقب الأجيال، والابتسامة الدائمة على الوجوه والفرحة التى لا تغيب، هنا الجميع واحد كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، هنا الجميع ينتصر لغاية واحدة وأمل واحد وحلم واحد، هنا التقاليد والمبادىء والقيم هنا بيتى واهلى، هنا جريدة الأخبار.
دائما الاخبار عظيمة بكل ما فيها، من فى خارجها يرنو إليها، فيرى الشموخ والكبرياء تمنى الدخول إلى رحابها وكأنها بيت مقدس، ومن يعيشون بداخلها وبين جدرانها يعرفون معنى الشموخ والكبرياء.
التحقت بها قبل خمسة عشر عاما او يزيد ببضع شهور متدربا بين جدرانها العريقة وعلى ايد اساتذتها ولست ابالغ حين اقول انهم رواد اعظم مدرسة صحفية عرفتها مصر والعالم العربى، لم ينافسهم احد فى مهنيتهم حتى اعظم الاقلام التى لمعت خلال السبعين عاما الماضية فى مختلف الصحف فإن معظمهم تعلم وتتلمذ فى رحاب دار اخبار اليوم.
عندما دخلت اليها اول مرة فى يوليو 2005 كنت قد اكملت عامى الحادى والعشرين منذ ايام قليلة ظللت اتامل من حولى للحظات واقول لنفسى هنا انشىء العملاق مصطفى امين مع توأمة هذا الصرح الباهر، هنا خطى هيكل الاستاذ اولى خطواته نحو الشهرة والمجد، هنا جلس برنس الصحافة محمد التابعى على كرسية، وظلت الاسماء تتوالى على ذاكرتى حتى اننى ظننت ان الرجال لا يخرجون الا من هنا، وشعرت بأن النفس تواقة الى ان اكون واحدا منهم.
عندما تبحث فى تاريخ صحفييها تجدهم ما تخلوا يوما عن كبريائهم وشموخهم لم يكونوا يوما إلا على قلب رجل واحد لا يفرق شملهم خلاف فى وجهات النظر ولا انتماء سياسى، هنا فى الاخبار العريقة يسكن الانتماء ويسرى فى العروق كالدماء وحبل الوصال لا ينقطع وإن ماتت الحياة.
لم تمر ايام على التحاقى بالعمل بها حتى استقررت بالقسم القضائى ليبدأ تدريبى على يد امهر الاساتذة متعهم الله بالصحة والعافية ورحم من رحل منهم عن الدنيا، وطيلة هذه السنوات وانا اشعر بأننى فى بيتى لم افراقه قط ولى فيه اجمل الذكريات فلقد عشت فيه جميع احزانى وافراحى، الى ان جاء شهر اكتوبر الماضى وشرفنى أستاذى الكاتب الصحفى خالد ميرى رئيس تحرير الاخبار ان اتولى مهمة رئاسة الديسك المركزى للجريدة وهو المكان الذى عملت فيه بجانب القسم القضائى منذ اليوم الاول لدخول الجريدة ولكننى كنت قد ابتعدت عنه 4 سنوات لاسباب خارجة عن ارادتى.
المهم اننى لملمت اوراقى وذكرياتى وخرجت قاصدا التكليف الجديد لابدأ فصل اخر من فصول الحياة داخل شارع الصحافة، فمن يعرف مهنة الصحافة يعلم علم اليقين ان الديسك المركزى هو ارقى الاماكن واعظمها فى اى جريدة لانه المسئول عن خروج المطبوعة الى القارئ بشكلها النهائى ورجاله هم الجنود المجهولة فى المهنة.
لم يمر ايام على تولى المنصب الرفيع الذى اعتبره تشريفا بل انه بالنسبة لى كمن ابدل شرفا بشرف، حتى تم ندبى للعمل مديرا لتحرير البوابة الإلكترونية بالمؤسسة، ولا اخفى عليكم منذ ذلك اليوم ورغم اننى موجود فى نفس المبنى العريق ولم اغادر الاخبار ومازلت مسئولا عن اهم اعمدتها الا ان الحنين يأخذنى اليها باستمرار واشعر بأن اسعد لحظات العمر تأتى وانا بين حوائطها وانا اجالس اهلها وانا اعمل فيها.
التواجد بين جدران الأخبار إحساس مبهج يدفع بالمشاعر للتحليق فى رحاب عالم آخر، أجواء فاضت مودة ومحبة دائما، وكان الرباط موصولا ولايزال بين أبناء المؤسسة العظيمة جميعهم لم يقطع حبل الوصال عن الآخر، علاقة وثيقة فرضتها قوة القدر والحفاظ على حبل الوصال ممدودا فرض عين على الجميع، جميعنا لديه مسئولية والتخلى عنها هروب.
> مسك الختام
أجدد فى نفوسكم يقظة الشموخ الذى لا ينكسر وعظمة الكبرياء الذى لا يموت لا ننحاز إلا للأخبار العظيمة، الأخبار العريقة، الأخبار التى يموت العمر وهى باقية بقاء الدهر.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة