المشروع القومى لتبطين الترع
المشروع القومى لتبطين الترع


مبادرات السيسى تحمى «حامل الخيرات»

النيل.. حياتنا

آخر ساعة

الأحد، 15 أغسطس 2021 - 12:53 م

سيظل النيل يجرى لمستقرٍ له، هكذا يؤمن كل مصرى، فهذا النهر العتيق يروى ظمأنا وتطيب به أرضنا، مثلما يروى فصولاً طويلة من تاريخنا المجيد.. قدَّسه أجدادنا القدماء وقدموا له القرابين كإله، وظل محتفظاً بصفحته الخالدة ماءً عذباً يتدفق نوراً، ويحمل بين كفيه الخير لكل المصريين.. أما الوادى الذى شقَّه لنفسه منذ الأزل، مع فرعيه «دمياط ورشيد» فقد منح جغرافية مصر علامة نصر محفورة فى الصخر والطين، وكأنها رمز حماية أبديّة لهذه الأرض الطيبة.
وبمناسبة يوم «وفاء النيل» الذى يوافق 15 أغسطس من كل عام، ويعترف فيه المصريون بفضل هذا النهر العظيم عليهم، تقدِّم «آخرساعة» هذا الملف، وفيه حديثٌ يطول عن «شريان الحياة» و«حامل الخيرات»، عبر إطلالة على أبرز المشروعات والمبادرات الرئاسية للحفاظ عليه، وحكايات شائقة عن جُزره النابضة بالجمال، ويوميات الصيادين فى رحابه، كما نتطرق إلى دوره فى تنشيط السياحة النيلية عبر «رحلة الأحلام» والأساطير التى ارتبطت به تاريخياً، وكيف تفاعل معه الأدباء والفنانون، فنسجوا من وحيه أعذب النصوص وأجمل اللوحات، وفى السينما كان ولا يزال «فتى الشاشة الأول».
إنه «حابي».. النهر الخالد.. مصدر الرزق.. ونبع السعادة.. إنه النيل.. حياتنا.

ياسمين عبدالحميد - ندى البدوى

منذ آلاف السنوات والمصريون يدركون قيمة وأهمية "نهر النيل"، حامل الخيرات الذى قدسوه وأقاموا له احتفالًا كبيرًا فى أغسطس من كل عام، وقت حلول الفيضان، فكانوا يلقون له عروساً من الخشب فى موكب عظيم، يتقدمه الملك وكبار رجال الدولة، دليلًا منهم على العرفان بالجميل لهذا النيل العظيم، واستمر وفاء المصريين للنيل عاما بعد عام، وهم على العهد يحافظون عليه ويحمونه ويقدرون له ما يقدمه من حياة لشعب مصر.
 

مشروعات تنموية عملاقة، وإنجازات ضخمة عديدة، حققتها الدولة فى أغلب القطاعات، خلال السنوات الماضية، منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مهمة قيادة البلاد، ولم يكن نهر النيل الخالد بعيدًا عن تلك الطفرة التى لحقت بمختلف القطاعات المصرية، ومن بينها قطاع الموارد المائية والرى وأيضًا قطاع الزراعة، عبر مشروعات ومبادرات رئاسية استهدفت حماية نهر النيل والحفاظ عليه تنفيذًا لوصايا أجدادنا العظماء.
لسنوات عديدة عانى نهر النيل من الإهمال وتعرض للكثير من التعديات، التى كادت تودى بحياة المصريين، بعد أن ضاق شريان حياتهم الوحيد، بعمليات ردم وبناء مُخالف وتعد على أراضى طرح النهر، والتى ربما إذا استمر إهمالها كانت ستؤدى إلى أزمات كبيرة، وفى 5 يناير 2015، وقع الرئيس عبدالفتاح السيسى، وثيقة النيل، إيذانًا ببدء الحملة القومية لإنقاذ النهر الخالد، كتكليف رئاسى إلى أجهزة الدولة كافة لحماية نهر النيل من أشكال التعدى المُختلفة، ومُعاقبة المخالفين بما ينص عليه القانون.


قناطر ومخالفات
وجاءت الحملة القومية لحماية نهر النيل من التعديات، بمثابة ثورة على كافة أشكال التعدى التى عانى منها النيل على مدى سنوات طويلة، بعمليات الردم والبناء المخالف والتعدى على أراضى طرح النهر، وقد أسفرت عن إزالة ما يزيد عن 62 ألف حالة تعدٍ على جوانب مجرى نهر النيل، حسبما أعلنت وزارة الرى.


كما تُعد المشروعات التى تنفذها وزارة الرى لتطوير وإنشاء القناطر على نهر النيل وفروعه والرياحات والترع الرئيسية، من أهم المشروعات التى تضمن التحكم فى التصرفات المائية، لضمان الاستفادة من المياه ووصولها لمناطق الاحتياج الفعلية، فضلاً عن توليد الكهرباء من الطاقة النظيفة، وتأتى على رأسها قناطر أسيوط الجديدة التى استمر العمل فى تنفيذها ست سنوات بتكلفة تجاوزت 6.5 مليار جنيه.


سيول وترشيد
ومن الملفات التى اهتم بها الرئيس السيسى أيضًا كان ملف ترشيد المياه، حيث كثفت وزارة الرى من جهودها بتوجيهات من الرئيس لنشر الوعى بأهمية ترشيد استهلاك المياه، ولم يقتصر توجيهها على فئة معينة دون غيرها، فانتشرت أجهزتها المعنية فى ربوع الوطن، ناشرة فكر الترشيد بين الكبار والشباب، والمدارس والجامعات، والمساجد والكنائس، والهيئات والمؤسسات الحكومية، وتم اختيار شعار يخاطب الضمير والواقع الذى نعيشه، حيث أطلقت على حملتها عنوان "حافظ عليها.. تلاقيها"، مُخاطبة وعى المصريين، بضرورة الحفاظ على كل قطرة مياه، وفى مجال الحماية من أخطار السيول، كان 2014 عامًا فارقًا فى تحول نظرة الدولة إلى السيول، فبدلًا من النظر إليها على أنها محنة، استطاعت وزارة الموارد المائية والرى من خلال خطتها الخمسية تحويلها إلى منحة، يمكن استغلالها كمورد إضافى للماء، محاولة إدارة مياه السيول بما يخدم المنظومة المائية فى مصر، خاصة فى ظل تزايد الطلب على المياه يومًا بعد يوم، وكذلك الحد من أخطار هذه السيول التدميرية على المنشآت، حيث تم إنشاء ما يزيد على 600 منشأة جديدة، بين سدود إعاقة وحواجز توجيه، وقنوات تحويل، وبحيرات جبلية وصناعية، وخزانات أرضية، فضلًا عن 117 مخرًا للسيول بأطوال تبلغ 311 كيلو مترًا، تستطيع استقبال واستيعاب مياه السيول الواردة إليها من الوديان، ونقلها بأمان إلى شبكة الترع والمصارف ونهر النيل، ليصبح إجمالى منشآت الحماية من أخطار السيول نحو 1070 منشأة.


تبطين الترع
يُعد مشروع تأهيل وتبطين الترع أحد أهم مشروعات المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" لتطوير قرى الريف المصرى، وهى الترع التى تمتد لآلاف الكيلومترات فى الريف المصرى فى قرى محافظات مصر المختلفة، والذى تكمن أهميته فى رفع كفاءة الترع، والتى عانت خلال السنوات الماضية من اتساع المجرى المائى مما استتبعه من انخفاض منسوب المياه فيها، وتنتهى المرحلة الأولى من مشروع تأهيل الترع المتعبة خلال عامين لنبدأ فى المرحلة الثانية، وتبلغ التكلفة الإجمالية للمرحلة الأولى للمشروع 18 مليار جنيه، تشمل جميع المحافظات، وسيكون لأعمال التأهيل مردود اقتصادى واجتماعى ملموس فى المناطق التى يتم التنفيذ فيها وستؤدى إلى تحقيق نقلة حضارية فى تلك المناطق.


الرى الحديث
واستمرارًا لمبادرات ومشروعات الدولة للحفاظ على مياه نهر النيل سعت الدولة لتطبيق نظم الرى الحديثة لتقليل استهلاك الأرض من المياه، والاستفادة من كل قطرة مياه بشكل دقيق، وتُنفذ وزارتا الزراعة والموارد المائية والرى مشروعًا قوميًا للتحول من الرى بالغمر إلى الرى الحديث فى 3.7 مليون فدان من الأراضى القديمة والجديدة، خلال 3 أعوام، بمشاركة عدد من الوزارات وتمويل من البنوك الوطنية، حيث يهدف مشروع التحول من الرى بالغمر إلى الرى الحديث إلى تحقيق العديد من الأهداف القومية، وأهمها ترشيد استهلاك المياه، ورفع جودة المحاصيل الزراعية، وزيادة الإنتاجية، إضافة إلى الحد من استخدام المبيدات والأسمدة، وخفض تكاليف التشغيل، وهو الأمر الذى يحقق زيادة فى ربحية المزارع.


محطات التحلية
وكلف الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكومة بتوطين صناعة معدات تنقية مياه البحر والصرف، وأكد الخبراء أن المحطات الحالية تنتج 9.6 مليون متر مكعب من المياه يوميًا، ونحن بحاجة إلى عدد مماثل من المحطات لإنتاج كميات مضاعفة، خاصة أن الحكومة تتوسع فى إنشاء المدن الصناعية والزراعية والسكانية الجديدة لتحقيق التنمية المستدامة فى جميع القطاعات، وتُعد تحلية مياه البحر، من أهم المحاور المستقبلية لزيادة الموارد المائية، خاصة وأن تكلفته تتناقص باستخدام التقنيات الحديثة.


شبكات الرصد
كما تتوسع الدولة بوزاراتها المعنية فى إقامة شبكات لرصد نوعية مياه نهر النيل على مستوى الجمهورية، والمصارف والترع الرئيسية منها ترعة المحمودية والإسماعيلية والإبراهيمية، من خلال برامج للرصد الدورى تنفذها وزارات الرى والموارد المائية والصحة والبيئة، وهى البرامج التى تهدف إلى قياس المؤشرات المُعبرة عن نوعية المياه من بينها المؤشرات الطبيعية والكيميائية والميكروبيولوجية، حيث تشمل شبكة وزارة البيئة 69 موقعًا لرصد المياه على نهر النيل، فضلاً عن زيادة محطات شبكة الرصد اللحظى لنوعية المياه إلى 22 محطة، وتتم عملية الرصد فى 16 محافظة من خلال المعمل المركزى ومعامل الفروع الإقليمية لجهاز شئون البيئة حسبما يوضح بيان لوزارة البيئة.


ممشى أهل مصر
ولم تضع الدولة على عاتقها إزالة التعديات فقط، ولكن نظرت كذلك بعين الاعتبار لتطوير الواجهات المُطلة على نهر النيل على مدى امتداده داخل مصر، مُعلنة تنفيذ مشروع طموح لخدمة المصريين، هو "ممشى أهل مصر"، كمشروع يهدف إلى الاستمتاع بمنظر نهر النيل، ونشر البهجة فى نفوس المصريين، تعتمد فى تنفيذه على نشر ثقافة الجمال.
وانتهت وزارة الرى من المرحلتين الأولى والثانية من ممشى أهل مصر بطول 1188 مترًا فى المسافة من كوبرى قصر النيل وحتى كوبرى 15 مايو، وتم تمويل تنفيذهما من محافظة القاهرة، وأسهمت الوزارة بأعمال الحماية الحجرية بقيمة 4 ملايين جنيه للمرحلتين، ويجرى حاليًا العمل فى المرحلة الثالثة، من ممشى أهل مصر فى المسافة من كوبرى 15 مايو وحتى كوبرى إمبابة بطول 1600 متر، بتكلفة تقارب 9.5 مليون جنيه، ومن المنتظر الانتهاء منها فى سبتمبر المقبل.


لون النيل
ويثمن الدكتور عباس شراقى، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الجهود التى بذلتها الدولة فى السنوات الأخيرة فى قطاع الموارد المائية، للحفاظ على مياه نهر النيل وتعظيم الاستفادة من موارده، ومنها محطات معالجة المياه التى أنفقت عليها الحكومة ما يزيد عن 100 مليار جنيه، بغرض معالجتها واستخدامها بطريقة آمنة فى الزراعة، وخفض أحمال التلوث من المصارف التى تصب فى نهر النيل والبحيرات الشمالية، من بينها محطات المعالجة التى تم تطويرها بمصرف السيل فى أسوان، والذى كان يصب حوالى 50 ألف متر مكعب يوميًا بنهر النيل، من الصرف الزراعى والصناعى القادم الذى يأتى من مصنع كيما.


متابعًا: يعد مشروع تبطين الترع أيضًا من أهم المشروعات التى تحافظ على مياه النيل، فلدينا ما يزيد عن 30 ألف قناة رى على مستوى الجمهورية، كانت تعانى نهاياتها من مشكلات الجفاف والانسداد، فضلاً عن الفقد الذى يحدث نتيجة عملية البخر، ما جعل الدولة ترصد 18 مليار جنيه لتبطين 7 آلاف كيلومترًا من الترع، فضلاً عن تطوير وزارة الرى لمحطات رفع المياه واهتمام الدولة بتطوير منظومة القناطر على مستوى الجمهورية، كذلك تطهير مخرات السيول لتصب فى النيل بشكل مباشر، لاحظنا فى السنوات الأخيرة تغير لون النيل فى مواسم الأمطار بسبب المياه المحملة بالطمى، ما يدل على وصولها إليه قبل أن يترسب الطمى فى النيل.


معدلات التلوث
ويؤكد الدكتور مجدى علام، الخبير البيئى ورئيس اتحاد خبراء البيئة العرب، أن خفض معدلات التلوث بنهر النيل خلال السنوات الماضية، أدى إلى تحسن نوعية المياه وانعكس بشكل إيجابى على الثروة السمكية بالنيل وفروعه، وذلك نتيجة التوسع فى معالجة مصادر تلوث المياه، وتشديد الرقابة من وزارات البيئة والتنمية المحلية، على المصانع العشوائية التى كانت تلقى مخلفاتها بنهر النيل، فضلاً عن رفع كفاءة منظومة الصرف الصحى بالريف المصري، ورفع كفاءة منظومة جمع المخلفات البلدية التى كانت تُلقى فى الترع والمصارف.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة