خالد رزق
خالد رزق


مشوار

الموظف الذى عطس

خالد رزق

الأحد، 20 يونيو 2021 - 07:34 م

للأديب والطبيب الروسى النابغ أنطون تشيخوف المتوفى فى عام 1904 إسهامات مسرحية وقصصية تعد بين أعظم ما أبدع العقل الإنساني، من ناحية ثوريتها أسلوباً وفكراً، ومن بين مجموعاته القصصية الكثيرة برزت قصة واحدة حملت عنوان (موت موظف)، وهى تروى ببساطة كيف قادت «عطسة» موظف إلى حتفه خوفاً من غضب موظف أعلى منه شأناً تصادف أن كان يجلس أمامه بدار الأوبرا عندما عطس وتطاير رذاذ عطسته ليمس برأس الموظف الكبير.

وقع الحادث الكبير للموظف البسيط الذى راح عن عقله أن جريمته هى مجرد فعل إنسانى غير مقصود يمر عند جميع البشر، لمجرد أنه اكتشف أن الشخص الذى ضايقه رذاذ العطسة وهو لا يرأسه بمحل عمله ولكنه أكبر فى المقام الوظيفى غضب وأن غضبته ربما يكون لها عواقبها، فلم يكتف بالاعتذار بقلب قاعة دار الأوبرا وإنما راح ليطارد الرجل ويلاحقه باعتذاره فى البهو، ثم فى اليومين التاليين اللذين قصد فيهما محل عمل الأخير وأصر على أن يقابله ليشرح له أن فعله لم يكن مقصوداً وأنه ليس واحداً ممن يتصرفون على نحو شائن مسيء.

فى اليوم الثالث وبعد أن ضج الموظف الكبير من ملاحقة صاحب العطسة له وظن أنه يهزأ به، انفجر غاضباً وطرده من مكتبه، ليخرج بعدها الموظف الذى عطس وقد اعتراه إعياء بصدره وأحشائه وبمجرد وصوله إلى منزله سقط صريعاً، «مات» الموظف الصغير إذن والذى قتله ليس أدبه وإنما جبنه وخوفه.

تعودنى هذه القصة كثيراً وأنا أرى وأسمع موظفين مهما علت مراتبهم ومواقعهم الوظيفية وهم يتملقون رؤساءهم، ويخشون حتى عرض ما يرونه صحيحاً من أفكار فينفذون وبغير نقاش التعليمات حتى وإن كانوا على ثقة بعدم صوابها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة