البيوت في حلب
البيوت في حلب


البيوت في حلب.. تطبخ ليلة واحدة في رمضان وتأكل 30 يوماً من نفس الطعام

نسمة علاء

الثلاثاء، 27 أبريل 2021 - 09:07 م

في حلب تقاليد غريبة وطريفة في رمضان، وهي تقاليد اجتماعية جميلة تدعو إلى التقارب بين الأهل والأقارب وتدعو أيضاً إلى خلق جو من الألفة والحب بين الجيران، ولكنها الآن مع الأسف في طريقها إلى الاندثار.

فالأسرة في حلب وخاصة في المدينة القديمة لا تطهو إلا ليلة واحدة في رمضان، فتقوم بطهي كميات تكفي لأسرة كاملة لمدة شهر كامل مرة واحدة، فكيف يتم ذلك؟

اقرأ أيضا| تحية كاريوكا: أرقص في الحفلات الخيرية بـ«مزاج».. وأشرب الويسكي بعد العشاء

الأمر في غاية البساطة بحسب ما نشر في جريدة الجيل في 27 فبراير 1961، أن كل ليلة يجتمع الأهل والأقارب في بيت أسرة واحدة من أسرهم وهذه الأسرة تطبخ للجميع، وهكذا لا يتناول الفرد إفطاره سوى مرة واحدة في داره أما باقي أيام رمضان فإنه يزور على التوالي الأهل والأقارب الذين زاروه في بيته فتتوثق روابط الأسرة ويزيد التفاهم بين أفرادها ويتحقق قول الرسول الأعظم «وصلوا الأرحام».

وليس هذا فقط من غرائب العادات في حلب إنما هناك نظام تبادل الطعام بين الجيران في الحي الواحد، ومازالت هذه العادة سارية حتى الآن في حلب القديمة والحديثة وخاصة في رمضان.

وتنوع طعام الأسرة يقل أو يكثر بقدر كثرة أو قلة جيرانه المحببين، فإذا كان على مائدة شخص في حلب عشرة أنواع من الطعام فمعنى هذا أن له تسعة أصدقاء من الجيران لأن النوع العاشر هو من إعداد المنزل وهو بدوره وزع على تسع منازل مجاورة.

وهذه العادات بالإضافة إلى كونها عملية اقتصادية فهي عملية اجتماعية تدل على مدى الترابط العائلي والاجتماعي بين أفراد المجتمع في حلب.

وتتلألأ حلب بالأنوار الكهربائية في رمضان والتي تتخذ مؤسسة الكهرباء لها الاحتياطات اللازمة وتطفئ أنوار المنازل الواقعة في محيط المآذن لأن عرف حلب أن نور المأذنة هو نور إلهي ويجب ألا يعلو عليه نور، وأصحاب هذه المنازل سعداء بوقوعها في محيط المآذن.

ومئذنة "الجامع الأموي الكبير" في حلب تضئ مئات المنازل حولها لعلوها الذي يبلغ أكثر من 50 مترًا، وساحة هذا الجامع يمتلئ بالمصلين في جميع أيام رمضان ومنهم من لا يخرج من الجامع إلا عند الإفطار.

ورمضان بالنسبة لأطفال حلب عيد، فرمضان معناه السماح لهم باللعب في شوارع الحي حتى السحور، ففي غير رمضان لا يسمح لهم بذلك، والعيد الحقيقي لهم هو الملابس الجديدة فقط.

وللأطفال في رمضان تقاليد خاصة، فالطفل الذي يصوم يومه الأول تولم له وليمة خاصة به يدعى إليها جميع أطفال الحي وتصف شموع حول طبق الحلويات التقليدي المسمى "المشبك السوري" وتكون الشموع بعدد سنين الطفل فيطفئها بين الغناء والتهليل والفرح.

وحلب في رمضان تبرز فيها أكلات جديدة وفنون جديدة في الطهو، وعلى سبيل المثال "غزل البنات" لا يصنع إلا في رمضان فقط لأنه صورة من صور الاحتفال في رمضان.

وأسطورته التي ترويها حلب هي أسطورة البنات الثلاثة اللواتي كن يغزلن أجمل غزل حريري ليأكلن ويكسبن معاشهن إلى أن اشتهر غزلهن واشتهرن بين الناس كمثال للعصامية، وبعد وفاتهن بدأت صناعة الحلوى المسماة «غزل البنات» تكريمًا للبنات العاملات الثلاث، وغزل البنات مصنوع من خيوط السكر بشكل أدق من الحرير تمتد من قاعدة مملوءة بالفستق الحلبي الملفوف بخيوط السكر الناعمة.

ومن الأكلات المعروفة أيضا في رمضان "صحن المحمرة" المصنوع من القلاقلة الحمراء "الشطة" والجوز والكعك، وهو صحن تقليدي على موائد حلب في رمضان إذ لا تخلو مائدة منه شأنه شأن "صحن الكبة النيئة" التي لابد منها.

وفي رمضان يتحول الليل في حلب إلى نهار والنهار إلى ليل، المتاجر تفتح أبوابها بعد الإفطار والمصانع تبدأ أعمالها بالليل وتنتهي عند الفجر، والمدارس الدينية تغلق أبوابها في النهار وتعقد حلقات دروسها بعد العشاء وتنتهي عند السحور وتعاود ثانية حتى مطلع الفجر حيث ينام الجميع.

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة