هشام مبارك
هشام مبارك


احم احم !

هشام توفيق .. رفقاً بالحديد!

هشام مبارك

الأربعاء، 27 يناير 2021 - 09:20 م

تربطني بهشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام صداقة عمرها يزيد عن ثلاثين عاما. عرفته وشقيقه هانى توفيق منذ أن كنت مسئولا كصحفى فى القسم الاقتصادى بالأخبار عن تغطية أخبار بورصة الأوراق المالية فى بداية عودتها للنشاط من جديد الذى جاء فى بداية التسعينيات من القرن الماضى مع التحول الكبير الذى حدث فى دفة الاقتصاد المصرى والتوجه للخصخصة. كان هانى توفيق وهشام توفيق من أبرز الوجوه وألمعها فى أروقة بورصة الأوراق المالية حتى أننا فى الوسط الصحفى الاقتصادى كنا نطلق عليهما لقب: مصطفى وعلى أمين البورصة المصرية رغم أنهما ليسا توءما مثلهما فى الشبه والميلاد فالفارق بينهما عشر سنوات، حيث هانى هو الأكبر وهو بمثابة الأب الروحى لهشام ولكن جاء اللقب نظرا لبراعتهما الكبيرة وفكرهما المستنير الذى كان يجعلهما دائما فى موقع الصدارة بين أقرانهما فى نفس المجال.

ورغم بعدى عن تغطية أخبار البورصة بشكل مباشر إلا أننى ومن خلال متابعتى لأحوال الاقتصاد المصرى بشكل عام كنت بالطبع أتابع نجاحات الصديقين، وكانت تصلنى أولا بأول أخبار براعتهما فى إدارة محافظ الأوراق المالية سواء من خلال عضويتهما فى مجالس إدارات شركات الأوراق المالية أو من خلال الشركة التى أسساها. وكنت دائما أشعر بالفخر لوجود مثل هذه الكفاءات المتعلمة تعليما حقيقيا والتى تملك الطموح لتحقيق ذاتها بعيدا عن الوظائف التقليدية.

قبل سنوات اختار الدكتور يوسف بطرس غالي وكان وقتها وزيرا للمالية هشام ليكون مستشارا للوزير لشئون الضرائب. وقتها ظننت أن هشام سيرفض، وعندما وافق شرح لى أنه لا يستطيع أن يرفض مثل هذه الفرصة التى تمثل خبرة جديدة. ضحك عندما حذرته قائلا: انتبه جيدا فمعظم من يعملون مستشارين ليوسف بطرس غالى يخرجون من عنده وزراء وعندك الدكتور محمود محيى الدين مثال حى على ذلك، وأنا أعلم أنك تعشق العمل الحر والوزارة كلها قيود. فقال لى: اطمئن يا صديقى وحتى لو حدث ذلك فسأكون وزيرا بفكر حر.

مرت الأيام وأصبح هشام وزيرا لقطاع الأعمال. كنت أتوقع له مثلا أن يكون وزيرا للاستثمار على اعتبار أن جل خبرته فى مجال الاستثمار. لكن عضويته فى إدارة إحدى شركات قطاع الأعمال فتح الطريق أمامه إلى كرسى الوزارة. وهنا جاء الاختبار الصعب أمام هشام توفيق، الرجل الذى لا يؤمن إلا بالفكر الاقتصادى الحر أصبح مسئولا عن قطاع عام يعمل به مئات الآلاف من الموظفين والعمال. لذا بدأ الصدام مبكرا أولا مع العاملين فى شركات التأمين ثم الأزمة الأخيرة التى نتجت عن قراره بتصفية شركة الحديد والصلب المصرية.

هشام توفيق خريج الجامعة الأمريكية والخبير فى الأوراق المالية، لم يقف بالطبع مرة أمام صهاريج الحديد وأفران الصلب التى يعتبرها عمال الشركة شرايين حياتهم التى ارتبطوا بها على مدار السنين. لذا جاء رد فعله على اعتراضهم عنيفا قاسيا لا يصدر عن الفنان مرهف الحس عازف الجيتار الأول فى الجامعة الأمريكية والدون جوان الذى كان الجميع وخاصة الفتيات يخطبن وده. استمعت له وهو يدلى بتصريحه غير الموفق عن أن مصنع حديد وصلب حلوان لا يسوى عشرة صاغ. تقييم بخس من رجل من المفروض فيه خبرته فى التسعير المالى. لم يحتسب هشام وهو يقيم المصنع كمية العرق والدموع والدماء التى قدمها آلاف العمال فداء لهذا الصرح حتى يستمر حتى الآن حتى وإن اعتراه بعض الذبول الذى أدى لنزيف الخسائر. ألا يوجد حل آخر غير البتر والتصفية؟ لماذا لا تستمع  للأفكار التى يطرحها هؤلاء العمال والمقترحات التى يقدمها الخبراء وكبار الكتاب والمفكرين الذين يملكون رؤى كثيرة لإنقاذ حديد وصلب حلوان من هذا المصير. لا تكابر يا رجل ولا تقل أن جميع صرخات العمال لم تحرك لك ساكنا ولم تغير رأيك فى قرار التصفية. افعلها يا صديقى واستمع للناس مرة أخرى ولا تثبت لهم ولنا أنه إذا كان الحديد فيه بأس شديد فبعض قلوب البشر بأسها أشد فأنا على يقين أنك لم ولن تكون منهم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة