الثلاثاء، 05 يناير 2021 - 09:22 م

منذ أيام كتبتُ فى هذا المكان مقالاً، بثَّته أيضًا بوابة أخبار اليوم الإلكترونيَّة تحت عنوان "البوسطجى اشتكى من كتر المراسيل.. فألقاها فى القمامة!!"، تحدَّثتُ فيه عن واقعة إهمال صادم بطلها ساعى البريد الذى كان يلقى بالخطابات فى قطعة أرض فضاء.

فور نشر المقال فى الأخبار، وبثِّه على البوابة الإليكترونية فوجئت برد فعلٍ مسئولٍ، وتحركٍ سريعٍ جدًا من الهيئة القوميَّة للبريد لم أكن أتوقعه، حيث انهالت علىَّ المكالمات التليفونيَّة من المسئولين بالهيئة القوميَّة للبريد؛ يُعربون عن دهشتهم من التصرُّف اللامسئول من ساعى البريد، ويُؤكدون أنه مجرد تصرُّفٍ فردىٍّ، بينما يُوجد بالهيئة ٥٠ ألفًا آخرين من الموظفين الشرفاء.

الدكتور شريف فاروق، رئيس مجلس إدارة الهيئة القوميَّة للبريد، أصدر قرارًا بإيقاف ساعى البريد عن العمل وإحالته إلى التحقيق، كما أصدر قرارًا بتشكيل لجنة مكبَّرة برئاسة أحمد نادى رئيس قطاع التوزيع بالبريد ومحمد عيسى وإسلام عبد الغنى وتضمُّ أيضًا كلًا من: نور الدين عبد الحميد، وإبراهيم أحمد على، عضوى التفتيش العام بالهيئة؛ للتحقيق فى الواقعة، وكلَّف اللجنة بالانتقال إلى العمارة التى أُقيم فيها؛ لإجراء المعاينات على الطبيعة..

خلال ساعاتٍ وصلت لجنة التحقيق إلى العمارة التى أقطن بها بمنطقة المعادى، واستمعوا إلى سكان العمارة، ووقفوا على تفاصيل جريمة ساعى البريد، كما قاموا بمعاينة الأرض المهجورة المجاورة لنا، والتى كان الساعى يتخلَّص فيها من الخطابات، كما استمعوا إلى البواب، واندهشوا من التفاصيل المثيرة التى يتَّبعها ساعى البريد فى التخلُّص من الخطابات؛ حتى يُوفِّر على نفسه عناء توزيعها لأصحابها..

بعد الانتهاء من المعاينات، حرَّر أعضاء اللجنة محضرًا بالواقعة، واستمعوا لكل التفاصيل منِّى ومن جيرانى: اللواء طارق رسلان، واللواء طارق زايد، والحاج محيى شعبان، والمحاسب جوهر عبده والبواب، وقدَّمنا لهم كمِّيةً من الخطابات عثرنا عليها مُلقاة فى مدخل العمارة، وخلال دقائق توصَّلوا لساعى البريد المتهم، الذى حاول الإنكار فى البداية، لكن سرعان ما اعترف بجريمته.. أصرَّت اللجنة على أن يُرشدهم إلى الأماكن التى يُلقى فيها الخطابات، وكانت المفاجأة، العثور على ١١٠٠ خطابٍ، تخلَّص منها داخل فرنٍ مهجورة، وخطابات أخرى تمَّ العثور عليها فى مدخل عمارتين أخريين، وقام أعضاء اللجنة بتوزيع هذه الخطابات وإيصالها إلى أصحابها، بعد أسابيعٍ من الضياع بفعل فاعلٍ!!

أسعدنى التحرُّك السريع للهيئة القوميَّة للبريد، ووجدت أن المهنية تُحتِّم علىَّ كما انتقدت تصرُّف ساعى البريد غير الأمين، أن أُشيد أيضًا بالتحرًّك السريع للرجل المحترم الدكتور شريف فاروق، رئيس مجلس إدارة الهيئة القوميَّة للبريد، الذى كان حريصًا على تنقية الثوب الأبيض لهيئة البريد من البقعة السوداء، التى ألصقها بها موظفٌ غير مسئولٍ.

كل التحيَّة لأعضاء اللجنة المُكلَّفة بالتحقيق، الذين حرصوا على إحقاق الحق.

أتمنى أن يحذو كل المسئولين حذو رئيس هيئة البريد، ويستجيبوا بسرعةٍ لشكاوى المواطنين، ويعملوا على سرعة حلها، ويُتابعوا موظفيهم ويتأكَّدوا أنهم بالفعل نفَّذوا المهام المُكلَّفين بها، فما أحوجنا إلى أن يُؤدى كلٌ منا عمله بأمانةٍ وإخلاصٍ، وأن يُتابع كل مسئولٍ أداء موظفيه، ووقتها سيحصل كل ذى حقٍ على حقه، ونقول وداعًا للإهمال والبيروقراطية واللامبالاة، التى تُعدُّ مناخًا ملائمًا، وتربة خصبة للفساد وازدهاره.. شكرًا هيئة البريد.