هشام مبارك
هشام مبارك


احم احم !

يا واحشنى ادينى رنة!

هشام مبارك

الأربعاء، 19 مايو 2021 - 06:59 م

علاقتى بالسوشيال ميديا بدأت مثلى مثل ملايين المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعى منذ سنوات طويلة، تقريبا أكثر من عشرين عاما فيس بوك وربما عشر سنوات تويتر وواتس اب. لا أذكر أننى طيلة هذه السنوات قد أرسلت معايدة واحدة لأى من الأصدقاء الكثرين الذين أكرمنى الله بهم وهم بالآلاف سواء على صفحتى على الفيس بوك أو على الواتس اب بما يحتويه من حوالى مائتى مجموعة والتى انضممت إليها طوعا أو كرها والتى تتنوع ما بين مجموعات خاصة بالعمل وغيرها من المجموعات الاجتماعية والدينية وغيرها مثل المجموعات الترفيهية والرياضية.
المهم أننى لم أرسل فى أى عيد أو أى مناسبة أى تهنئة لأحد ليس تكبرا ولا كبرا لا سمح الله ولكن لأَنِى لا أعترف بتلك التهانى المعلبة التى انتشرت مؤخراً وفرغت معنى التهنئة بأى مناسبة من مضمونها. بالبلدى لازلت أعتبر نفسى وبكل فخر دقة قديمة، انتظر رِن جرس التليفون وياحبذا جرس باب البيت أيام العيد لأجد أمامى شخصا من لحم ودم لم يختبأ وراء زراير الكومبيوتر أو الموبايل ليرسل لى تهنئة جافة لا روح فيها لأنها غالبا جاءته كذلك فقام بشكل تلقائى وبدون حتى أن يقرأها جيدا بإعادة بثها لكل من هو مسجل عنده سواء على الفيس بوك أو على الواتس اب أو الموبايل لتصل لكل الناس حتى من رحلوا عن دنيانا ولاتزال أرقامهم مسجلة فى موبايلاتنا. لذا أكاد أطير فرحا إذا قام أحدهم على الأقل بالاتصال بى تليفونيا، هو هنا لا يؤدى عملا روتينيا كنوع من أنواع تأدية الواجب والسلام بل هو فكر فعلا فى شخصى المتواضع وقرر أن يهاتفنى ليعيد علىّ صوتا بصوت. أضعف الإيمان بالنسبة لى إذا كان الاتصال التليفونى صعبا أو غير متاح أن يكتب لى هذا الشخص رسالة خاصة بى شخصيا أى يذكر فيها اسمى.. كل سنة وأنت طيب يا هشام مثلا، لا تسعنى الفرحة فى هذه الحالة وأرد فورا على المرسل برسالة أذكر فيها أيضا اسمه ليعرف أنها رسالة من لحم ودم موجهة له هو شخصيا وليس رسالة سابقة التجهيز لا طعم فيها ولا رائحة. ما يؤكد كلامى عن روتينية هذه الرسائل المعلبة أننى لم أتلق أى عتاب من أى شخص طيلة هذه السنوات ولم يسألنى أحدهم أبدا: لماذا لم ترد علىّ معايدتى لك يا هشام.. هو نعم أرسل المعايدة لكنه أرسلها لكل من عنده دون اكتراث، خرجت من أصابعه فلم تلامس حتى أصابع من أرسلت إليه بينما المثل الشعبى يقول إن ما يخرج من القلب يصل للقلب.
ليس معنى كلامى هذا أننى لا أحترم تلك الرسائل لكن الحقيقة هى لا تمس قلبى عكس الاتصال المباشر أو حتى مجرد محاولة الاتصال المباشر ولو عبر الهاتف. زمان قبل اختراع الموبايل وقبل خاصية إظهار رقم الطالب على التليفون الأرضى كانت لى قريبة مطلقة ورغم أن كل محاولات الصلح وإعادة المياه إلى مجاريها قد باءت بالفشل إلا أنها كانت تقول لى إنها تشعر بانبساط شديد عندما يرن تليفون البيت وترفع السماعة ولا يرد الطرف الآخر، كانت تقول بكل ثقة إنه مطلقها وأراد فقط أن يسمع صوتها وهى تقول آلو وتظل ترددها أكثر من مرة قبل أن تضع السماعة، ذكرتنى بأغنية شهيرة لشادية تقول فيها: مخاصمنى بقاله مدة وفى ليلة الشوق نادانى، طلبته سمعت حسه وقفلت السكة تانى. هذا يعنى أن مجرد سماعك لصوت أنفاس شخص ما قد يسعدك أكثر من مليون رسالة جامدة المشاعر يتبادلها الناس دون أن تحدث فيهم أى تأثير. ونفس الشيء فى العيد، أنا مثلا أفرح ولو حتى بمجرد (ميسد كول) من شخص أغلق السكة إما حرصا على رصيده أو أنه لم يشأ أن يطيل الرنة خوفا أن أكون نائما أو منشغلا، هذه الرنة وحدها كفيلة بأن تبهجنى أكثر من رسالة صماء، ألم يغن أحد المغنيين الشعبيين أغنية يقول فيها مخاطبا صديقه: يا واحشنى ادينى رنة هتلاقى الدنيا جنة وتلاقى الأعمى فتح والأخرس قام وغنى؟، هل أدركتم كم المعجزات التى تفعلها تلك الرنة التى تبخلون بها على أصدقائكم؟
لذا أرجوكم من الآن فصاعدا، لا أريد رسائلكم التى لم تكتبوها بمشاعركم وتكفينى منكم مكالمة صغيرة أو حتى رنة فهل هذا كثير؟

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة