هالة العيسوي
هالة العيسوي


من وراء النافذة

الزبون الحائر

هالة العيسوي

الأربعاء، 10 فبراير 2021 - 10:22 م

أنت.. وأنا.. وغالبيتنا، هذا الزبون الحائر.. نحن الذين نحاول مواكبة العصر، وبات لدى كل منّا خط نت أرضى متصل بإحدى شركات الاتصالات الخاصة تربطه بالعالم الخارجى وصارت كل حياتنا ومعاملاتنا والتزاماتنا وأعمالنا، بل وحتى وسائل الترفيه عنّا مرتبطة بهذا العالم السحرى والشبكة العنكبوتية التى تلف خيوطها حول أعناقنا.

 

نحن حائرون لأن فيه حاجة غلط فى منظومة الاتصالات. حضرتك مشترك مع إحدى هذه الشركات الخاصة وبينكما عقد ينص على توصيل الخدمة مقابل اشتراك شهرى معين. فجأة تصاب الخدمة بالسكتة القلبية، وتنقطع حضرتك عن كل وسائل التواصل المهمة فى حياتك. فى لحظة تصاب مصالحك بالشلل، تتوقف خدمة دفع التزاماتك المالية، أو خلال حضور حضرتك فى اجتماع أونلاين، أو أثناء مذاكرة ابنك على النت وفق نظام التعليم الجديد، والأدهى لو حدث ذلك أثناء تأديته الامتحان.

 

تبدأ رحلتك مع خدمة العملاء فى شركتك؛ شباب لطفاء، دمثون وبين كل "حضرتك" و"حضرتك" كلمة "حضرتك" للمرة الثالثة. لو كنت سعيد الحظ وبارًا بوالديك وتحيا فى كنف وبركة دعائهما لك ستنحل مشكلتك أثناء مكالمتك الهاتفية. أما لو كنت من التعساء لا سمح الله −أمثالى− فليس أمامك سوى الابتهال إلى الله بأن ييسر لك طريقك لاستعادة الخدمة ما بين إرسال شكوى للدعم الفنى مع وعد بحل مشكلتك خلال 48 ساعة من أيام العمل الرسمية، أما لو حدثت مشكلتك قبل يوم من أيام العطلات الأسبوعية فعليك الانتظار لحين العودة إلى العمل ليبدأ حساب الـ 48 ساعة، أى أن مصالحك ستتعطل 72 ساعة على الأقل.

 

ولو تآمرت عليك الظروف وكانت المشكلة الفنية فى "الكابينة" فسيهدر دمك بين الشركة التى تعاقدت معها وبين الشركة المصرية للاتصالات التى تملك الحق الحصرى فى الدخول على الكبائن وإصلاح أعطالها باعتبارها مؤجر خطوط الشبكات للشركات الخاصة. ساعتها ستشعر بأنك ألعوبة بين الشركتين كل منهما تلقى عبئك على الأخرى، فالمصرية يجب أن تعيد إلى هاتفك الحرارة أولًا لكى تبدأ شركتك فى العمل على إصلاح العطب، ولو احتاج الفنى المختص الاستعانة بفنى المصرية للاتصالات سيكون رده: "أنا مسئول عن إعادة الحرارة وحسب، وعليك العمل على خطوط شبكتك". فإن احتاج الفنى تغير شيء ما فى الكابينة فعليه، أو عليك، باتصالاتك، الرجوع إلى السنترال التابع له حضرتك.

 

مؤخرًا عانيت من تكرار انقطاع خدمة الإنترنت، وانقطاع الحرارة. ما بين اتصالات مكوكية بين شركة النت والسنترال ومسئولى المصرية للاتصالات أصابتنى الحقيقة المرة بصدمة. فمع تكرار الشكوى وتدخل مسئولى المصرية للاتصالات اكتشفت أن سبب انقطاع الحرارة هو تكرار انقطاع الكهرباء عن الكابينة فتقع معها فى ذات اللحظة جميع خطوطها التى يتراوح عددها بين 700 إلى 2000 خط.

 

أما السبب فهو الأعجب فى زمن الحداثة والقرن الحادى والعشرين. علمت أن الكبائن تعمل على عدادات بكارت سابق الدفع وحين ينفد الرصيد تنقطع الكهرباء عن الكابينة وتنقطع الحرارة عن التليفونات، وبالتالى تنقطع خدمة الإنترنت. وعلى جميع "سكان" هذه الكابينة الانتظار حتى يقوم السنترال بإعادة شحن الكارت وعودة التيار الكهربائى للكابينة لتعود الحرارة للتليفونات.

 

فى هذه الحالة الغريبة جدًا تصبح شركة النت بريئة براءة الذئب من دم بن يعقوب، وتقع المسئولية على عاتق المصرية للاتصالات والسنترال التابع له حضرتك، وساعتها لن تجد من يعوضك عن تأخير مصالحك ووقف حالك ولا حتى من تشكو إليه. الشاهد أن بعض الشركات تستغل هذه الشراكة الشاذة فى التهرب من مسئولياتها تجاه عملائها وتتذرع أحيانًا بعدم تمتع فنييها بإمكانية الدخول إلى الكبائن لممارسة عملهم، فى حين يرد مسئولو السنترال بأن مهمتهم تنتهى عند إعادة الحرارة والباقى على الشركة الخاصة.

 

وتقع حضرتك يا مسكين فى حيص بيص، لن ينفعك جهاز حماية المستهلك، ولا شكوى لغير الله.. فالحل والعقد عند أصحاب المنظومة وواضعيها.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة