توم هانكس
خالد محمود يكتب..
توم هانكس في أخبار العالم
الجمعة، 19 مارس 2021 - 11:35 ص
بقلم/ خالد محمود
أعشق توم هانكس .. أداءه يحرك تفكيرى دوما نحو الحلم، قناعاته بالرضا فى حياة بسيطة هى قناعاتي، أعترف أننى تعلمت كثيرا من أفلامه، لكن أكثر ما تأثرت به هو حالة الصدق مع النفس والطمأنينة التى تتسرب بداخلك كونك تعيش نفسك لا حياة الآخرين.
أتذكر أن أول مقال نقدى لى كان عن فيلمه افورست جامبب تلك الشخصية المدهشة التى لقنت العالم دروسا كثيرة فى معنى أن تكون لحياتك هدف، بل وأتذكر العنوان الذى كتبته جيدا وهو افورست جامب وجع فى قلب أمريكاب.
وأتذكر أيضا أستاذى الناقد الكبير أحمد صالح، كيف اثنى على قراءتى للفيلم، وتدور الأيام وأكون بجواره فى مجلة أخبار النجوم، لأنهل من فكره وأعيش طقوس جديدة فى التعامل مع الأفلام.
توم هانكس له عالمه الخاص فى أعماله، وهو يبحر بنا بفيلمه الجديد اأخبار العالمب ليمنحنا مشاعر خاصة ونحن نواجه أيامنا القاسية.
فى الفيلم الأمريكى الذى يخرجه بول جرينجراس نرى ملحمة إنسانية على مدى حوالى ساعتين، حيث يوافق أحد قدامى المحاربين في الحرب الأهلية عام 1870 النقيب جيفرسون كايل كيد اتوم هانكسب على تسليم فتاة ، أخذها شعب كيووا قبل سنوات، إلى خالتها وعمها، رغماً عنها.. يسافرون مئات الأميال ويواجهون مخاطر جسيمة أثناء بحثهم عن مكان يمكن أن يسموه المنزل.
إنها قصة رمزية جميلة مقتبسًة من رواية بوليت جايلز لعام 2016 ، تبدو كالأسطورة فى فيلم ينتمى للغرب الأمريكى، لكن الغرب ليس كما كان عليه من قبل.. في منتصف الستينيات فقد حاول جرينجراس وهانكس تقديم شئ مختلف، بإعادة النظر في الغرب التقليدي بحوار ساخر.
يحاول هانكس عبر نص جرينجراس ولوك ديفيز، إعادة صياغة فكرة عن الحياة الطبيعية من رماد الحرب. لم يؤمن بالمثل العليا التي حارب من أجلها ، لكنه مازال يقتل نيابة عنها.. يسافر جيفرسون من مدينة إلى أخرى، ويقرأ الصحف على السكان.
ذات يوم، عثر على فتاة صغيرة (هيلينا زنجل)، وحدها وخائفة، حيث قام مجموعة من قبيلة كيوا بقتل عائلة الفتاة وتربيتها على أنها ملكهم، ثم قتل البيض القبيلة التى ربتها ويشعر أن من واجبه أن يأخذها إلى بر الأمان وتسليمها لـ خالها وعمها في الجانب الآخر من الدولة، وتمتلئ رحلتهم بكل الإثارة المعتادة من هذا النوع من إطلاق النار والطبيعة المفترسة.
الفتاة، التي كانت تعرف باسم جوانا، والآن السيكادا، لا تتحدث إلا لغة كيوا، وبالتالى لا نعرف عمق شعورها، لكن سحر هانكس الطبيعي يستطيع برغبة هادئة اظهار تلك العاطفة في مرحلة ما، سألها وهو يتلمس تعبيراتها وكأنه يتلصص وعيها عما إذا كان يمكنها تذكر أي شيء من عائلتها القديمة، لكنه كان يصدم فى كثير من الأحيان.
فى أحد جمل الحوار يقول أحدهم: اانتهت الحرب ، علينا أن نتوقف عن القتالب.. ليس هناك شك في أن هذه الدعوة للوحدة تهدف إلى ترديد صداها عبر العصور، ويلمح المخرج بقوة الى السياسة المعاصرة حينما نرى رئيس بلدية متعصب استغلالي ينشر اأخبارًا كاذبةب ليبقى في السلطة، وأن الولايات المتحدة استمرت في قتل القبائل الأصلية طوال هذه الفترة وحتى القرن العشرين.
الفيلم يتعمق فى رسالته حول الوحدة في سياق الشعور بالذنب رغم كل محاولاته لإعادة النظر في الكيفية التي يجب أن ترى بها أمريكا نفسها، ومواجهة الحقيقة التاريخية، ربما يجب أن يظل الغرب القديم ميتًا.
هناك اهتمام بالتفاصيل في كل ركن من أركان هذا الفيلم فى مقدمتها الأداء الرائع والمريح لتوم هانكس وباقى الأبطال الموهوبين الذين سردوا لنا القصة بهذا الشكل، ومنهم اهيلينا زينجل ، توماس فرانسيس، فتوم يسافر بعد فترة من الحرب الأهلية من مدينة الى مدينة لقراءة الأخبار على السكان ويتقاضى راتب ، حيث لم يتمكن الكثير من الناس في هذه المدن الصغيرة من القراءة، لذلك اعتمدوا على أشخاص مثل كيد لإخبارهم وتلك المهنة شبعت إنسانية عميقة في كيد ومنحته جوًا من رواة القصص القديم، إنه فنان بقدر ما هو مخبر، ويختار ما يقرأ وكيف يقدمه، أنه يستطيع قراءة الناس بشكل أفضل من معظم الناس.
أصبح هانكس ممثلاً بارعًا على مر السنين، في هذا الفيلم ، يستجيب لكل موقف بشكل معقول بدلاً من الانغماس في بطل الرواية اللطيف الذي كان من الممكن أن يعيق فكرة هذا الفيلم.
المخرج بول جرينجراس أيضا كان ذكيا بما يكفي لإضفاء بعض أفكار 2020 على الغرب فى 1870، خاصة فى مسألة الاخبار المزيفة وفكرة رجل يحاول إعادة توحيد أمة ممزقة من خلال المعرفة والتنوير، ويمكن القول إنه أكثر أفلام المخرج روعة من الناحية الجمالية، وقد استخدم مجموعة المهارات من خلفيته الوثائقية لتشكيل سياقات قابلة للتصديق وقائمة قائمة على الحقائق الدرامية ونهج أكثر اتساعا على الشاشة لقصة قارئ أخبار، ينقل الصحف المحلية والوطنية والدولية من مدينة إلى أخرى لإعلام الجمهور الأمي في كثير من الأحيان متشوق لمعرفة ما يحدث خارج مجتمعاتهم.
ومع ذلك ، فقد أدرك أن الوسيلة هي الرسالة ويختار المواد التي ستساعد في عملية الشفاء بعد ويلات الحرب الأهلية. إن التركيز على النزاهة الصحفية ومكانتها في توحيد الأمة المنقسمة بالكاد يمكن أن تقدم موازاة أوضح للتحديات التي تواجه رئاسة بايدن الجديدة.
فى النهاية، يمكننا أن نقول إن فيلم اأخبار العالم ا فيلم قوى بمثابة الهدية فى عام شائك سينمائيا، ومن أجل تلك النماذج نحب السينما ونحب توم هانكس، الذى يشجينا إنسانيا، ويقهر مفهوم الحرب، حتى لو لم تحقق إيرادات مثل تلك النوعية التى تغرقنا بها السينما الأمريكية.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة