خالد رزق
خالد رزق


مشوار

الأرض المعشوقة أسباب للكره

خالد رزق

السبت، 19 ديسمبر 2020 - 06:01 م

بينى وبين سيناء شمالها وجنوبها كثير كثير جداً ليس فقط لأنى كنت بين أوائل المدنيين المصريين أبناء الوادى الذين حلوا بجبل الطور بعد أيام من انسحاب العدو الصهيونى منها ولا لأنى ومنذ بدايات عملى بالصحافة قبل 30 عاماً كلفت بمتابعة سيناء كلها ولمدة قاربت 15 عاماً ولا حتى لأنى عبر هذه السنين أسست علاقات صداقة وارتبطت وجدانياً بأهلها الطيبين، وإنما لأنى وعلى هذه الأرض المقدسة المباركة وتحت سمائها الضواءة بالنجوم كنت دائماً ما أجد راحة نفسى وفسحة الزمان وبراح المكان لأدير وحالى حوارات الذات والمصير وحتى أسئلة الوجود نفسها.
ربما يرى من لم يعرف سيناء أو كان زارها أى عدد من المرات من دون أن يتحد وطبيعتها ويندمج وأهلها فيما أقول عن أرض القمر كلاماً شاعرياً منمقاً، لكن الأكيد أن من عاشوا سيناء وتلحفوا بسمائها فى غياب القمر يدركون بالضرورة أن ما أقول هو أقل كثيراً عن حقيقة كيف تشعرك هذه الأرض بوجودك، وكيف تتغلغل روحها داخلك فتعرف أنها بدورها الأرض وكأنما تدرك أنك هنا.
بمناسبة ومن دون مناسبة غير الحنين كنت أرتحل إلى شمال سيناء بالأقل مرة أسبوعياً، وترحالى هذا لم يكن فقط للعريش عاصمة الشمال، وإنما كان يأخذنى أياماً وليالى بقلب الصحراء فى بالوظة وبئر العبد والشيخ زويد وعند الأخيرة بالتحديد وحتى رفح عند أقصى حدودنا الشرقية المتاخمة لرفح فلسطين، يبدأ المكان حولك بالتغير، فما بين القنطرة شرق والعريش للطبيعة المحيطة سمات تختلف كلياً عما بين الشيخ زويد ورفح، هنا الطبيعة تأخذك إلى أبعاد أخرى تشى الأرض برمالها وصخورها المغايرة ويشى الهواء نفسه بالتوحد مع ما وراء السلك الشائك لحدودنا، فهنا أنت تقترب كثيراً من بيت المقدس، حيث أقصانا وبيت لحم والقيامة، وهنا تباركك الأرض والسماء بنسائم مرت بالقدس.
وأنا هناك عند رفح دائماً ما كنت أسأل نفسى: كل هذا من سيناء فكيف يكون حالى إن نزلت بالقدس؟! ولأن الجواب المتخيل مستحيل بوجود العدو، احتفظت بكراهيتى للصهيونية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة