موقف عبود .. سيارات بلا ركاب
موقف عبود .. سيارات بلا ركاب


الركاب هجروها.. والموازية تـُحاربها.. والعشوائية تضربها

عبود وأحمد حلمى.. «مواقف حالها واقف»

آخر ساعة

الأحد، 23 مايو 2021 - 11:19 ص

مئات العربات المتراصة على جانبى الطريق تحمل بين أضلعها الحديدية أوجاعًا كثيرة ومختلفة، تارة تحلم بالتغيير، وتارة أخرى تنتظر الفرج الذى سيأتيها على يد المسافرين ليحرك ركودها الساكن الذى دام لشهور. 

الانتقال لمكان أفضل حلم يراود مالكى سيارات السرفيس وسائقيها المتواجدين داخل موقفى عبود وأحمد حلمى، الأشهر على مستوى الجمهورية، حيث إن سياراتهم باتت تشبه الخردة من قلة ركوبها، فلا يقترب ناحيتها راكب أو مسافر منذ أشهر عديدة، وتحديدًا منذ موسم عيد الأضحى الماضى، ففى موسم الأعياد رزق وبركة لانتقال المغتربين إلى موطنهم الأصلى، وبعد انقضاء العيد وإجازته يعود الحال كما كان، ويصبح الوضع من سيئ إلى أسوأ. 

دون سابق إنذار أصبح موقفا عبود وأحمد حلمى مهجورين من الركاب، ولا يوجد بهما سوى السائقين والعمال والسيارات ينظر بعضهم لبعض فى حسرة وانتظار، وذلك بسبب المواقف العشوائية المتواجدة فى كل مكان، ويعتبرها الركاب أسهل وأقرب من عبود الذى يبعد كثيرًا عن حيز وسط المدينة، وكذلك الحال فى أحمد حلمى الذى أصبح خاليًا من سيارات السرفيس المُخصصة للسفر للمحافظات، وبات موقفًا عاديًا للنقل العام، وميكروباصات تعمل داخل القاهرة فى الخطوط الداخلية.

منطقة أحمد حلمى، كانت المنطقة الأشهر والأكثر قربًا لدى جميع المسافرين من وإلى القاهرة، وكانت المحطة الرئيسية التى تنقل الركاب إلى المحافظات المختلفة، كونها تقع فى منطقة التقاطع بين رمسيس، ووسط القاهرة، وحى شبرا، وكان يخدم هذا الموقف محافظات الوجه البحرى «الإسكندرية ــ دمياط ــ الشرقية ــ البحيرة ــ الدقهلية ــ الغربية ــ المنوفية ــ الفيوم ــ كفر الشيخ ــ وبعض محافظات الوجه القبلى»، إلا أن الوضع تغير حين صدر قرار بتحويل الموقف من موقف إقليمى يخدم محافظات الجمهورية إلى موقف داخلى فقط وازداد الوضع سوءًا بعد نقل سائقى السرفيس إلى موقف عبود.

«موقف عبود منفى».. بتلك الكلمات عبر سائق السرفيس، الحاج موسى، عن معاناته اليومية التى يعيشها منذ انتقاله إلى موقف عبود، ووصفه بالمنفى لأنه يبعد كثيرًا عن النطاق السكنى والجغرافى لأغلب المصريين، مُشيرًا إلى أن المواقف العشوائية قضت على آخر أمل لعودة الريادة لموقف عبود. 

37 عامًا من العمل فى تلك المهنة قضاها موسى، على خط «القاهرة ــ الإسكندرية» والأخيرة هى موطنه الأصلى، يحصل على «كومسيون» الراتب الأسبوعى له 400 جنيه، لا يعمل ولا يسافر ولا يستطيع تحميل سيارته بالمسافرين على حد قوله إلا بعد أسبوع فيخرج من الإسكندرية يوم السبت ويظل مقيما فى موقف عبود لمدة أسبوع أو أكثر فى انتظار المسافرين، وغالبًا تكون النتيجة لم يحضر أحد. 

«واحد إسكندرية.. واحد إسكندرية».. بصوت مرتفع يتبارى السائقون فيما بينهم على خطف زبون أو اثنين للسفر، لكن يضطر الراكب إلى ترك السيارة بعد أن يظل بها وحده دون غيره فلا يوجد ركاب تُقبل على الموقف نهائيًا، وحينها يغلق السائق باب سيارته عليه ويجبر على النوم بها ربما لأيام لحين وصول ركاب. 

وفى جولة لـ«آخرساعة» داخل موقف عبود، روى أحمد خليل، أحد سائقى خط «دمنهور ــ القاهرة» مُعاناته اليومية التى دامت لأشهر داخل الموقف، مشيرًا إلى أن السبب الرئيسى فى تدهور موقف عبود هو انتشار المواقف العشوائية، لافتًا إلى أن هناك أفرادا بعينهم يسيطرون من الباطن على مواقف السرفيس العشوائية، ويعملون دون وجه حق، ويتهربون من الضرائب، وغير مسجلين فى الإدارة ولا يتبعون هيئات بل يتبعون أفرادا. 

وتابع خليل: «الراكب مش هيسيب الناس اللى بتحمل إسكندرية ودمنهور عند موقف رمسيس، وييجى كل المشوار ده لحد عبود عشان يركب من عندنا، والحل عشان نرجع نشتغل كل الناس اللى بتحمل سفر يُتخذ ضدهم إجراءات قانونية».

والتقط منه طرف الحديث، محمد جمال، أحد السائقين بالموقف، ليؤكد أن غياب وعى المواطن هو العامل الرئيسى فى انتشار تلك المواقف، كونه يترك عن عمد المواقف الرسمية التابعة للدولة ويذهب للركوب من مواقف وهمية غير مصرح بها، فهو بذلك يعرض نفسه للخطر فهو غير مؤمن عليه، كذلك لا يمكنه العودة للموقف حين فقدان شيء فهو فى الشارع، وغير مُسجل، كما أن الأجرة فى بعض الأحيان تتخطى الـ15 جنيهًا فرق، ومع ذلك يذهب للركوب منها، كونها الأقرب بالنسبة له. 

وعن المواقف المطورة مثل السلام النموذجى وبدر وحلوان، أكد السائق شوقى محمد، أحد العاملين بالموقف، أن الانتقال لأى من تلك المواقف الرسمية الجديدة سيكون طوق النجاة بالنسبة لسائقى عبود فالموقف يخدم 27 محافظة على مستوى الجمهورية، وفى كل محافظة يعمل حوالى 200 سيارة فالأعداد ضخمة مقارنة بعدد الركاب.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة