عبدالله البقالى نقيب الصحفيين المغاربة
عبدالله البقالى نقيب الصحفيين المغاربة


حديث الأسبوع

نحتاج إلى منسوب عال من الغباء لنصدق ما يقال

الأخبار

السبت، 27 فبراير 2021 - 05:59 م

بقلم/ عبدالله البقالى

القرارات التى تحمس البعض فى وصفها بالمهمة، التى انتهت إليها قمة مجموعة الدول السبع "G7" التى التأمت قبل أيام قليلة بمدينة ميونيخ لا يمكن أن تبرر رزمة من الحقائق والمعطيات المتناقضة والمتعارضة مع ما تم الإقرار به فى قمة الكبار.

 

هذه القرارات تؤكد أن هذه الدول الصناعية والاقتصادية العظمى والكبرى ستجعل من سنة 2021 سنة المنعطف فيما يتعلق بالتعاون الدولي، انطلاقا من الحقائق المفزعة التى أفرزتها جائحة كورونا اللعينة والتى أدخلت النظام العالمى فى منعرجات تنعدم فيها الرؤية الواضحة. وبشرت هذه القرارات بأن هذه الدول ستخصص غلافا ماليا بقيمة 4،3 مليار دولار كمساهمة مالية إضافية فيما سمى ببرنامج "كوفكس"، الذى قررته الأمم المتحدة وترعاه منظمة الصحة العالمية، والذى يهدف إلى تمكين الدول الضعيفة من الحصول على كميات معقولة من اللقاحات المضادة لفيروس كوفيد19، بحيث سيتم توزيع مليارين من اللقاحات على 200 دولة فى العالم.

 

وزاد قادة الدول القابضة بأنفاس النظام العالمى الجديد فى منسوب الحماس بالتبشير بأن هذه القرارات ستضع حدا لمفهوم "القومية الطبية" التى يواجه بها العالم الأزمة الصحية الطارئة التى اجتاحت العالم بصفة مفاجئة، والتى جسدها الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، بمقولته الشهيرة التى قال فيها "أمريكا أولا" والتى تجلت أيضا عبر الرزمة الكبيرة من القرارات التى اتخذتها العديد من الحكومات فى الدول العظمى وغيرها، والتى حرصت على حماية "الوطن" أولا قبل التفكير فى أية مصلحة أخرى، والتى أفرزتها أيضا مظاهر الإغلاق والعزل، التى سعت الغالبية الساحقة من الدول إلى الاحتماء فيها من عدو فتاك.

 

المعطيات الواقعية التى كشفت عنها العديد من الجهات تؤكد أن ما يجرى فى أرض الواقع على المستوى الدولى يعاكس الإرادة التى عبر عنها قادة دول مجموعة السبعة، حيث لاتزال الدول العظمى لا تدخر أى جهد فى تجسيد رغبتها فى الاستحواذ على كل ما من شأنه أن يساعد على تخطى هذا الوباء. وفى هذا الصدد تكشف هذه المصادر أن الدول الغنية قامت لحد اليوم باقتناء ما مجموعه ثلاثة مليارات جرعة من اللقاحات، بيد أن حاجياتها الحقيقية الكفيلة بالحد من انتشار الوباء ومحاصرته لا تتجاوز مليارى جرعة، وهى بذلك استحوذت على مليار جرعة من هذه اللقاحات هى لا تحتاجها أصلا، لكنها اقتنتها من باب الاحتياط، فى حين أن العديد من الدول الضعيفة التى استعصى عليها لحد الآن الحصول على هذه اللقاحات فى سوق دولية استغلت حاجة البشرية لمصل ضرورى فى منافسة افتقدت إلى أبسط شروط ومواصفات العدالة والمساواة.

 

كما أن المعطيات تشير أيضا إلى أن قارة فى حجم القارة الأفريقية التى تتسارع فيها وتيرة عدوى الوباء، حيث ارتفعت بنسبة 40 بالمائة خلال الشهر الجارى مقارنة مع ما كانت عليه قبل شهر، والتى وصل فيها مجموع الوفيات إلى مائة ألف جراء إصابتهم بالفيروس الخبيث، لن تتوصل بالدفعة الأولى من اللقاح إلا فى نهاية الشهر الجاري، ولن تتجاوز الكمية الموعود التوصل بها مليون جرعة ستوزع بحصص صغيرة وقليلة على العشرات من الدول فى القارة السمراء. ولنا فيما أدلى به السيد أنطونيو جوتريس الأمين العام للأمم المتحدة من تصريحات خطيرة خير مثال لقياس منسوب النفاق، فيما يتم الترويج له حاليا، حيث عبر عن قلقه البالغ إزاء ما يحدث، إذ كشف أن عشر دول فى العالم تحكمت لحد الآن فى 75 بالمائة من مجموع اللقاحات ضد كوفيد19، بيد أن 130 دولة لم تتلق إلى الآن أية جرعة من اللقاحات.

 

 لذلك فإننا قد نكون فى حاجة إلى منسوب عال جدا من الغباء لنصدق ما يتم الترويج له من شعارات .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة