نسرين موافي
نسرين موافي


عين المحب

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 07 يناير 2021 - 12:39 ص

نسرين موافي

قد لا تكون أجمل النساء لكنها في عيني أجملهن، جملة تسمعها من قلب ابن محب، جملة  تراها عندما تتأمل نظرته لها إجلالاً وحباً أو في عبرة سقطت وهو يتذكرها، تستطيع تمييز عين المحب بسهولة.

العيون لا تعرف الكذب، فهي جندي القلب الوفي الصادق، المتمرد أحيانا فتبوح حتى إن أمرها القلب بالكتمان، العين فعلا  تفضح العاشق.

عين المحب لا ترى في الحبيب إلا كل جميل، لكنها لا تكذب.

قد تعلم أنها ليست أجمل النساء و لكنها في عينك كابن أجملهن فمن في جميع النساء مثلها.

قد تعلم عيوب اصدقائك جيدا لكن عينك بطبعها لا ترى فيهم الا كل جميل بل وتداري عيوبهم ونواقصهم وتدافع عنها.

تعلم مشاكل وطنك كلها لكن لأنك عاشق لترابها لا ترى عينك فيها إلا ما وقر في  قلبك لها من محبة، فلا تتذكر إلا كل جميل، تقدر كل شبر في أرضها وتضحي من أجله بفلذة الكبد الذي هو أغلي من الروح عن طيب خاطر وبمنتهي الفخر.  

ترى القبيح بعين المحب قابل للإصلاح والتجديد بدون مستحيلات، وكيف لا فهو الوطن الذي يسكن القلب و يملأ الروح.

أمثلة كثيرة تجعلنا نتأمل في هذه العين التي تتعدي وظيفتها في الإبصار إلى الاستبصار  ترى أبعد من الظاهر تدخل في العمق، تري و تحلل و تعذر و تداري و تحسن بل و تُجمل أحيانا.

يتبادر فورا إلى ذهني تساؤل هل فعلا (مراية الحب عامية) لا تري.. أم انها ترى كل التفاصيل و تختار منها ما تراه بعدسة مكبرة وتتعمد بكل رضا تصغير بل وتجاهل ما لا تحب أن تراه من عيوب.

أم أن المحب يدخل في حاله من فقدان القدرة علي رؤية النواقص و يفتقد التمييز مأخوذا بسحر الحب.

دائما ما أميل للافتراض الأول مع الاعتراف بماهية الحب الذي عن قناعة أراه درب من فقدان العقل اللحظي والحصري في كل ما ما يتعلق بالحبيب.

فعين المحب ترى جيداً ، لا تعمي و لا تكذب،  بل أنها ترى في الحبيب ما عُمي عن الجميع حتي عنه نفسه، هي لا تكتفي بأن تراه كما يراه البشر، بل تتأمله، ترقب تفاصيله، بل و أحيانا تعد أنفاسه فكم من مرة ظبطت نفسي أعدُ أنفاس أولادي لاطمئن أنهم بخير، فأنا اعلم العدد جيداً.

اعلم  عدد أنفاسهم في كل أحوالهم حتي عندما يداهمهم منام مزعج او حتي عندما يكونوا فقط مرهقين و غارقين في سبات عميق، أري في وجوههم كلمات تضيق بها صدورهم فلا ترتاحوا حتي ينطقون بها .

المحب يعلم، من فقط كلمات تُكتب، عبارة قصيرة حتي تكفي، كلمات صماء لكنها تحدث قارئها بما يخفي كاتبها، و كأنه يراه.

المحب يعلم جيداً ما يستطيع أن يفعله الحبيب  و ما هو عاجز تماماً عن فعله.

يعلم، بل و يضح لائحة بكل ما يحب و ما يكره لائحة حبيبه، لائحة مخفيه في العقل يتعامل بها تلقائياً.

تجد الأم أو الأب في لحظة يختاروا ما يحب و يكره اولادهم في قائمة طويلة دون حتي وعي انهم يعلمون.

فكل هذا من عين ترقب المحبوب عن كثب في حب و ود.

نعم.. عين المحب تري و تسجل و تري ابعد من الرؤية و تري ما لا يراه غيرها  و تعذر و تعذر و تعذر بعد العذر ألف عذر. 

فصدقوها فهي لا تكذب و لا تمل و حافظوا علي اصحابها فهم يروا فيكم ما لا تروه أنتم في أنفسكم.

هي العين التي تعيد اكتشافكم في كل مرة بلا كلل.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة