الأحد، 08 أغسطس 2021 - 07:13 م

بقلم/ مفيد فوزي

نهرني بشدة أن أكون نفسي وأقلع عن تقليد أسلوب هيكل قائلا في انفعال: فيه هيكل واحد!

كنت أفتش في أوراقى القديمة ولسان حالي يسأل لماذا احتفظت بهذه الورقة أو تلك؟!
وتوقفت عند ورقة قديمة أصفرت من الزمن وبخط منمنم أنيق. الورقة− كما فهمت− هي مقال بعنوان روح العفرتة! وكانت ذاكرتي التي لم تصدأ قد ذكرتني بالتفاصيل! هذا مقال كتبه الكاتب النابه المستنر أحمد بهاء الدين. كان افتتاحية أول عدد أترأس فيه مجلة صباح الخير. كان أحمد بهاء الدين وقتئذ رئيسا لتحرير مجلة العربي التي تصدر في الكويت واتصل بي ليهنئني بالمنصب ويطلب أن أحجز الافتتاحية لمقال سيكتبه.

وفرحت بهذا المكسب. أول عدد لى− كرئيس تحرير− يكتب افتتاحيته أحمد بهاء الدين الذى تتلمذت على يديه وكان ينصحنى أن أتخلص من تقليد «هيكل» الذى أفتتن جيلى بأسلوبه. وعندما كنت محررا فى صباح الخير التى كان أحمد بهاء الدين أول رئيس تحرير لها.. نهرنى بشدة أن أكون نفسى وأقلع عن تقليد أسلوب هيكل قائلا فى انفعال: فيه هيكل واحد!

وعلى طول السنين بدأت ملامح أسلوبى تظهر. وأعود إلى مقال روح العفرته أول افتتاحية لى فى صباح الخير التى ترأست تحريرها.
كتب أحمد بهاء الدين يقول: الرئاسات فى المجلات والصحف تتبدل من داخلها ومن خارجها أغلب الوقت.
ولكن صباح الخير انفردت بأنها كانت دائما فى عصمة ابنائها الذين شاركوا فى إصدارها من العدد الأول أو ولدوا فيها: حسن فؤاد، لويس جريس، وفى عيد ميلادها يمسك بدفة القيادة، أحد ألمع الذين عملوا فيها من اليوم الأول: الزميل مفيد فوزى الذى كان روح العفرتة فيها من اليوم الأول وقد أصبح رئيس التحرير ولكنه مازال يمثل ويتمتع بروح العفرته فيها منذ كان محررا فيها، وهو الشرط الذى يجب أن يتوفر دائما فى كل رئيس تحرير لصباح الخير حتى يجسد حتما «روح» صباح الخير.
وأنا أرى صباح الخير تحت اشرافه تتجدد وتتزين وتجدل ضفيرتها برشاقة كل أسبوع. إنها معه ستظل محتفظة بشبابها. والحرية التى هى الأكسجين الذى يحتفظ لها بإيقاع متفرد. يامفيد فوزى.

«من الباخرة رع أمام الأقصر أو من أقدم ما فى مصر عمراً إلى أكثر ما فيها شبابا» أحمد بهاء الدين.
ومازلت أحتفظ بمقال أحمد بهاء الدين بخط يده لكن المقال له دلالات:
١− إن التشجيع كان سمة أساتذة الزمن الماضى، فأحمد بهاء الدين ليس مطلوبا منه أن يقف مع شاب أثبت كفاءته منذ العدد الأول، ولكنه كان كبيرا، ولذلك وقف إلى جوار أول شباب صباح الخير الذى صار رئيسا للتحرير.
٢− إن خطاب أحمد بهاء الدين يؤكد تواصل الأجيال وقد رأس بهاء عدة مؤسسات صحفية وكان رئيس تحرير الأهرام، وبعد جهد السنين فى مصر سافر إلى الكويت ليصبح رئيسا لتحرير «مجلة العربى».
والتقيت به هناك. وعندما كان يرى بعض الكويتيين يريدون التقاط الصور معى يوم كنت أقدم حديث المدينة حذرنى أن «تأخذنى» الشاشة من الورق!
٣− إن الفنان حسن فؤاد هو الذى قدمنى يوما لرئيس تحرير صباح الخير أحمد بهاء الدين. وعندما صرت رئيسا للتحرير قال لى: كنت شايف فيك حاجة مختلفة فشلت فى توصيفها ولكن «بهاء» اكتشفها وهى روح العفرتة!
٤− يوم حاورت هيكل فى شتاء السبعينيات، قال لى: كنا سننشر حوارك الطويل معى فى صباح الخير، أما انك لم تعد رئيسا للتحرير فالاقتراح أن ننشرها فى مجلة نص الدنيا التى ترأس تحريرها الغالية سناء البيسى، وقد كان ما تمناه هيكل، فرحت سناء البيسى بالحوار المطول «١٢ اسبوعا» وأعطته الحجم الذى يليق به من الدعاية. وصار الحوار كتابا اختاره سكرتير عام المثقفين د.سمير سرحان ليكون كتاب العام «هيكل الآخر».
٥− لاتزال كلمة أحمد بهاء الدين ترن فى رأسى: حذارِ أن تأخذك الشاشة من الورق والأقلام!

حكاية سناء
المقصود حكاية سناء جميل التى أعطت المسرح زهرة شبابها ورحلت بعد أن تركت «أعمالها» فى الاذاعة والسينما والمسرح والمسلسلات. حكاية سناء عنوان كتاب للشابة روجينا بسالى، وهى مصرية صعيدية تخرجت فى معهد الفنون المسرحية وعشقت الفن التسجيلى وقد سمعت لأول مرة عن الفن التسجيلى منذ عشرات السنين وأنا فى كندا التى تعتبر مرجعية الفن التسجيلى وكتاب روجينا بسالى عن سناء جميل قدمه الكاتب الصحفى عمرو خفاجى بأسلوبه الرشيق مجدد المقاطع.

وسبق الكتاب فيلم تسجيلى عن سناء جميل واستعانت روجينا  التى آمنت بموهبتها− منذ فيلمها الأول− بلقطات لى من برنامج كنت قد قدمته مع النجمة الغالية زوجة الصديق لويس جريس. طلبت من مخرج البرنامج جميل المغازى لقطات بعينها استرعت انتباه روجينا كمشاهدة! ولم يتردد المغازى فى طلبها، واستطاعت روجينا التى استعانت بنجوم، يرسمون معها شخصية سناء جميل وسبكت بذكاء اللقطات التى توثق شخصية سناء  جميل. وفى عرض بهيج رأينا فيلم روجينا بسالى التسجيلى الجميل عن سيناء جميل ولنفس المخرجة الشابة المتألقة روجينا حضرت عرضا جميلا عن فيلم روائى قصير جمع بين النجمة صفية العمرى ومحمود قابيل والشابة عائشة بن أحمد التى تألقت فيما بعد فى مسلسل نيوتن مع منى زكى ومحمد ممدوح من اخراج تامر محسن. قبلت الشابة التونسية دورا صغيرا هامشيا لتعاون روجينا على مهمتها. وروجينا صدمت المجتمع حين جرؤت على اخراج برنامج جرىء، لم يكن المجتمع مؤهلا لرؤية هذا العرض لكن روجينا بسالى قالت كلمتها من خلال فيلم تسجيلى فيه ناس حقيقيون كان لديهم الشجاعة لكى يتكلموا ويفصحوا ولم يتلعثموا أمام الكاميرا بل واتتهم الشجاعة ليقدموا تجاربهم وتجاربهن! ورغم ان البعض استنكر موضوع الفيلم التسجيلى لروجينا بسالى، ولكن يحسب لها كمخرجة انها «حاورت» الشباب بجرأة واجابوا بنفس الجرأة فى موضوع نتهامس به دون أن نجرؤ على الكلام فيه!

لا أملك الآن إلا الاعتراف بموهبة الشابة المخرجة روجينا بسالى. وعلمنا د.مصطفى سويف استاذ علم نفس الجمال أن الموهبة اذا خرجت للمجتمع وأثبتت نفسها ونجحت فى اجتياز امتحان الجمهور. فإننا «نعترف بموهبتها».
إن وزارة الثقافة لم تقصر مطلقا فى أن تساعد روجينا بسالى على انجاز أفلامها التسجيلية والروائية القصيرة «صفية العمرى ومحمود قابيل» التى قلت عنها إن روجينا استطاعت تصوير الزمن والمشاعر الساكنة الصدور ولم تغادرها.
لكن فرص العمل أمام روجينا قليلة وتأتى بمبادرات شخصية.  مثلا، توقفت روجينا طويلا أمام قصة حياة النجم سعيد صالح أشهر نجوم الكوميديا. وقد سجن سعيد صالح فى حياته واستطعت أن أقابله فى سجنه بعدسات حديث المدينة وكان شفافا فى إجاباته إلى درجة أذهلت ابنته. التى قالت لى «بابا عمره ما كان بمثل هذه الصراحة التى معك»!
وياريت تعثر روجينا بسالى على هذا التسجيل فى حديث المدينة «قطاع الأخبار» لتوثق به فيلمها المرتقب. أنا أعلم أن موهبة د.ايناس عبدالدايم فى العزف بدأت فى سن الخامسة وهى مؤمنة كوزيرة بالمبدع الصغير، مبادرة حرم رئيس الجمهورية.

نريد أن نبحث عن المواهب لا عن التيك توك نريد− بمعاونة الكشافين الكبار− أن نعثر على المبدعين الصغار وليس عن التريند!!
لهذا أقول إن روجينا بسالى مخرجة واعدة ولها رؤية وتعرف بفصاحة لغة الكاميرا، وتدرك الفرق بين العمل التسجيلى والفيلم الروائى.
ومن يدرى ربما تبهرنا فى فيلم روائى اذا آمن نجومنا الكبار بموهبتها الناضجة. أعطوها الفرصة ولن تندموا. إن العثور على موهبة حقيقية كما العثور على الذهب فى لفائف التربة، شىء يلمع فقط، امسحوا التراب من فوقه وسينال إعجابكم.

الشأن العام
● بعض الناس يفكرون بجهازهم الهضمى!
● يفضل فى المطاعم أن يكون موبايلك «silent»!
● د. هشام نجم، نجم نجوم أطباء الأذن ينصحك بعدم ارتياد الأماكن الزائدة الحد فى الضوضاء المسموح بها علميا. وينصح الحوامل بعدم السكن فى عمارات قرب المطارات و٢٠٪ من مرضى فرنسا نتيجة تلوث ضوضائى. إن حاسة السمع من أهم حواس الانسان ولكننا لا نفهم هذا!
● أعطوا أهمية للغة العربية− من خلال مبادرة− بوصفها كياناً قوميا يمثل أغلى ما تملكه أمة.
حافظوا عليها من الإهدار والتشويه. قل كلمتك يا د. صلاح فضل رئيس المجمع اللغوى.
● نصف اخطاء سلوكياتنا هى نتيجة جهل. وضرب الأمية بمدافع التنوير هى الحل.
● سئلت: ما هى مهنتك؟
وأجبت: مسحراتى وطن!
سئلت: ماذا تفعل؟
وأجبت: أحاول إيقاظ الناس بكلمة.