الامتحان الورقى
الامتحان الورقى


طلاب الثانوية ضحية كورونا والتابلت

«الدفعة المظلومة» تواجه أزمة غياب التقييم

آخر ساعة

الأحد، 06 يونيو 2021 - 11:55 ص

أحمد جمال

يمكن إطلاق وصف "الدفعة المظلومة" على طلاب الثانوية العامة هذا العام، بسبب جملة من العوامل التى تعرضوا لها منذ دخولهم المرحلة الثانوية، التى كان على رأسها تطبيق نظام الثانوية العامة الجديد عليهم لأول مرة، والانتقال من الكتاب المطبوع إلى التابلت، وكان مقرراً لهم أن تكون الثانوية العامة ثلاث سنوات قبل أن يتم التراجع عن القرار، إضافة إلى ما تعرضوا له من مشكلات تقنية فى امتحانات التابلت التى أجريت للمرة الأولى فى العام قبل الماضى.

فى الوقت الذى عملت وزارة التربية والتعليم على تدارك أخطائها وتصويبها جاءت أزمة انتشار فيروس كورونا التى دفعت الوزارة إلى تنظيم امتحانات الفصل الدراسى الثانى من المنزل عبر التابلت، وهى الامتحانات التى شهدت فوضى عارمة بعد أن تحولت البيوت إلى لجان غش جماعية ولم يتعرض الطلاب لتجربة تقييم حقيقة من الممكن البناء عليها هذا العام.

لم يختلف الأمر كثيراً هذا العام، لأن أزمة كورونا استمرت أيضاً، وصاحبها جدل حول ما إذا كانت الوزارة ستقرر إجراء الامتحانات إلكترونياً عبر التابلت أم العودة مرة أخرى إلى الامتحانات الورقية، وشهدت الامتحانات التجريبية التى أجرتها فى شهرى أبريل ومايو مشكلات تقنية أيضاً إلى جانب أزمة جديدة ظهرت بوضوح أكثر وهى أن الطلاب وجدوا أنفسهم أمام نوعية جديدة من الأسئلة لم يعتادوا عليها من قبل، وتضاعفت الشكاوى من صعوبة الامتحانات بل إن البعض وصفها بـ"التعجيزية".

واتفق العديد من أولياء الأمور الذين تواصلت معهم "آخرساعة"، على أن آخر تجربة تقويم حقيقية خاضها الطلاب كانت فى الصف الثالث الإعدادي، أى قبل ثلاث سنوات تقريباً، وكانت بطريقة الامتحان التقليدية العادية التى اعتادوا عليها فى الماضى، وتعتمد بالأساس على الحفظ وتتنوع فيها الأسئلة ما بين مقالية واختيارية، وهو أسلوب يختلف تماماً عما يتعرضون له حالياً، حيث إن الأسئلة تراعى قياس معايير الفهم ولا تعتمد على التذكر مع غياب تام للأسئلة المقالية.

وأوضح محمد شاكر، ولى أمر طالب بمرحلة الثانوية العامة، أن الطلاب لم يتمكنوا من الدخول فى أجواء الامتحانات بالشكل المعتاد لهم منذ الصف الثالث الإعدادي، وفى تلك الفترة لم تكن الامتحانات بها مشكلات كالتى نواجهها حالياً، ومنذ أول امتحان أجرته الوزارة فى الفصل الدراسى الأول عام 2019 حينما كان الطلاب فى الصف الأول الثانوى، وكانت عن طريق التابلت بطريقة "الأوبن بوك" حدث تسريب للامتحانات، وتمكن الطلاب من الحصول عليها عبر "فيسبوك" قبل دخولهم اللجان، ما تسبب فى تراخى الطلاب وعدم اهتمامهم بما تضمنته الأسئلة.

وأضاف: فى الفصل الدراسى الثانى من العام نفسه قررت الوزارة طرح نموذجين للأسئلة وقسمت الطلاب عبر الأكواد التى يدخلون عليها لأداء الامتحان، وكان من نصيب البعض امتحان جاء فى مستواهم المتوسط، فيما كان من نصيب النصف الآخر امتحانات تعجيزية تسببت فى رسوب عدد كبير منهم قبل أن تعدِّل الوزارة النتيجة أكثر من مرة لرفع درجاتهم.

وأشار إلى أن الطلاب أدوا امتحانات الفصل الدراسى الأول العام الماضى وسط بعض المشكلات التقنية البسيطة، لكن التيرم الثانى حدثت المشكلة الأكبر التى ارتبطت بانتشار فيروس كورونا وأدى الطلاب الامتحانات من المنزل، وهو ما جعلهم لا يهتمون بالأساس بما جاء فيها وضاعت هيبة الامتحان بسبب انتشار الغش، لكنهم أيضاً تعرضوا لأزمة ارتبطت بأن الامتحانات فوق مستوى قدراتهم ولجأوا إلى المعلمين لمساعدتهم فى حلها. وهو ما تكرر هذا العام أيضاً، بل كانت المشكلة الأكبر أن بعض المدرسين توصل إلى إجابات مختلفة فى بعض الامتحانات التجريبية كاللغة الألمانية والأحياء، وهو ما أحبط الطلاب الذين أدركوا أنهم غير قادرين على مواكبة تطور طريقة الأسئلة وشكلها فى السنة المصيرية بالنسبة إليهم.

وبحسب أحد المعلمين - طلب عدم ذكر اسمه - فإن هناك حالة من انعدام الثقة بين كافة أطراف العملية التعليمية، وأن المعلمين أضحوا يواجهون أزمة تعدد مصادر التعلم التى أعلنت عنها الوزارة وهناك عشرات الاستفسارات اليومية من الطلاب حول طريقة الوصول إليها والتعلم منها، ومدى إمكانية وجود أسئلة منها فى امتحانات نهاية العام.

وأضاف أن معلمى الدروس الخصوصية يحاولون تجميع أكبر قدر ممكن من المعلومات المعروضة على بنك المعرفة أو منصة "نجوى" أو غيرها من المنصات وذلك حفاظاً على سمعتهم والتأكيد على أنهم يقومون بتدريس كافة محتويات المنهج وهو ما يجعل بعض الحصص التى يحملها بعضهم عبر "يوتيوب" تصل مدتها إلى 10 ساعات، والطلاب يجدون صعوبة فى تحصيل كل هذا القدر من المعلومات.

وذهبت داليا فؤاد، ولية أمر طالبة بإحدى المدارس الخاصة بالإسكندرية، للتأكيد على أن طلاب المدارس الخاصة يواجهون أزمات أكثر من أقرانهم فى المدارس الحكومية لأن غالبيتها لم يكن لديها الشبكات التى أوصلتها الوزارة للمدارس الحكومية، وفى الوقت الذى خاض فيه طلاب المدارس الحكومية الامتحان التجريبى السابق على سيرفرات الوزارة الداخلية كان طلاب المدارس مضطرين للدخول إلكترونيا عبر شريحة الإنترنت وواجهتهم مشكلات عديدة ولم يستفيدوا من التجربة.

وتشير فؤاد إلى أن ابنتها التى كانت من أوائل محافظة الإسكندرية فى الشهادة الإعدادية لا ترغب فى استكمال طريقها عبر امتحانات الثانوية العامة قبل أيام قليلة من انطلاق الامتحانات، ولديها هاجس من صعوبة الأسئلة أو وجود أى مشكلات تقنية أثناء تأديتها الامتحان.

ولفتت إلى أن هناك أعباءً مالية مضاعفة على الأسرة فى ظل إصرار الوزارة على أن تكون محتويات التعلم عبر المنصات الإلكترونية، وأضحى أولياء الأمور أمام مأزق شحن باقات الإنترنت يومياً للوصول إلى مصادر التعلم، وفى الوقت ذاته لم تتوقف الدروس الخصوصية، بل إن بعض المكتبات تستغل تلك الأزمات عبر طباعة المحتويات الإلكترونية وترجمتها لطلاب اللغات وبيعها بأسعار باهظة ويصل سعر المادة الواحدة إلى 200 جنيه.

من جانبه، أكد الدكتور عاصم حجازي، الخبير التربوي، أن الوزارة قامت بعقد تجارب عديدة للامتحانات كان الهدف منها التأكد من أدواتها التقنية وليس تدريب الطلاب على نظام التقييم الجديد، بالتالى افتقد التقييم أهميته لدى الطالب، بل إن الطلاب عزفوا فى النهاية عن المشاركة فى هذه الاختبارات لتأكدهم من أنهم يتعرضون لمواقف اختبارية بدون داعٍ ولن تصب الامتحانات فى مصلحتهم وهو ما يثير القلق لديهم.

وشدّد على أهمية أن يعود للتقييم أهميته ولابد أن يتهيأ الطلاب إلى أنهم سيدخلون على اختبار حقيقى وليس تجريبيا كما كان الوضع سابقاً، وعلى الوزارة أن تحسم أمرها من عقد الامتحانات ورقية أم إلكترونية، وسيكون على أولياء الأمور دور فى بث الثقة فى نفوس أبنائهم والتأكيد على أنه لا مجال للخطأ التقنى مجدداً فى امتحانات نهاية العام.

ومن المقرر أن يعلن الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم، تفاصيل إجراء امتحانات الثانوية العامة هذا العام، وكذلك المواعيد الرسمية والنهائية للامتحانات فى غضون الساعات المقبلة.

وبحسب آخر تصريحات للوزير فإن "الامتحانات ستعقد إلكترونياً على التابلت وورقياً لطلاب المنازل والإعادة، كما أن الامتحانات النهائية ستنعقد فى لجان مجهزة ومؤمنة بالمدارس الحكومية فقط ولن نستخدم الشرائح أو السحابة الإلكترونية، بالتالى يجب أن يطمئن أولياء الأمور أنه لا علاقة بأى مشكلة تعترض أبناءهم فى مدارس خاصة أو من المنزل أو مدارس غير مجهزة بالامتحان النهائى ولا يجب إسقاط هذه التجربة على الامتحانات النهائية".

ولفت إلى أن الوزارة اختبرت الشبكات بالامتحان التجريبى الأول ثم سمحت باستخدام السحابة فى الامتحان الثانى كى يستفيد الطلاب فى المدارس غير المجهزة بالأسئلة ولو أننا لن نمتحنهم فى هذه المدارس فى الامتحان النهائي، موضحاً أن الوزارة لن تسمح باستخدام الشبكات لأسباب تأمينية وفنية وسيكون الامتحان فى مدارس تم اختبارها بعناية شديدة وبالتالى دعونا نهتم بمحتوى الامتحان فقط ولا ننشغل بالتقنيات.

وكانت وزارة التربية والتعليم، عقدت خلال الفترة من 23 حتى 27 مايو الماضى امتحانا تجريبيا لطلاب الثانوية العامة لتدريب الطلاب على الأسئلة وأيضا اختبار الخوادم المركزية فى المدارس الحكومية المجهزة بالشبكات استعدادا للامتحانات، كما أجرت الوزارة تجربة اختبار "البابل شيت" على طلاب مدرسة الأورمان فى الدقى كبديل فى حالة تطبيق تجربة البابل شيت فى الامتحانات النهائية.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة