رشا الشايب
رشا الشايب


مصر المستقبل

الشكوى لله

الأخبار

الأحد، 02 مايو 2021 - 07:49 م

كثيرا ما نشكو أقدارنا إلى الناس ونسخط ونرفض أقضية المولى، ويقول علماء الدين فى ذلك: فإن الأصل أن الشكوى إلى المخلوق تنافى كمال الصبر؛ لأن فيها رجاءً للمخلوق، وقد يكون فيها شيء من التسخط من قدر الله، فالمشروع للعبد أن يجعل شكواه إلى الله وحده.. والصبر الجميل صبر بلا شكوى .

ويقول المفكر والدكتور عدنان إبراهيم قولا فى ذلك أعجبنى وودت أن أنقله لكم، فيقول: إن الشكوى، الناس فيها على صنفين رئيسيين، جاهل وعارف، فأما الجاهل فهو عريق فى جهالته وغارق فى غفلته وهو الذى يشكو ربه للعباد، فحينما كتب الله عليه البلاء كالمرض أو الفقد فى نفسه أو أهله أو ماله، فابتلاه ليُكفر عنه ويُطهره ويرفع درجته ولكنه أبى فبدأ يشكو خالقه إلى الناس وهم لم ولن ينفعوه.

هذا حال الجاهل، أما العارفون فهم على رتبتين إحداهما أرفع وأشرف من الأخرى، فالرتبة الأولى تخص الذين يشكون إلى الله تعالى ما نزل بهم وما أصابهم سواء من لدن السماء أو من لدن العباد، فلا يشكون إلى الناس ولكن يشكون إلى الله تعالى وهذه مرتبة جيدة.

أما المرتبة الثانية وهى مرتبة العارفين وهى أشرف من المرتبة الأولى وأرفع، فهم الذين لا يشكون حتى العباد إلى الله ولا يشكون إلى الله إلا أنفسهم، يشكون ويذمون أنفسهم فلا يرمقون إلا نقائصهم فيظلون يشكون هذه النفوس إلى الله حتى يصلحها وذاك هو جوهر التعبد.

فجوهر العبادة هو إزالة رعونات النفس وكل أوصافها الدميمة، جهالتها، غفلتها، قسوتها، فيصبح العابد بعد ذلك كله فى أجمل صورة تُرى ظاهرا وباطنا وخاصة الصورة الباطنية المخفية فلا غش فيها ولا كذب ولا استكبار ولا مؤامرة أو حسد.

فلا تجد إلا الرضا بالله وبكل قضائه والتسليم الكامل لكل أوامره ونواهيه وهذه علامة صحة العبادة، أما من تعبد وإن طال تعبده ولم تتحسن صورته الباطنية وظل على جهله وغروره وقسوته فهذا ما عبد حقا، هذا قلّد العابدين دون أن يعرف جوهر العبادة الحق.

وكما يقول الشاعر كريم العراقي

لا تشكُ للناسِ جرحاً أنتَ صاحبهُ

لا يؤلمُ الجرحُ.. إلا منْ به ألمُ

فإن شكوتَ لمنْ طابَ الزمانُ لهُ

عيناكَ تَغلي.. ومنْ تشكو لهُ صنمُ

وإذا شكوتَ لمنْ شكواكَ تُسعدهُ

أضفتَ جرحاً لجرحكَ اسمهُ الندمُ

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة