باسم أمين
باسم أمين


مشاركتي في تجارب اللقاح

باسم أمين

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020 - 09:50 م

قبل ان توصد ابواب عام 2020 معلنة رحيله وجدت اني لم افعل شئ ايجابي طوال ايام العام المنقضي الا انني تطوعت في تجارب اللقاح تحت اشراف وزارة الصحة المصرية.

وفي كل مرة يعلم احد معارفي بذلك يشعرني بأني متهور ويراني البعض شجاع و انا اعذرهم فنحن لاول مرة نمر بوباء ونعايش احداثه بعد ان  كنا نقرأ عن الاوبئة في الكتب و الافلام الوثائقية التي حاولت ان تنقل صورة ما فعلت الاوبئة بالبلاد و العباد و لكن في حقيقة الامر لم يكن تطوعي  شجاعة مني و لا تهور، فقبل ان آخذ قرار التطوع في تجارب اللقاح المضاد لكورونا كنت اتابع باهتمام بالغ اخبار بداية تصنيع اللقاحات حول العالم وبدأت ان  ابحث عن الاخبار بنفسي لا انتظر ان اتلقاها بالصدفة وفي وجود الانترنت كنت ابحث بكل سهولة عن جديد كل لقاح وكيف يصنع و كيف يعمل محاولا ان افهم، يمكن ما دفعني للمتابعة بهذا الشغف هو خوفي الزائد ورعبي مما قد يمكن ان يفعله هذا الفيروس بنا.

مع بداية سماعي توارد اخبار عن اشتراك مصر في تجارب اللقاح الصيني التابع لشركة سينوفارم قررت ان اكون احد المتطوعين خصوصا عندما رأيت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة تشارك بنفسها و تتلقى اللقاح وقبل ذلك رأيت مشاركة سمو الشيخ عبد الله بن زايد و سمو الشيخ محمد بن زايد يتطوعون ايضا للمشاركة في تجارب نفس اللقاح بدولة الامارات الشقيقة، اذن سلامة اللقاح اصبحت محسومة و الامر الان مجرد اجراء تجارب للقاح في المرحلة الثالثة التي لابد من اجرائها على الاف البشر لتتمكن الشركة المصنعة من اخذ الموافقات اللازمة لاعتماده وتوزيعه على الناس و انهاء حالة الوباء  هذا بالاضافة علي الرغم من كوني لست متخصص لكني استطعت ان افهم ان هناك اكثر من طريقة لصنع اللقاحات و ان اللقاح الصيني اعتمد علي الطريقة القديمة في صنع اللقاحات وهي حقن الانسان بالفيروس ولكن بعد موته وقتله معمليا ليتمكن الجسم من التعرف عليه وتكوين اجسام مضادة تحميه عند تعرضه للعدوى لا قدر الله وهذا ما طمأنني اكثر خصوصا انها نفس طريقة صنع لقاحات شلل الاطفال والتي تلقيناها جمعيا، فعزمت و توكلت على الله وبدأت التسجيل على الموقع الذي اطلقته وزارة الصحة خصيصا لتنظيم عملية التطوع لتلقي اللقاح وبعد ان تم التسجيل على الموقع تلقيت اتصال من وزارة الصحة ليخبرني بموعد حضوري للمشاركة في تجارب اللقاح، توجهت بالفعل لمركز المصل و اللقاح التابع لشركة فاكسيرا بمنطقة الدقي عند الدخول للمركز يبدأ موظف الاستعلامات باخذ بطاقة الرقم القومي  و بداية عمل ملف خاص لكل مشارك ثم يبدأ كل مشارك بالدخول للفحص الطبي و يسأل الطبيب كل متطوع ان كان يعاني من امراض مزمنة او انه يأخذ علاج لاي مرض بصفة مستمرة او انه يعاني من اي نوع من انواع الحساسية وما الى ذلك من الامور التي تمنع من المشاركة في التجارب وبعد مرور المتطوع بمرحلة الفحص الطبي اللازم ، يقوم نفس الطبيب بشرح كل مراحل التجربة و شرح مبسط لفكرة اللقاح وما قد ينتج عنه من اعراض وهذة المرحلة تسمى "الموافقة المستنيرة" بعدها يوقع المتطوع و الطبيب علي نسختين من تلك الموافقة نسخة تبقى مع الطبيب و نسخة للمتطوع.

الان يأتي دور عمل المسحة و سحب عينة دم لاجراء التحاليل اللازمة لأن من يثبت اصابته سابقا بالفيروس يتم استبعاده من التجارب  و ننتظر دقائق و يأتي بعدها وقت تلقي اللقاح، حينها تشعر بمشاعر متضاربة خوف وترقب يشوبه امل و رجاء، يدور في ذهنك وقتها كمتطوع الف سؤال و سؤال ولكنك تذكر نفسك وقتها انك ما اتيت هنا الا بعد ما رأيت  و سمعت وقرأت و ان اللقاح امن ومر بمرحلتين قبل هذة المرحلة و ثبتت مأمونيته و تلقاه مسؤولون في بلدك و في دول شقيقة و ان خطورة الامر الان لا تتعدى الا الم وخذ ابرة تفريغ اللقاح في ذراعك.

عدت تلك الدقائق ثقيلة رغم قلتها بكل ما عصف في ذهني وقتها و طلبوا مني الانتظار لمدة ثلاثين دقيقة " تحت الملاحظة" تحسبا لاي رد فعل بعد تعاطي اللقاح مرت الثلاثون دقيقة بسلام بعدها يتم قياس درجة حرارة المتطوع و يسمح له بالمغادرة مع تذكيره بموعد الزيارة القادمة لتلقي الجرعة الثانية بعد 21 يوم، و في الزيارة الثانية كان الامر اسرع  ومرت دون قلق او توجس حيث انك قد تلقيت اللقاح من قبل ولم يظهر اي اعراض سوا شعور بالارهاق بعد تلقي اللقاح ورغبة في النوم ثم شعور بألم مكان وخذ ابرة اللقاح في صبيحة اليوم التالي ينتهي بعد مرور 24 ساعة، وحتى هذة الاعراض البسيطة كانت اضعف بعد تلقي الجرعة الثانية و قبل مغادرتي لمركز المصل واللقاح في المرة الثانية يخطروا كل مشارك بميعاد الزيارة الثالثة و التي ستكون  لسحب عينة دم لاجراء تحليل الاجسام المضادة التي انتجها الجسم بعد تلقيه اللقاح و كان من المقرر ان يكون هناك زيارة رابعة و لكن تم الغاؤها والاكتفاء بنتائج عينة الدم التي تم سحبها في الزيارة السابقة نتيجة تسارع انتشار الفيروس ولابد من صدور نتائج التجارب في مصر بعد تلقي الجرعتين لكل متطوع و سحب عينة دم بعد مرور ٢٨ يوم من تاريخ تلقي اول جرعة.

ومنذ تلقي كل متطوع اللقاح يتم متابعته  تلفونيا يوميا من وزارة الصحة للاطمئنان و متابعة ظهور اي اعراض مفاجئة و لكن هذا لم يحدث الحمد لله لكافة المشاركين في مصر و للأمانة وزارة الصحة اتبعت بروتوكول التجارب بحرفية شديدة.

ولكن من الملاحظ خلال مشاركتي في التجارب ان عدد الصينيين المشاركين كان كبير وملفت و عندما سألت العاملين بالمركز اجابوا بأن السفارة الصينية توجه مواطنيها المقيمين بمصر بضرورة التوجة للمشاركة في تجارب اللقاح فكانوا يأتون افواجا بنظامهم المعهود للمشاركة تلبيه لتوجيهات دولتهم. 
ثم توالت الاخبار من دولة الامارات الشقيقة بانهاء تجاربها على اللقاح الصيني  علي 35 الف مشارك وهو رقم كبير حيث ان التجارب في مصر لم تجرى الا على ثلاث الاف مشارك فقط شرفت اني كنت احدهم. 

وكانت الامارات قد اعلنت منذ ايام قليلة ان نتائج التجارب مبشرة و ان اللقاح بالفعل قادر علي ان يحفز الجسم على انتاج اجسام مضادة بنسبة 86% وهي نسبة كافية جدا لانهاء حالة الوباء بعد تلقي نسبة 70% من المواطنين للقاح. 

وفي انتظار صدور نتائج التجارب بمصر وكانت الدكتورة هالة زايد قالت في تصريحات ان النتائج مبشرة و سيتم اعلانها خلال ايام قليلة بنهاية هذا الاسبوع بأذن الله. 

في النهاية اود ان اذكر كل المتوجسين خوفا من اللقاح ان الفيروس قتل ملايين الناس و اثناء كتابة هذة السطور هناك ملايين  يعانون من اعراض الاصابة بالفيروس وسيستمر في قبض كثير من الارواح  ولكن اللقاح لم يتسبب في موت اي انسان تلقاه. 

فلا تجعلوا من اذانكم وعاء للمشككين يلقون فيه ما شائوا من شائعات لا تمت للواقع ولا للحقيقة بأي صلة. 

فلا يطفئ النار الا الماء و لن يختفي الوباء الا باللقاح. 

حفظكم الله جميعا و دمتم سالمين.

 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة