محمد سعد
محمد سعد


أمنية

محمد سعد يكتب: رائحة الموت

محمد سعد

الأحد، 30 مايو 2021 - 06:44 م

هناك من لا يبصر الخطر بينما يسكن الموت تحت أقدامه، ويتربص به. على مدار عشرين يومًا أو يزيد، داهمتنى الجائحة وضرب الفيروس جسدى بشراسة وعنف وقسوة، كادت الرئة تخرج من الخدمة واختفت الحواس دون عودة، وألقت بى كورونا على مشارف النهاية، زادت الآلام التى لا يمكن احتمالها حتى أصبحت بحارها تائهة فى محيط من أوجاع هائجة، أعجز عن وصف مرارتها، وزال الحجاب مرات بينى وبين النهاية، كل شيء حولى كان ينذر برحيل مؤكد ورائحة الموت تقترب.

كل هذا كان مقدرا ومكتوبا، لم يحصل إلا لهدف أو عبرة، فالحياة مسيرة من المشقة، خلق الإنسان فى كبد، وبرغم فداحة المعاناة ولدت المنحة فى قلب المحنة، مخبأ سرى من الوجع، فإذا بالأمل قادم بصحبة الصبر، وحسن الظن بالله، طاقة نور فى قلب العتمة، الثقة بالله هى الترياق الأكبر فى مواجهة الفيروس اللعين، حتى لاحت بوادر التعافى من بعيد، وإذا بى أتماثل للشفاء وأعود للحياة تدريجيا بإرادة من الله.

وللحق أقول إن خطر الجائحة يستهزأ به من يتعاملون مع واقعه كأنه سحابة صيف سرعان ما تزول دون أن تترك خلفها أثرا، لكن الحقيقة أن الخطر قائم بقوة يمتد هنا وهناك ويشتد فتكا بالبشر، ودول كبرى تتهاوى أمام فيروس هلامى يجعلها تقف عاجزة فلا تقوى على وقف حصده للأرواح.

لا يضع الناس فى أذهانهم تلك الصورة القاتمة رغبة بالإبصار بواقع آخر بينما الحقيقة أبشع مما يتصوره كثيرون، الأمر ليس بالهزل الذى يتعامل به الناس فى شوارع مزدحمة وسلوكيات تنذر باشتداد الخطر وقسوته وكأنهم لا يؤمنون بما يبصرون أرواحا تحصد كل ثانية، ربما هى رسالة السماء وفوق كل ذى علم عليم والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

فى مصر تحملت الدولة الكارثة العالمية بصبر وإيمان وتحركت فى كل اتجاه وعلى كل صعيد تضمد الجراح الغائرة تلملم الشتات على أرض الوطن تتعامل بثقة بوجود حكومة واعية ورئيس دولة يؤمن بمنهج علمى يتحصن به فى مواجهة الأزمات، بينما يسلك المصريون سلوكا ينفصل عن الواقع لا يؤمنون بالخطر الساكن فى الشوارع المزدحمة وأماكن تجمعات البشر، إنه الخطر الذى لا يؤمن به الناس ودرء الخطر يفرض واقعه.

المسافة متباعدة بين رئيس دولة يؤمن بحجم الخطر وحكومة تبذل كل ما فى جهدها حفاظا على حياة البشر، الهوة شاسعة بين ما يؤمن به الرئيس والحكومة وما يعتقده الشعب، فالشعب فى عالم آخر عالم يغيب عنه الوعى والأزمة لن نتجاوزها دون وعى وإيمان بحقيقة الخطر.

اهجروا أماكن الزحام وكونوا على يقين بأن هناك خطرا محدقا مازال قائما، الدولة أدت ما عليها من مسئوليات والمصريون يقفون فى الشوارع ويزدحمون فى أماكن التجمعات لا يبصرون حقيقة الخطر، قد يكون استهتار المصريين بالخطر دافعا للدولة بمزيد من إجراءات السلامة والحفاظ على الأرواح، فالخطر يزداد حقا واستهتار الناس قد يؤدى بنا إلى مناطق أشد خطرا فيتبعه مزيد من الإجراءات المشددة أبصروا الواقع فإن فى إبصاره طوق النجاة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة