د. محمد إبراهيم العشماوى أستاذ الحديث الشريف وعلومه فى جامعة الأزهر
د. محمد إبراهيم العشماوى أستاذ الحديث الشريف وعلومه فى جامعة الأزهر


خواطر عشماوية

سجع متكلف

الأخبار

السبت، 01 مايو 2021 - 07:07 م

 لا أدرى كيف تسللت هذه البدعة الحقيقية إلى عبادة المسلمين فى دعاء ليلة القدر،وهى طول الدعاء المُفْرِط، والتزام السجع المتكلَّف فيه.
ورغم تحرُّجى الشديد من التساهل فى إطلاق وصف البدعة لأدنى ملابسة، كما يفعل بعض المتساهلين؛ إلا أننى أطلقه هنا راضيا مطمئنا، إذ لم يَرِدْ عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من السلف شيء من هذا ألبتة، بل استحب بعضهم إحياء ليلة القدر، بل ليالى رمضان كلها فى البيوت، وهو المناسب لكونها نوافل، والمستحب أداؤها فى البيت، كما جاءت به الأحاديث، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: « اجعلوا فى بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورا».
ولئن ترخصنا، وقلنا بجواز إحيائها فى المسجد؛ فلتكن على الوجه المشروع، لا كما يحث وما أن يدعوَ القارئ دعاء القنوت، حتى تسمع أصوات البكاء والعويل، وقد كان بكاء السلف ـ رضى الله عنهم ـ على خلاف هذا، فقد كانوا يخرِّون للأذقان يبكون، ويذرفون الدمع، فتسيل دموعهم على خدودهم بلا صوت، ولا يزيدهم البكاء إلا خشوعا،وأما إطالة القنوت على هذا النحو الذى نراه ونسمعه؛ فلا والله ما هو بهَدْى النبى صلى الله عليه وسلم،!وربما بطلت به الصلاة نظرا وفقها؛ لإطالته عن الحدِّ المعتاد فى مثله، والقنوت الوارد عن النبى صلى الله عليه وسلم معروف، وأطول دعاء فى القرآن ما جاء فى آخر البقرة، وهو لا يزيد عن سبع جُمَلٍ،وفى السنة النبوية عن المعصوم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ من جوامع الدعاء وفواضله وكوامله؛ ما يُغنى عن ألفاظ غيره من المتكلِّفين.. وأما تكلف السجع فى الدعاء؛ فإن الدعاء حالة قلبية، لا حالة لسانية، وقد قيل فى تفسير قوله تعالى( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين): المتجاوزين فى الدعاء بالسجع وغيره، ويكفى قوله تعالى على لسان نبيه(وما أنا من المتكلِّفين)؛ قاطعا لأعذار هؤلاء المتكلِّفين، المُجافِين هدْيَه، المُتنكِّبين طريقَه.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة