زكريا عبدالجواد
زكريا عبدالجواد


رٌكن الحواديت

اللَّهم جاردن سيتى

زكريا عبدالجواد

الجمعة، 19 فبراير 2021 - 10:53 م

أعشق شوارع جاردن سيتى المرشوشة بالصمت، وأتامل أشجارها المهذبة، التى تقف شامخة أمام غواية الريح، وأتآنس بزقزقة العصافير التى تقف بزهو على أفرعها، وتتشاور بلغة لا يفهمها إلا نبى الله سليمان.

ودائما اخطو بمهل على أرصفتها المطلية بالاتيكيت، والمكتحلة بلون أسود، لا يتجاوز حدوده، وأتأمل نوافذ بناياتها العريقة، التى تفوح منها رائحة التاريخ، وأنغام موسيقى حية، ممزوجة بعواء كلاب وفية لعيشة الرفاهية، ربما كان ضجرها بالعواء استعلاء على مناظر المارة والقطط العابرة.

لفتنى شاب بزى أنيق يزيح صندوقا ممتلئا بالرجاء، وينادى بصوت مطرب: بيكياااا خرجت على نغمته خمسينية جميلة، ترتدى هنداما رياضيا، أشارت له بالانتظار.

اشتعل فضولى مع صديقى لمعرفة ما ستبيعه تلك الارستقراطية، التى اطلت من شرفة الاساطير، بعدها جاء أحد الخدم بهيئة مميزة ومعه عدد من أزواج الاحذية اللامعة، أعطاهما للولد دون مقابل، فشد صديقى آخر انفاس سيجارته، وألقاها فى وجه شجرة، زاد ظلها الباهت من قسوة الشتاء، وقال: لولا الخجل لاشتريتها!

تركنا ضحكتين صاخبتين بجوار سور القصر، وتمنينا لو كانت ضمائر البشر باتجاه واحد كما شوارع هذا الحى الراقي، وابتهلنا للسماء اللهم جاردن سيتي.

حكى صديقى المولع بالتاريخ بإسهاب عن قصة هذا الحى العريق، وقال انه كان مكانا مغمورا بماء النيل، وحوَّله السلطان الناصر محمد بن قلاوون إلى ميدان وسماه بالميدان الناصرى، وزرع فيه الحدائق، وتم افتتاحه عام 1318 ميلادية.

وفى عهد الخديو إسماعيل تم تخصيصه ليكون مكانا للطبقة العليا فى المجتمع وخصص فيه مقرات لاستقبال الضيوف الأجانب يوم افتتاح قناة السويس، وتم تصميم هذا الحى بحيث تكون شوارعه دائرية كما هى حتى الآن.

ويضم عددا من المبانى الأثرية والتاريخية الهامة منها: مقر مجلسى الشعب والشورى، والهيئة العامة للتنمية الصناعية وعدد من البنوك والسفارات الأجنبية كما يحوى كمًا من القصور النادرة والفيلات ذات الطابع المعمارى المتميز.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة