الثلاثاء، 06 يوليه 2021 - 02:16 م

شوقى حامد

مشوارى فــــــى بلاط صاحبــــــــة الجـــــلالـــة زاخر بالمواقف حاشد بالأحـــــــداث ملــــــىء بالعلاقات مع الكثير من الشخصيات.. لأنه طـــال لأكــثر مــن أربع حقـب زمنيــة.. فقد اسـتحق التســجيل واسـتوجب التدوين.. وعــلى صفحــــات آخر ساعة أروى بعضا مـــن مشاهده.

هو جناح الشواكيش الأشهر وهدافه الأمهر ومهاجمه الأخطر وفنانه الأشطر.. هو مهاجم جيل الستينيات للترسانة يوم أن كان الفريق يضم زمرة من الموهوبين الذين تمكنوا من هز عرش الأقطاب وزلزلوا استقرارهم وحيروا أفكارهم ودفعهم للتفكير فى تجديد الصفوف وتغيير الرفوف وطأطأة الأنوف.. هذا الجيل الذى تمكن من إيقاع الهزيمة بنادى القرن عندما ضم المايسترو ود.طه وميمى عبدالحميد وأبو النور وكنفانى والفناجيلى، وجاءت الخسارة بنتيجة قاسية وعلى مرتين متتاليتين لم يفصلهما سوى بضعة أيام، مرة بخماسية مقابل هدف وحيد والثانية برباعية نظيفة.. ويومها تهكم أهل ميت عقبة على مشجعى الجزيرة وأطلقوا الرقم التليفونى الشهير ٥١٤٠، وتحسرت الجماهير المتيمة بالأحمر على مستقبل فرسانها المظلم فى ظل تألق النخبة أمثال الدويتو الشاذلى ورياض.

وُلد الكابتن مصطفى رياض الذى اسمه الحقيقى إبراهيم محمد رياض فى يوم ٥ أبريل من عام ٤١ من القرن الماضى فى حى بولاق أبو العلا من أسرة متوسطة الحال، ربها يعمل بورش الترسانة ولديه ستة من الأبناء ثلاثة ذكور ومثلهم من الإناث.. وكان فتانا الموهوب أوسطهم يسبقه محمد ويلحقه حسن، وكما هو المعتاد فى تلك الحقبة مارس الكرة الشراب فى شوارع وحارات الحى وتفوق على أقرانه بالسرعة والمهارة والخطورة والمرونة.. ولفت إليه الأنظار وخطف الأبصار، ونصحه بعض رجالات الحى بالتقدم لاختبارات النادى الشعبى القريب من الحى وهو الترسانة الذى كان معقلا لعمال مصر.. وذهب إلى النادى مترجلا عبر كوبرى أبوالعلا الحديدى، وما إن وقعت أنظار الخبيرين يوسف على وراشد إلا وبادرا بضمه إلى فريق الأشبال وكان ذلك فى عام ٥٢.. وتفرد نادى الترسانة بتقليد فنى طيب بإقامة مباراة للناشئين قبل مباريات الفريق الأول لتشجيع الصبية على مواجهة الجماهير.. ولفتت مهارة وموهبة الصبى رياض أعين شيخ المدربين عم الشيوى الكبير فقرر تصعيده للتدريب مع الفريق الأول، وكان ذلك فى بداية حقبة الستينيات ليزامل الكباتن إبراهيم الخليلى وفتحى بيومى وحمدى عبدالفتاح وفؤاد جودة والدهشورى حرب وحسن فريد ومحمود حسن وأشرف الألفى وباجنيد وحنفى إبراهيم وحنفى شعراوى وعبدالمنعـــــــم الحــاج.. وبالرغم من لعبه مع الكبار لم يهجر فريق الشباب الذى كان يتولاه بالرعاية والعناية بكل قياداته المتعاقبة.. وجاءت باكورة ثالثة فى مباراة ودية أمام الأهلى الذى كان يقوده كابتن همامي.. يومها أحرز رياض أربعة أهداف جميلة كسوبر هاتريك ثم جاءت الرياح بما لا تشتهى سفنه عندما واجه الفريق الأول للترسانة خسارة كبيرة ٤/٣ أمام نادى طنطا فى الدورى الممتاز وكانت أولى المباريات الرسمية التى شارك فيها رياض يومها لم ينس الموقف التربوى للأب الروحى كابتن الشيوى عندما اختصه بحنان الوالد وربت على كتفه وبرأه من أية مسئولية عن تلك الهزيمة الثقيلة وطالبه بالتركيز وعاونه بالتحفيز.. لم تنتظر الموهبة الفذة للفتى رياض الدور لتعليق الشارة الدولية وانضم للمنتخبات الوطنية، ويذكر الموقف الرائع للمايسترو صالح سليم الذى كان كابتن منتخب القاهرة فى إحدى المباريات أمام منتخب القناة وكانت على ملعب النادى الأهلي.. لم يوفق رياض فى الشوط الأول وخرج ناويا المطالبة بتغييره، فتلقفه المايسترو ونصحه بمواصلة السعى نحو تعديل صورته أمام قيادة المنتخب  حين ذاك الكابتن محمد الجندى والكابتن حسين مدكور، وكانت لنصيحة المايسترو تأثير السحر وتألق  رياض وتعملق وانتزع رضا الجميع.. حصل رياض على العديد من الأوسمة والأنواط وشارك فى الكثير من البطولات ولا ينسى  الفوز العريض الذى حققه مع المنتخب على كوريا بعشرة أهداف نظيفة كان نصيبه منها ستة أهداف وهو رقم قياسى لم يصل إليه أحد من أقرانه، وكانت أجمل ذكرياته الدولية يوم أسهم فى فوز المنتخب على النمسا بهدف نظيف أحرزه بدوى عبدالفتاح، ولأنه اعتاد الوفاء لناديه والإخلاص لجماهيره رفض أية عروض وأبى الخضوع لأية مغريات وظل محتفظا بتواجده بالترسانة ومتذكرا لأفضال الأوائل كابتن الشيوى وكابتن حمزة عبدالمولى.

سمحت لى الأقدار أن أسعد بمرافقة الغزال الأسمر، كما كانوا يلقبونه وكذلك أسموه الجناح الطائر، عندما كنا نلبى دعوة الإفطار الرمضانية التى كان يوجهها عمنا الدهشورى حرب بنادى ضباط الشرطة بالجزيرة.. وأشهد أنه خفيف الظل باش الوجه عزب الحديث، ابن نكتة.. وكان يتمتع بالأدب الجم والأخلاقيات العالية والسلوكيات السامية.. ولديه مكرمة قد لا تكون فى الكثير من الأقران حيث يحسن المشاركة فيما يجيده من مجالات ويحجم عنها عندما يكون الصمت أبلغ من الكلام.