محمد بركات
محمد بركات


يوميات الأخبار

نحن.. وأخطار تغير المناخ

محمد بركات

الثلاثاء، 18 مايو 2021 - 06:43 م

هناك حقيقة يصعب تجاهلها أو غض الطرف عنها.. وهى أن مصر والشمال الأفريقى كله، قد أصبحت فى قلب المتغيرات المناخية شديدة الوطأة.
نحن فى العادة للأسف لسنا من المهمومين بقضية المتغيرات المناخية، التى بدأت منذ سنوات تصبح ظاهرة واضحة وملموسة لنا ولكل الدنيا من حولنا، وفرضت نفسها كقضية هامة تشغل بال العالم كله تقريبا،..، وهو الأمر الذى فرض على العلماء والباحثين وأصحاب الاختصاص، فى أوروبا وأمريكا وآسيا واستراليا وكندا وأمريكا اللاتينية وروسيا والصين، والهند وافريقيا ومنطقة الخليج وغيرها وغيرها من دول وبلاد العالم، الالتفات اليها كقضية هامة والانشغال بها انشغالا كبيرا، ليس من باب الرفاهية أو إضاعة الوقت فيما لا يفيد ولا ينفع.. وأيضا لا يضر،..، ولكن لما يرونه ويدركونه ويتوقعونه من أخطار جسيمة ستلحق بهم وبكل الناس وجميع البشر وكل الكائنات الحية التى تدب على سطح الأرض أو تعيش فى باطنها أو حتى فى البحار والمحيطات التى تحيط بها.
الاهتمام الغائب
وإذا كان الأمر كذلك،..، وعلى مثل هذا القدر من الخطورة والأهمية،..، وهو كذلك بالفعل،..، فلابد أن نسأل، لماذا نقول أننا فى العادة لسنا من المهتمين بقضية المتغيرات المناخية، رغم ان العالم كله أصبح مهتما بها ومشغولا بها على قدر كبير، وقد ظهر ذلك الاهتمام جليا فى المؤتمر الدولى الذى عقد مؤخرا تحت رعاية أمريكية، وبمشاركة كل قادة العالم تقريبا.
وللاجابة على ذلك السؤال.. تقول اننا بالفعل اعتدنا على الوقوف فى عدة أمور، نراها ثوابت راسخة وباقية ابد الدهر لن تتغير ولن تتبدل، منها، بل على رأسها، أن المناخ فى مصر معتدل وثابت، بل شديد الاعتدال والثبات، وأن الطقس سيظل بها دائما "حار جاف صيفا بارد ممطر شتاء".
وحتى عندما لاحظنا وشاهدنا ولمسنا ان ذلك الأمر لم يعد ثابتا كما كنا نعتقد، وأنه قد طرأ عليه بالفعل متغيرات جسيمة وحادة سواء فى الشتاء أو الصيف وحتى فى الربيع والخريف،..، ظللنا، أو غالبيتنا العظمى على الأقل، على قناعة شبه تامة بأن ذلك هو متغير مؤقت لا يقاس عليه، وأنه سرعان ما تعود الأمور كما كانت.
وتجاهلنا الحقيقة التى بدت واضحة جدا بحيث يصعب تجاهلها أو الالتفات بعيدا عنها أو غض الطرف عنها،..، وهى ان مصر والشمال الأفريقى كله وبصفة عامة قد أصبحت فى قلب المتغيرات المناخية شديدة الوطئة،..، وأن هناك خطرا جسيما يهدد الأرض كلها ونحن جزء منها،..، وأن علينا ان نتوقعه ونعمل على مواجهته،..، وهذا ما تؤكده رؤى وأبحاث ودراسات علماء المناخ فى العالم كله.
العلماء والدراسات
وفى قولنا هذا لا نريد أن نخيف أحدا، ولا نسعى لإثارة القلق أو الرعب فى نفوس القراء.. ولكن للأسف هذه هى الحقيقة التى تؤكدها كل الدراسات العلمية المستندة إلى دراسات ودلائل جادة، وكلها لا تبعث على الاطمئنان ولا تساعد على تهدئة الخواطر وراحة البال.
بل على العكس من ذلك هى فى غالبيتها، إن لم يكن جميعها، تبعث على القلق الشديد جدا، وليس مجرد القلق العادى،..، وتوقعات العلماء التى نقصدها هى تلك المتعلقة بمستقبل الأرض التى نحيا عليها الآن، فى ظل تلك المتغيرات الجسيمة التى تحدث حولنا جميعا لهذا الكوكب الصغير، من مجموعة الكواكب المحيطة بالشمس والدائرة فى فلكها منذ ملايين السنين،..، وحتى يأتيها أمر الله ليلا أو نهارا، فى لحظة من يوم مقدور لا يعلمه إلا هو سبحانه.
وقبل أن نذكر ما وصل إليه العلماء من توقعات واستنتاجات يرونها مؤكدة من وجهة نظرهم، بناء على الدراسات المستفيضة التى عكفوا عليها طوال السنوات الماضية، هناك من الشواهد والوقائع ما يجب أن نضعه فى اعتبارنا حتى نكون على بينة من الخطر الذى يحيط بنا بالفعل فى هذه المنطقة من العالم.
وفى المقدمة من هذه الشواهد وتلك الوقائع اللافتة للانتباه بقوة، ما أصبحنا نتعرض له من موجات شديدة الحرارة فى الصيف، وموجات قارصة البرودة فى الشتاء، بصورة لم تكن معتادة من قبل طوال السنوات الماضية،..، هذا فضلا عن المتغيرات غير المتوقعة وغير المسبوقة أيضا.
ولعلنا لم ننس ما تعرضنا له فى يناير منذ ثلاثة أعوام «٢٠١٨» حيث فوجئنا بظاهرة لم تحدث على الإطلاق من قبل، حيث هبت علينا موجة حارة بل شديدة الحرارة فى عز الشتاء، وهو ما لم يكن متوقعا على الإطلاق، بل ويتناقض مع كل المألوف والمعروف عن الجو فى الشتاء عندنا، ولم يحدث الإطلاق أن ارتفعت درجة الحرارة فى يناير لتصل إلى «٣٢ْ» درجة مئوية فى القاهرة.. ولكنها حدثت،..، كما أعتقد أننا لم ننس بعد الموجات العديدة من البرد القارس فى شتاء الأعوام الخمسة الماضية، والموجات شديدة الحرارة والرطوبة التى وصلت إلى درجة انتشار حالات «الالتهاب الحرارى» غير المسبوقة عندنا،...، وهو ما دفع الكثيرين للتساؤل، عما إذا كان ذلك يعنى أن مصر والمنطقة تتعرضان بالفعل إلى متغيرات جسيمة فى المناخ،..، أم أنها ظواهر مؤقتة،..، وغير قابلة للاستمرار؟!
وللإجابة على ذلك بشفافية وصراحة، يجب أن نقول إن الخبراء والعلماء فى مجال المناخ، يرون أن هناك قدرا كبيرا من التغير فى المناخ على مستوى العالم كله ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على وجه الخصوص، هى التى دفعت بهذه الشواهد والظواهر للوجود وأنها مرشحة للزيادة والتفاقم.
أسئلة واجبة
وفى ظل هذا.. احسب أن هناك مجموعة مهمة من الأسئلة تطرح نفسها علينا جميعا.. ومن المفترض والضرورى أن تشغل قبلنا وبعدنا فكر وبال كل علماء البيئة عندنا، وكل خبراء المناخ وكل المهتمين بالأرصاد والطقس وتقلبات الجو وتغير درجات الحرارة والرطوبة وكل المسئولين عن الحياة العامة للناس، ومن الضرورى أن تكون هذه الأسئلة فى بؤرة الاهتمام، ومركز الانشغال لكل المختصين بالأمن القومى للبلاد بصورته الشاملة والعامة.
وهذه الأسئلة تدور كلها حول ما إذا كان المناخ عندنا قد تغير بالفعل بصورة كبيرة، ولم يعد على ما كنا نعرفه «حار جاف صيفا.. بارد ممطر شتاء»؟!،..، وهل علينا أن نتوقع بالفعل المزيد من التغير والمزيد من الأخطار؟!،..، وما هى تلك الاخطار المتوقعة؟!،..، وهل من بينها كما يقول علماء العالم خطر الجفاف والتصحر؟!،..، وهل هناك احتمال لغرق منطقة الدلتا والساحل الشمالى وأيضا الإسكندرية تحت سطح البحر الأبيض كما يقول بعض العلماء؟!
وطالما أننا طرحنا هذه الأسئلة التى نراها مهمة وضرورية، فلابد أن نلفت الإنتباه بقوة، للعديد من الدراسات التى خرجت إلى الضوء خلال السنوات الماضية، والتى تقدم رؤية العلم ورأى العلماء والخبراء فى العالم لهذه الأسئلة.
وفى ذلك تقول الدراسات التى أعدها علماء وخبراء البيئة وشئون المناخ والمتغيرات الجوية والتصحر، وأيضا علماء البحار والزراعة والرى والمياه، الذين تفرغوا للبحث فى المتغيرات المناخية التى طرأت على الكرة الأرضية خلال السنوات الأخيرة، وما صاحبها من تأثيرات، ان هناك بالفعل تأثير جسيم على الأمطار ودرجات الحرارة والرطوبة والمياه والبحار والمحيطات.. وأيضا البشر.
ظواهر خطيرة
وعلى رأس هذه الظواهر وذلك التأثير كما يقول العلماء هى ظاهرة التصحر، وندرة أو شح الأمطار وامتناعها عن السقوط فى المناطق التى اعتادت  السقوط فيها، وما أدى إلى ذلك من دمار للغابات والمناطق المزروعة وهجرة للإنسان والحيوان، ودخول هذه المناطق فى حزام التصحر.
ويقول العلماء إن السبب وراء ذلك فى الأساس، هو زيادة ظاهرة التلوث والاحتباس الحرارى، التى أصابت الأرض خلال السنوات الأخيرة، فى ظل الارتفاع الملحوظ فى درجات حرارة الجو والأرض، وهو ما أثر تأثيرا بالغ الخطورة والضرر على المناخ بصفة عامة. ويؤكد العلماء وجود خطر بالغ فى ارتفاع درجة حرارة الأرض، وما تم رصده بالفعل من ارتفاع وزيادة ملحوظة فى معدل زيادة ذوبان الجليد، فى المحيطات المتجمدة فى القطبين الشمالى والجنوبى، عن المعدلات التى كانت ثابتة طوال ملايين السنين الماضية، منذ خلق الله الأرض وبعث عليها الحياة.
ويرى العلماء أن ظاهرة الاحتباس الحرارى وارتفاع درجة حرارة الأرض هى كارثة هائلة بكل المقاييس، وذلك نظرا لكونها تؤدى إلى زيادة ذوبان الجليد فى القطبين، وهو ما بدأ بالفعل، وهذا بدوره يؤدى إلى زيادة وارتفاع  منسوب المياه فى المحيطات والبحار، وهو ما يعنى غرق مساحات هائلة من الأرض، واختفاء أجزاء من دول كثيرة، بل وأيضا دول بكاملها... ويقولون إن الدلتا فى مصر والساحل الشمالى ومناطق عديدة فى شمال أفريقيا مهددة بحدوث ذلك الخطر.
من المسئول؟
ويؤكد العلماء أن المسئول عن هذه الكارثة فى المقام الأول هى الدول الصناعية الكبرى، التى احرقت تريليونات الأطنان من الفحم والمحروقات الأخرى والبترول خلال السنوات الماضية، وضخت نسبة هائلة من غاز ثانى أكسيد الكربون فى الجو، وهو ما أدى إلى تلوث المناخ وتآكل طبقة الأوزون والاحتباس الحرارى وارتفاع درجة حرارة الأرض.. والكارثة التى تهدد الجميع الآن فى ظل الأخطار القائمة والأخرى الجسيمة المنتظر المتوقع حدوثها.
والسؤال الآن.. هل يستطيع العالم مواجهة الخطر ووقف الكارثة قبل وقوعها.. أم أنها قادمة لا محالة؟!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة