ميراث الوجع
ميراث الوجع


ميراث الوجع

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 23 ديسمبر 2020 - 11:47 م

كم هو مؤلم إحساس الفقد، بل إن  لا أحد يستطيع أن يقول أنه لم يفقد شخص أو شيء أو حتي إحساس طوال حياته لأنه ببساطة  شعور ملازم للانسان منذ البداية، ملازم لحقيقة التقدم في العمر، فالرضيع كي يكبر لابد أن يفقد ضمه أمه لصدرها يكبر ليصبح  طفل  يفقد العابه، أوقات لهوه، اصحابه، لحظات سعادته البريئة وقته الذي يلهو فيه، يفقد كل هذا مع مر السنين ليصبح شاباً، و كأنه شعور ملازم للنضج فكلما كبرنا زاد معنا و كبر هو نفسه ليصبح أعمق و أشد تأثيراً.

اقرأ أيضا| مبادرة الوعي الشعبي.. شمعة في مواجهة الظلام

نفقد أشياء، عمل، مال، شعور، أحاسيس و أشخاص في كثير من الأحوال بمحض إرادتهم، ونفقد آخرون بالرغم منا و منهم،  بل أننا حتي نفتقد ما كانت عليه أنفسنا أحيانا في مرحلة من المراحل، نفتقد ما كنا  عليه و نفتقد ما كنا نشعر به في لحظات غالية، و أحيانا نفقد انفسنا في حد ذاتها.

لكننا أبدآ لا نفقد الاحساس بالفقد فهو ملازم لكل مرحلة و لكل وقت، صاحب لا يمل لا نريده لكنه لا يذهب .

سنة الحياة أن نفارق ما و من نحب كما يمر كل مُر، فالفقد في حد ذاته عمليه طبيعية، نعم تؤذينا لكن ليس بقدر ما تؤذينا توابعه و تأثيراته بداخلنا، فهو يأتي بمجموعة من التأثيرات المميته أحيانا.

ففي بعض الأحوال نشعر بالفقد ويسيطر علينا الندم علي ما فعلنا او لم نفعل، يستبد بنا الندم فيدخلنا دائرته و يتلاعب بأرواحنا لنظل بهذا الشعور بلا فعل يرجي و لا أمل في تجاوز هذا الشعور القاتل، دائرة من الأذي لا نتقدم بسببها خطوة  فلا نحن أصلحنا ما أفسدنا و لا نحن تجاوزناه بعد إستيعاب درسه جيداً .

و قد يصاحب الفقد الشعور بالتخلي و الغدر فيدخلنا في دائرة من فقدان الثقة في النفس و الغير  أو ان نعيش في ماضي بسبب شعور امتلكناه يوما و سيطر علينا بعد ان فقدناه فلا نستطيع الخلاص و لا المضي قدماً  لإستعذابنا  استدعاء هذا الشعور المفقود .

توابع و تأثيرات هذا الشعور جداً عميقة بل ان وجعها لا يقل عن تأثير الفقد في حد ذاته ان لم يتجاوزه .

هنا يتسبب الفقد في خسارة ما نملك و ما نطمح يحبسنا في الندم و العقاب و الماضي و البكاء فقط علي ما فقدنا مهما كانت الأسباب طبيعي ان نفتقد ما فقدناه في الطريق لكن التحدي هنا ان تتجاوزه تتعامل معه علي اساس وجوده و تأثيره الطبيعي لا ان نتركه ليسيطر فيفقدنا ما نملك.

 بل ان المجهود المبذول في التخطي  و الاستمرار في المحاولة في حد ذاته  يشعرك أنك علي قيد الحياة و لست فقط تسير بين الاحياء لا تشعر بشيء .

نفتقد أيام حلوة صحبة جميلة لكن سيطرة الشعور قد تفقدنا الامل حتي في ان نعيش لحظات قد تكون اجمل فقد يُخلفنا الله خيراً منها .

لا أحد يستطيع ان يطلب ان ننسي من فقدنا و ما فقدنا، و لا أحد يستطيع فعلياً ان ينسي بالكلية  لكن التجاوز و التعامل السليم مع الاحساس يعطي  دفعه لبداية جديدة بنفس تعلمت من المحنة من معايشة الفقد، نفس تعلمت  ان تقدر كل دقيقة و كل شيء و كل شخص في حياتها، فلا تتعامل أبدآ علي أساس ان الكل مضمون.

تقدر أن كل لحظة هي نعمة فلا تفرط في أبسط الاشياء التي تسعدها فكل ما في حياتنا مفقود تعيش كل دقيقه بقيمتها، فلا تترك نفسك تغرق في أحزانها علي ما فقدت او ما ضاع فتضيع معه و يضيع ما تملك و تبقي صفر اليدين لا حافظت علي ما تملك و لا أرجعت ما فقدت .


 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة