ارشيفية
ارشيفية


مأساة «نجاة».. تزوجها ثري عربي لسرقة كليتها.. والسفارة المصرية تنقذها

علاء عبدالعظيم

الثلاثاء، 29 يونيو 2021 - 10:18 م

ملامحها تحمل هموم الدنيا، واعترافها يثير الفضول، وينقلك من إثارة إلى إثارة.

إنها نجاة ابنة القرية التي نشأت في أسرة فقيرة، حيث عاد والدها ذات مساء إلى المنزل، متهلل الوجه، وكان في قمة سعادته، وهو يخبر والدتها بأن صديقا له يعمل مع ثري عربي، أخبره برغبته في الزواج من فتاة مصرية، فرشحها له صديق الأب لتكون زوجته التي يبحث عنها  وقف الأب يروي ماحدث، وعيناه تتأمل نجاة، ورد فعلها، وينتظر إجابة الأم، التي قبل أن تنطق بكلمة واحدة، أطلقت زغرودة، شقت ظلام القرية، تنتابها فرحة، وسعادة فهذا عرض فرصة العمر التي سوف تنتشلهم من الفقر، وغلظة العيش، اقترب الأب من الابنة، وربت على كتفها في حنان، وهمس لها بأن مستقبل الأسرة بين يديها.

ارتعدت أطراف نجاة.. فأبوها طيب القلب، سيئ الحظ، يعمل ليلا، ونهارا، ويقاسي ويلات المرض، ولا يعرف الراحة، أو الإجازات، كل ساعة في عمره لابد أن يجد لها مقابلا، حتى ولو جنيها واحدا، يشتري به خبزا لهم.

اقرأ أيضا| حكايات الحوادث| طلاق في شهر العسل.. جزاء رفض نصائح الأهل

لم تراودها نفسها ولو لبرهة، ووافقت على الفور، معتقدة بأن الحظ على موعد معها لهذا الزواج، وتودع معه حياة البؤس، والشقاء، لكن مشكلة عويصة بدأت تهدد الأمل الذي عاشته أسرتها، حتى زارهم الثري العجوز، فهي لم تبلغ السن القانوني للزواج، وشعر الجميع بالصدمة، وهذه العقبة التي لم يتذكرها أحد أثناء غمرة الفرح، لكن همس أحد الأهالي في أذن الأب بالحل السحري الذي يخلصهم من هذه المشكلة، وأشار عليه أن يستخرج بطاقة مزورة باسم شقيقة نجاة المتزوجة، ويضع صورتها عليها، لم يتردد الأب حتى لا تضيع الفرصة، ولم يخبر نجاة بتلك الحيلة، بل أخفاها عن أناس كثيرين، وخلال أيام تم الزواج من الثري العجوز، وشعرت نجاة بأن زواجها ماهو إلا انتحار بطيئ، لكنه انتحار من أجل أن يحيا الآخرون، الأب، والأم، والإخوة.

رضيت نجاة بنصيبها، وسافرت مع زوجها العجوز، إلى بلده العربي، وهناك توالت المفاجآت على رأسها كالصواعق، حيث فوجئت أنه متزوج، وله ٥ أبناء، وأقامت مع زوجته، وأبناءه، في البداية شعرت بالخوف لكنها لم تكن أول امرأة تواجه مثل هذا الموقف، وبعد مرور أسبوع، فوجئت بزوجها يطرد الخادمة الفلبينية، ويطلب منها بأن تكون الخادمة، وزوجته في نفس الوقت، لكن المفاجأة الثالثة التي زلزلت كيانها، عندما أخبرها الزوج بأنه اعتاد بتوقيع الكشف الطبي على العائلة بأكملها كل فترة زمنية محددة، كما هو متبع في الدول الأوروبية، وكي تطمئن على نفسها، وما إن ذهبت معه إلى الطبيبة التي تبين أنها مصرية، تسألها همسا، إن كانت تعرف سبب هذه الفحوصات، والتحاليل، أخبرتها نجاة بما قاله له الزوج، ضحكت الطبيبة في ألم، وكانت ملامحها مشفقة، تريد أن تقول شيئا، توسلت إليها نجاة بأن تصارحها، ووعدتها بالتزام الصمت، والهدوء حتى تغادر المكان.

وعلمت من الطبيبة بأن ابنة الزوج تعاني من تدهور صحي، خطير، وحالتها تستلزم زرع "كلى"، وأن زوجها طلب منها أن تقوم بعمل التحاليل والفحوصات لها، وإذا توافقت ، فسوف يوهم نجاة بأنها تحتاج إلى جراحة بسيطة، ويتم نقل "الكلى"، إلى ابنته.

كتمت نجاة صرخاتها بداخلها، وحبست دموعها، تراودها نفسها لو أن الزوج صارحها بحقيقة الأمر، لتبرعت بكليتها، عن قناعة، ورضا.

واتخذت القرار، وهربت من المنزل متوجهة إلى السفارة المصرية، واستضافها السفير بكل ترحاب، بعد أن استمع إلى مأساتها، وفجأة حضر الزوج العجوز ثائرا، وغاضبا، يهددها إذا لم تعود معه للمنزل، سوف يبلغ السلطات المصرية عن تزوير أهلها في الأوراق الرسمية، وأنها سافرت معه على أنها نجاة، لكن بطاقتها تحمل اسم شادية، شقيقتها.

تدخل السفير، ورد على تهديده، وأخبره بأنه اعترف بلسانه بأنها ليست نجاة، لأن بطاقتها تحمل اسم شادية، التي تعيش بإحدى القري بمحافظة كفر الشيخ، ومتزوجة منذ سنوات، ولم تبرح قريتها قط، أما نجاة فلا تربطه بها أي علاقة، وأعلن بأنها في حماية السفارة، وخرج الزوج يتصبب عرقا.

وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، وبإخطار اللواء أحمد أبو الفتوح  مدير أمن كفر الشيخ آنذاك، بالواقعة، وتم ترحيل نجاة عن طريق السفارة، لإنقاذها من المأساة، وجاءت تحريات العميد، أحمد صالح، والعقيد، صلاح أبو رية، بصدق أقوال نجاة.

وأمر محمد الجندي رئيس النيابة، بضبط، وإحضار، الأب، وعمدة القرية، وشيخ البلد، وتقرر حبسهم، ونجاة ٤ أيام على ذمة التحقيقات، واتهامهم بالتزوير في أوراق رسمية.

بينما وقفت نجاة داخل قفص الاتهام تعلو وجهها ابتسامة خفيفة، تقول إن السجن ارحم بكثير من قصر الزوج العجوز، الذي خطط لسرقة "كليتي"، لابنته، لكنني نجوت بحياتي، وبكرامتي، وهما عندي أهم بكثير من السجن.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة