أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

تونس .. قراءة «هادئة» فى قضية «ساخنة»

أسامة عجاج

الثلاثاء، 03 أغسطس 2021 - 08:58 م

يخطئ من يظن أن الأحداث التي شهدتها تونس ، كانت مفاجأة للمتابعين، أو الذين لديهم اطلاع علي الأوضاع التونسية، خلال العشر سنوات الماضية، والتي أوصلت الأمور الي أزمة متعددة الأبعاد، سياسية ودستورية واقتصادية، وظني أن ماحدث هو نتاج طبيعي لذلك التأزم ، ورغبة أطرافها في التمترس والتشبث بمواقفها، والوصول بها  إلي «معادلة صفرية» . 
ولعلّي هنا دون أي تجن علي أي جهة، أحمل  كل النخبة السياسية - بلا استثناء- مسئولية الأزمة، وفي المقدمة حركة النهضة التونسية ، لأنها الشريك الأكبر في إدارة الأمور، خلال الفترة الماضية، وذلك لعدة أسباب  -أولًا - أنها لم تقرأ التدهور الحاصل في موقف الشارع التونسي منها خلال عشر سنوات،  مما أدى الي أزمة لها مع قطاعات الشعب، ومع أنصارها، ومع سلطات الدولة المختلفة، وفي مقدمتها الرئاسة، والأرقام هنا «لا تكذب ولا تتجمل»، و من خلال نتائج  ثلاثة انتخابات رئاسية ومثلها نيابية ، في الأولي وكانت لتشكيل المجلس الوطني التأسيسي، حصلت النهضة علي ٨٩ مقعدًا من ٢١٧، ووصل عدد المصوتين لها حوالي مليون ونصف مليون تونسي، جاء في المرتبة الثانية حزب المؤتمر من أجل الديمقراطية بزعامة المنصف المرزوقي، وهو حزب يسارى قومي ،وحصل علي ٢٩ مقعدًا ، وبعدها بدأت مسيرة التراجع،  ففي انتخابات ٢٠١٤  تقلص تمثيل النهضة في مجلس النواب ليحصل علي ٦٩ مقعدًا،  وحل الثاني في الترتيب العام،  بعد حزب وليد هو  نداء تونس  بزعامة الباجي قائد السبسي، وهو من رجال بورقيبة ، الذى فاز  بـ ٨٦ مقعدًا في البرلمان، وكانت الانتخابات الأخيرة  في عام ٢٠١٩ سواء الرئاسية أو البرلمانية، كاشفة علي اكثر من مستوي، الأول أن النهضة قررت الدفع لأول مرة بمرشح للرئاسة، فاختارت الرجل الثاني عبدالفتاح مورو ،فلم يستطع تجاوز المرحلة الأولي من التنافس ،والأخطر هو الانخفاض الحاد في عدد المصوتين لها من بين حوالي مليون ونصف في عام ٢٠١١ إلي حدود ٥٥٠ ألفا في الانتخابات الأخيرة، وهذا ببساطة يعني أن النهضة فقدت ثلثي مصوتيها ،  وعدد  النواب إلي ٥٤ حيث تراجعت حوالي ٤٠  بالمائة من حيث الأعضاء ، ناهيك عن الخلافات التي ظهرت داخل الحركة، وكشفت عنها الاستقالات  في المستوى القيادى، وتنامي تيار يطلق علي نفسه،  مجموعة الوحدة والتجديد ،  وتتحفظ علي إدارة الغنوشي لأمور الحركة  خلال الفترة الماضية.. كما حكمت تحالفاتها السياسية  -ثانيا -  «الانتهازية السياسية»، دون الالتزام بأى مبادئ أو شعارات،  ففي المجلس الوطني التأسيسي ، دعمت النهضة المنصف المرزوقي  المحسوب علي الثورة، ففاز بالرئاسة في عام ٢٠١١ ، وتغيرت البوصلة عندما تحالفت مع الباجي قايد السبسي في انتخابات ٢٠١٤ ، وهو محسوب علي نظام الحبيب بورقيبة، وكان وزيرًا في عهد زين العابدين بن علي، وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة وفي الدور الثاني دعمت قيس سعيد، ففاز بالانتخابات في مواجهة نبيل القروى المتهم بالتهرب من الضرائب وغسيل الأموال، ولكنها عادت في البرلمان لتشكل تكتل سياسي داعم لرئيس الوزراء المقال هشام المشيشي ، يعتمد علي أعضائها ومعهم نواب قلب تونس بزعامة نفس نبيل القروى، يضاف الي ذلك - ثالثًا - غياب مشروع للتعامل مع الشأن الاقتصادي، وتحسين معيشة التونسيين بعد الثورة وكانوا شركاء في الحكم طوال السنوات العشر الماضية.
دعونا ننتظر تطورات الأسابيع القادمة مع دعواتنا لتونس وشعبها بالاستقرار والأمن.

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة