نسرين موافي
نسرين موافي


بين ماضٍ لامع وحاضر باهت

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 31 ديسمبر 2020 - 12:14 ص

في ذكري ميلادها اكتظت الإذاعات والفضائيات بحفلاتها.. سواءً أحببتها أو لا، من الصعب بل من المستحيل أحيانا أن تلمح مشهدًا لحفلة من حفلات كوكب الشرق ولا تداهمك الذكريات.

أغلبنا لم يحضر لها حفلة وكثير منا ولد بعد وفاتها أو كانوا أطفالاً دون سن التمييز، لكن المشهد يستوقفنا بلا استثناء فناً رقياً، أناقة وحتى أسلوبا من الجميع، حاله كحال كل الأفلام والمشاهد بل وحتى الصور القديمة.

وتجد عقلك في أقل من الثانية يعقد المقارنات بين ماضٍ له بريق وحاضر مرهق، كثير منا يتمنى لو أنه جاء في هذا العصر بل ويدعي أغلبنا أنه لا ينتمي لهذا العصر بل لتلك الحقبة الجميلة الراقية، حيث الجميع يراقب تصرفاته دون الحاجة لرقيب حيث المقياس هو الذوق والأخلاق، حيث أحدث موضات وأكثرها أناقة دون الشعور بأي ابتذال أو تكلف بمنتهى البساطة، أخلاق رفيعة تتحدث في لغة الأجساد التي نراقبها ونحن نستمع لصوت الأسطورة، الجميع يتمتع بالكياسة والذوق ويتعامل بلطف.

الجميع يتمنى أن يعيش هذا الرقي ويغض البصر عن التحديات التي واجهها أبناء هذه الحقبة وكأنهم خلقوا بلا مشاكل مع أن جمالهم في أنهم واجهوا  تحديات زمانهم بحد أدنى من التنازلات وهذا هو النجاح.

كوكب الشرق كمثال حاربت لتتحول من فتاة ريفية تلبس ملابس الصبية لتغني إلى فنانة بدرجة سفيرة يستقبلها الملوك والرؤساء إجلالًا واحتراماً لفنها الذي احترمته هي فأجبرت الجميع على احترامه واحترامها.

امتلكت صوت جبار ولكن ما يميزها حقيقة أنها نجحت في كل معاركها تقريبا، حاربت لون غناء مبتذل واختارت لنفسها لون راقي كلمة ولحناً وأداءً فتهافت عليها كل من يمتلك هذه المقومات الراقية وسلك مسلكها كثير من الفنانين وتنافسوا في الارتقاء بفنهم.

علمت نفسها الكثير، غذت عقلها بالشعر والقراءة واللغات، فاستحقت أن تكون واجهة مشرفة ترفع رأس كل مصري في أي مكان واستحقت أن تبقى كأسطورة حتى بعد وفاتها بعشرات السنين.

هي أسطورة بسبب ذكائها، بسبب إصرارها على النجاح أما الصوت فلقد خلق الله ملايين الأصوات التي لا تقل جمالًا عنها لكن لم ينجح أصحابها في بناء الرمز مثلها.

نعم، هو عصر جميل أفرز عباقرة لكن أبدًا لم يخلو من التحديات على جميع المستويات جميع رموزه حاربوا للتغيير ولا نرى نحن إلا ثمار التغيير ونريد أن نعيشها ونتناسى أننا لا نستطيع الحصول على ثمر دون غرس ورعاية.

نحن نحتاج أن نعيش معاركنا كما عاشوا وننتصر كما فعل كثير منهم وهذا ما جعلها حقبة مميزة مليئة بالأساطير في كل المجالات.

نحن نريد عيش الماضي لجماله الذي هو نتاج نجاح أجدادنا على مر العصور في تحدياتهم، فصنعوا جمال زمانهم برقيهم وتعاونهم في نبذ المسيء والشاذ وغير اللائق، بل أننا الآن في أشد الحاجة لقوانينهم المجتمعيه التي سنتها أخلاق المجتمع نفسه فكنت ترى لكل منطقة كبير نافذ رأيه وحكمه على الجميع، وترى عقابا كحلق الرأس جراء التحرش ينفذ بمجرد حدوث الواقعة، فكان العقاب المجتمعي بالنبذ والملاحقة بالعار كافيًا للرد، فكنا بالكاد نسمع عن هذه الإساءات.

قبح زماننا منا ومن فشلنا في إنتاج منتج حضاري راقي خاص بنا، نستطيع أن نتباهى به بل أننا فشلنا حتى في اتباع خطى من سبقونا ونبقى على جمالهم.

نريد الرقي والأناقة والاحترام والتعامل بمنتهى الكياسة، وهي مطالب مشروعة جداً لكن لتحصل عليها لابد أن تبدأ أنت بنفسك أولاً.

تُعامل غيرك كما تحب أن تُعامل، تراقب ألفاظك، نحتاج أن نستعيد ميراث الأصول والخطأ والصواب وما يصح وما لا يصح قولاً وفعلا.

نعاقب بالنبذ والازدراء كل قبيح لا أن نبرزه ونسلط عليه الضوء ليصبح مقطع فيديو بذيء هو الأكثر تداولًا فيتنافس التافهون في البذاءة والتدني ولا تنكسر حلقة القبح أبداً.

ابدأ بنفسك واجعل استعادة رقي وذوق مجتمعنا هو هدفنا جميعاً،  فلنجعل في عامنا الجديد مشروعنا أن نستعيد ميراث أجدادنا ذوقاً ورقياً وجمالاً مع مواجهة تحديات زماننا بنجاح. 

كل عام وكل أهل المحروسة أكثر جمالاً وإشراقاً ونجاحًا، فهي تستحق  مجتمع جميل ناجح.

اقرأ أيضا| كوكب الشرق تقدم أولى حفلاتها في الساقية لعام 2021 الخميس
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة