محمد درويش
محمد درويش


نقطة فى بحر

ثقافة الاستهانة

الأخبار

السبت، 06 مارس 2021 - 06:06 م

بقلم/ محمد درويش

ليست هذه هى المرة الأولى التى أكرر فيها المصطلح السابق عنوانا لمقالي، وهو المصطلح الذى رصده د.سمير نعيم أحد رواد علم الاجتماع الذى نشر مقالا فى صفحة الرأى فى هذه الجريدة فى ديسمبر عام ٢٠٠٦ يحمل هذا العنوان اثر حادث مرورى لا أذكر تفاصيله أدى الاستهتار والرعونة فى القيادة إلى حصد أرواح ومصابين.

ورغم مرور ١٥ عاما على هذا المصطلح إلا أن الحال باق كما هو عليه ومازال الاستهتار والاستهانة غلافا لحياة الكثيرين وإلا ماذا نفسر حادث طريق الكريمات الذى راح ضحيته عشرون شخصا غير المصابين الثلاثة وكلهم فى حالة خطيرة.

تقول أنباء الواقعة إن إطارا من سيارة نقل ثقيل انفجر ولا أعرف هل غادر مكانه واصطدم بسيارة نقل الركاب تسير فى نفس الطريق المكون من حارتين لعدة كيلو مترات بسبب اصلاحات يتم تنفيذها حاليا، أم أن السيارة النقل بعد انفجار الإطار انحرفت إلى الحارة الأخرى لتصطدم بالميكروباص وكانت الكارثة.

اذا نحينا عامل السرعة الجنونية التى قد تكون سار بها سائق النقل  فلنتحرى عن مدى صلاحية الإطار ذاته، أرى أن كثيرين قد ينتهى العمر الافتراضى لاطارات سياراتهم أو إحداها ولا يكلف خاطره استبداله أو ضبط كل ما يتعلق بالإطار من أجزاء ميكانيكية تضمن للسائق قبل غيره السلامة على الطريق.

قد نعذر سائق تاكسى لا يغادر المدينة التى يعمل بها وسرعته لن تزيد على ٦٠كم فى الساعة ولكن ماذا عن سائق نقل وصاحبها الذى يتكسب من ورائها الكثير، لماذا الصيانة فريضة غائبة عادة ولماذا لا يخصص جانبا  من مكاسبه الضخمة للتأكد أن كل شيء فى السيارة سليم، ولو حسب خسارته عن أيام تعطلها عن العمل بعد الحادث لوجد أنها أضعاف مضاعفة يدفعها مقابل ثقافة الاستهانة.

واذا عدنا بالذاكرة إلى حادث مركب بحيرة كنج مريوط من أسابيع ومعظم ضحاياه من الأطفال لوجدنا ثقافة الاستهانة ابتداء من عدم الاكتراث باستخراج الترخيص والذى يلزم بوسائل أمان مرورا بزيادة الحمولة مقابل مزيد من المال نهاية بكارثة.

واذا عدنا إلى حرائق الماس الكهربائى سواء فى الدفايات الكهربائية أو التكييفات لكان ضروريا البحث عن مقاول الكهرباء الذى لم يراع "سمُك"، السلك الكهربائي المقرر لهذه الأجهزة، يشترى الأقل فى حجمه ليوفر جنيهات معدودة وهو يقول فى نفسه يعنى  ح يحصل ايه، ربنا يستر ونسى أن الله أمرنا أن نأخذ بالأسباب وأن الدين قال لنا اعقلها وتوكل.

اذا عددنا الكوارث التى تتكرر يوما بعد يوم سواء حوادث طرق أو حرائق سنجد أن مصطلح "ثقافة الاستهانة"، يجسد حالنا وما تدفعه أمتنا من أرواح أبنائها أو نفقات علاجهم أو اعاقاتهم بعد الحادث وكلها بسبب تشريعات تعجز عن وضع يدها على الجانى الأصلى الذى تسبب باستهانته واستهتاره وأفقه الضيق فى عدم الالتزام بالفريضة الغائبة.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة