البروفيسور وجيه حسن المراغي مصمم محطة قطارات تورنتو بكندا
البروفيسور وجيه حسن المراغي مصمم محطة قطارات تورنتو بكندا


حوار| وجيه المراغي مخترع القطار الكندي: مصر عائدة بقوة إلى التصنيع

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 14 ديسمبر 2020 - 05:57 م

◄ تصميم وتشغيل قطار كندا استغرق 18 شهرا 
◄ لم أنقطع عن وطني منذ سفري للخارج
◄ مشروعي  بـ«أونتاريو» كان تحديا كبيرا قبلته لأرفع اسم وطني

كتب: أسماء فتحي

أيقونة مصرية في علوم الهندسة الصناعية، ونظم التصنيع الذكية في جامعة وندسور الكندية، هو البروفيسور وجيه حسن المراغي، مصمم محطة قطارات تورنتو بكندا، والذي صمم ونفذ القطار السريع في أونتاريو، ولد العالم المصري في 5 سبتمبر 1944 بالقاهرة.

متزوج من د.هدي المراغي مستشار وزير الدفاع الكندي، وحصل على الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية، وعمل مدرسا مساعدا بكلية الهندسة جامعة القاهرة، ثم أستاذا للهندسة الميكانيكية، بجامعة غرب أونتاريو بكندا، وله أكثر من 70 بحثا منشورا في المجلات العلمية في مجال الهندسة الميكانيكية، وهندسة الإنتاج، كذلك قدم نحو 300 بحثا استفاد منه عدة دول مختلفة، وهو عضو في عدد من الجمعيات الهندسية، ولديه 4 كتب، وبراءتين اختراع في مجال الهندسة، كما أنه حاضر في العديد من المؤتمرات العلمية والدولية، وحصل على جائزة في الهندسة الميكانيكية من كندا، كما حصل علي وسام ملكة إنجلترا في الهندسة الصناعية في كندا.


ليصبح د.وجيه حسن، حفيد الشيخ المراغي، شيخ الأزهر، علامة فارقة يشار إليها بالبنان في المؤتمرات العلمية، والمحافل الدولية، كونه من أهم 10 أساتذة للهندسة الصناعية حول العالم.

أبدع "المراغي" في مجاله وحقق كثير من الإنجازات، حتى حصد ثمار ما زرعه لسنوات بأوسمة لم يسبقه إليها أحد وكان هو أول من تقلدها.

البداية كانت من بيت عائلته بمنطقة حلوان، محافظة القاهرة، والانطلاقة نحو العالمية كانت في كندا، والرحلة نرصدها في حواره لـ«الأخبار المسائي».. 

 

 

◄ كيف كانت البداية ثم الانطلاقة إلي العالمية؟

سافرت من مصر وعمري 28 عاما، إلى كندا، وكنت قد حصلت علي درجة الماجيستير، ثم بدأت دراساتي لتحضير الدكتوراه، وأثناء ذلك طلب مني تصميم القطار السريع، ثم حصلت على الدكتوراه، وعُينت أستاذا للهندسة الصناعية، بجامعة ويندسور الكندية، وعضواً في المجلس الكندي للاعتماد الهندسي.

ووافقت رابطة مهندسي كندا برئاسة الدكتور ديفيد لينش، على تعييني لمدة ثلاث سنوات، بدأت في  1 يوليو 2019، علي أن تنتهي في 30 يونيو 2022.

ثم شغلت منصب نائب رئيس لجنة المتطلبات الأكاديمية (ARC) للمهندسين المحترفين في مقاطعة اونتاريو الكندية (PEO)،ثم مؤخرا اصبحت أحد أعضاء مجلس خبراء مؤسسة «مصر تستطيع».


◄ ما هي اهتماماتك البحثية ؟

تشمل اهتماماتي البحثية تصميم المنتجات ،ونظم التصنيع، كذلك قمت بتصميم العديد من القطارات مثل LRC الكندي، وقطارات تورنتو ذات الطابقين.

كذلك يسند إلى عدد من مهام المجلس الكندي للاعتماد الهندسي CEAB، والذي يضم في عضويته متطوعين، وأعضاء من كبار ممارسي الهندسة الأكاديميين، والقطاع العام والقطاع الخاص.

كما يعتمد المجلس برامج الهندسة الجامعية لضمان بقاء نظام التعليم الهندسي في كندا من بين الأفضل في العالم، ويتم تطوير جميع معايير وإجراءات الاعتماد من قبل المجلس، بدعم من اعضاء رابطة مهندسي كندا، والذي اشرف بالانضمام إليها.


◄ صف لنا كيف تمت عملية تصميم القطار ؟ وماهي الصعوبات التي واجهتك خلالها ؟

اعتمدت عملية تصميم القطار الكندي السريع علي مرحلتين ،الأولي أن يصمم القطار علي طابق واحد، ويضم 120 كرسيا ،بدلا من 60 كرسي ،مضافا إلي ذلك أن أترك خلال التصميم مساحة كافية تسمح بوقوف 500 راكبا  في كل عربة  من عربات القطار الواحد ،وكان ذلك تحديا آخر، فتصميم عربة قطار بمواصفات تسمح  أن تقل هذا العدد من الركاب، وأن تخرج بشكل جمالي وتصميم مبتكر أيضا ،كان هو المعادلة الصعبة.

أما المرحلة الأخرى في التصميم فكانت لقطار سريع لكن من طابقين .

 

◄متي بدأت عمليتي التصميم والتنفيذ ؟ وهل نجحت التجربة ؟

بدأت التصميم والتنفيذ في عام 1975وتم التصميم علي أعلي مستوي ،وأكاد أجزم أن التجربة قد نجحت ،لأن الخبراء الكنديين، وأساتذتي الذين رشحوني لهذا المشروع، أكدوا أن هذا القطار السريع مصمم بكفاءة عالية ،وجودة ،و متانة ،تجعله يعتمد عليه كوسيلة انتقال للكنديين بين مختلف ضواحي كندا ، و مقاطعاتها ،لمدة 75عاما آخرين .

◄ ما المدة التي استغرقتها عملية التصميم؟ ومتي كان التسليم ؟

اشترطت الشركة التي أسندت إلي مشروع تصميم وتنفيذ القطار الكندي السريع ،أن تتم عمليتي التصميم والتسليم في مدة اقصاها 18شهرا، ونجحت خلال هذه المدة في التصميم، الذي وفقت في تنفيذه بشيء من الابتكار، وقمت انا وفريق العمل المعاون ،بعمل عدة تجارب خلال تلك الفترة، استغرقت وقتا كبيرا من المدة المحددة في الحسابات الهندسية الدقيقة ،حتي تم تحديد الطريقة المناسبة لسير القطار المطلوب تنفيذه، خاصة وأن القضبان هناك كانت متهالكة، حيث استغرق التصميم أقل من عام ،ثم عملية الإنتاج التي تمت داخل المعمل ،وخارج المعمل والتجربة علي  القضبان  الحديدية وتصميم المسبوكات الحديدية أيضا، والتي تحفظ توازن القطار أثناء سيره، باقي المدة.

ويعد هذا رقما قياسيا تتم خلاله  عمليات التصميم، والإنتاج، والتسليم ،ونجحت التجربة منذ أول يوم لاستخدام قطار كندا السريع كوسيلة للانتقال.

 

◄ ما هو المبلغ الذي تقاضيته عن عملك  في هذا المشروع ؟

باعتباري المهندس المسئول عن تصميم، وتنفيذ، وتشغيل، القطار السريع في كندا، وأيضا تطويره كان لي راتبا محددا، دون زيادة او عمولة، لأن هذه طبيعة عملي ووظيفتي.

لكن الشركة التي أسندت لي المشروع اعتبرت التصميم والتطوير الذي قمت به براءة اختراع ،وتم تسجيله كملكية فكرية ،و أعطوني مكافأة تشجيعية قيمتها 50 دولار عند التسليم ،فنظام الشركة يعتبر أي عمل يقوم به مهندس، تتضمن مهام وظيفته التصميم أو التطوير  من صميم مهامه وليس عملا إضافيا ، يتقاضي عنه أجر زائد.

 

◄ بعد نجاح التجربة.. قمت بتطوير مشروع القطار الكندي السريع؟ ماذا كانت الأسباب؟

عندما نفذت مشروع القطار السريع في أونتاريو بكندا، ازدادت الهجرة إليها ،وهي في طبيعتها مدينة صغيرة المساحة، وازداد بالتالي عدد السكان هناك في ذلك الوقت، فظهرت الحاجة إلي زيادة عدد القطارات، والمشكلة الأكبر في تلك المرحلة، تكمن في أن القطارات آنذاك كانت للركاب والبضاعة معا، وكان لابد من تعديل لفصل قطارات الركاب، عن قطارات البضائع، كذلك أن تزداد عدد المحطات وأن تتوسع المساحة والمسافة بحيث تجوب القطارات كل مقاطعات كندا، وكان ذلك أيضا تمهيدا لتصميم وتنفيذ القطار السريع ذو الطابقين.

 

◄ ماهي المواصفات والمعايير التي قمت بمراعاتها خلال تنفيذ مشروعك ؟

كان هناك ضرورة أن يوجد اختلاف في عملية التصميم والتنفيذ والتشغيل ،وأن يتوافر في القطار الكندي السريع عدة مواصفات، ومعايير ،تمثل أهمها في أن تكون سرعته بمعدل 1500ميل في الساعة، وأن يكون مريح في تصميمه في ذات الوقت،  بحيث لا يشعر الراكب بالضيق ،خاصة إذا كانت رحلته في الانتقال من مكان لآخر طويلة، أو لمسافة كبيرة، وهذه عملية دقيقة جدا .

وكان علينا أن نفرق في التصميم والخدمة المقدمة للراكب، بين المترو المحدود بعدد محطات معينة، والقطار السريع الكندي، الذي يجوب كندا بأكملها ،في ظل ظروف قاسية جدا، وطقس شديد البرودة، وعوامل جوية منها تساقط الثلوج والتي كانت تغطي كندا بأكملها تقريبا، فضلا عن التلوث الذي تخلفه الزيوت المستخدمة بالقطار، بالإضافة إلى قضبان سكك حديدية متهالكة منذ 30 عاما، فصمم القطار بمواصفات ومعايير تتحمل هذه الظروف الجوية القاسية بـ 50 درجة تحت الصفر، و50 درجة فوق الصفر، وأجريت تجارب علي قوة تحمل القطار لهذه الظروف الجوية المختلفة ،في غرف مغلقة بمركز البحوث الكندي، تتوافر فيها  نفس الظروف في الواقع العملي ،فقد صمم القطار  بمعايير توفر كافة سبل الراحة للراكب، تجعله لا يشعر بالذبذبات التي يحدثها القطار أثناء الحركة.

اقرأ أيضا: حوار| رئيس جامعة سوهاج: لدينا 3 براءات اختراع لعلاج كورونا

 

◄ ساهمت في تطوير صناعة السيارات في كندا بما أحدث تقدما كبيرا في هذه الصناعة هناك..هل يمكنك نقل هذه التجربة الصناعية إلي مصر ؟

إن مصر عائدة وبقوة إلى التصنيع من جديد وهو ما ظهر في معرض التسليح "إيديكس 2018"، وهناك اتجاها لتصنيع سيارات مصرية صديقة للبيئة بأسعار مناسبة للجميع.

وتصنيع سيارة مصرية في بلدي ،هو حلم دأبت على تنفيذه ، و أنه قيد التنفيذ بالتعاون مع وزارة الانتاج الحربي، كما أن هناك ضرورة لنقل أنظمة التشغيل والتصنيع الذكي للمصانع المصرية لتعتمد عليها في إنتاجها.

 

◄ هل يمكن تطبيق مشروع هذا القطار في مصر؟

يمكن بشكل كبير تطبيق مشروع القطار الكندي السريع في مصر ،بالتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع، خاصة في المدن الجديدة، كمدينة 6أكتوبر، والشروق، والسخنة، والعاصمة الإدارية الجديدة، ويمكننا تصميم عرباته بأن تضم 175 راكبا جالسين، إلى جانب توفير أماكن الوقوف 500 راكبا، وفي هذه الحالة سيحمل القطار عدد كبير من الركاب أكثر من الأتوبيسات ،ويمكن توفير خط كهربي لذلك، أي أن يسير القطار بالكهرباء.

كذلك استخدام القطار الكهربي السريع سيقلل من العادم الناتج من عملية احتراق الوقود، وبالتالي يقلل من تلوث البيئة، كما أن القطار في هذه الحالة لا يكلفنا في أموالا طائلة عملية الصيانة التي طالما أرهقت كاهل الدولة بالأعباء، فضلا عن أن ما يحدث في مصر من  توسع عمراني، يتطلب لتنفيذ هذا المشروع ، مه استخدام الجرارات التي تعمل بالكهرباء، كبديل لجرارات الديزل.

◄ برأيك.. كيف يتم توطين الصناعة في مصر ؟ خاصة وأن وزارة الدولة للهجرة بصدد إطلاقها لمؤتمر «مصر تستطيع بالصناعة» خلال الشهر الجاري؟ 


إن توطين الصناعة في مصر يعتمد بالأساس علي سد المنتج المحلي لاحتياجات المواطنين ،وتقليل الاستيراد قدر الإمكان، خاصة في المنتجات التي يمكن تصنيعها محليا ووقف استيرادها، ولعل أزمة كورونا التي ضربت العالم بأكمله، ساهمت كثيرا في ذلك، خاصة في ظل الإجراءات الاحترازية التي تفرضها مصر، ودول العالم بسبب هذه الجائحة، وإطلاق ثورة صناعية رابعة في العام الماضي، ووضع نماذج مختلفة لها، بحسب ما يحتاجه السوق المصري، وكذلك المواطن المصري ساهم بشكل كبير في الاستفادة منها بشكل كبير، فضلا عن  تدريب المصريين بـ«مركز التميز المصري».


وأوضح أنه يعمل منذ فترة علي ذلك، بمساهمة عدد  من العلماء المصريين في كندا، فالاتجاه الآن أصبح العمل علي تحقيق إنتاج محلي عل مستوى عالمي، وهذا يتماشى مع توجه الدولة نحو توطين الصناعة والانطلاق منها إلي المنافسة عالميا وتحقيق التنمية طبقا لاستيراتيجية التنمية المستدامة 2030،فأنا لم أنقطع عن مصر منذ سفري للخارج، وأقدم لطلاب مصريين من خلال منحة أعتمدها لهم سنويا لتدريبهم علي علوم الهندسة وتطوراتها في العالم، لا تقل تكلفتها للطالب الواحد عن 25 ألفا، بتمويل شخصي، كما اقترح أيضا استحداث  تدريس بكالوريوس الهندسة الأدبي بجامعة  «ويندسور» في الجامعات المصرية لتحقيق استراتيجية  التنمية المستدامة .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة