عقل إلكترونى
عقل إلكترونى


مفاجأة أعلنها علماء أمريكا عام 1981 وأثارت المخاوف

عقل إلكترونى يفكر مثل الإنسان!

آخر ساعة

الثلاثاء، 24 أغسطس 2021 - 10:47 ص

قراءة: أحمد الجمَّال

نعيش حالياً فى عالم تقنى تحرِّكة تكنولوجيا الجيل الرابع، وتتحكم فيه الروبوتات الذكية، لكن قبل نحو 40 عاماً، كان الحديث عن «الكمبيوتر الذكي» شيئاً فى غاية الإدهاش، خصوصاً مع بدء تدريب العقل الإلكترونى على التفكير مثل الإنسان، وما أثاره ذلك من مخاوف التأثير فى البشر بصورة سلبية، وهذا ما تطرقت إليه الكاتبة الصحفية وفاء الشيشينى عبر إعدادها تقريراً مطوّلاً نشرته «آخرساعة» فى عام 1981، تحت عنوان «بحث علمى خطير.. الكمبيوتر الذكي».. وفى السطور التالية نستعرض بتصرفٍ أبرز ما جاء فيه:
 

أن يفكر الإنسان.. هذا هو المعقول ولكن أن يفكر العقل الإلكترونى «الكمبيوتر» الصناعى فهذا هو اللامعقول! وكانت مفاجأة سنة 1981 عندما خرج العلماء فى أمريكا يؤكدون: أنهم بدأوا تدريب العقل الإلكترونى على التفكير! والسؤال الآن: هل يستطيع العقل الإلكترونى أن يفكر مثل الإنسان؟ وماذا يحدث لو وضعوا هذا «الكمبيوتر المفكر» فى الإنسان الآلي؟ وما مدى خطورة مثل هذا التطور العلمى على البشرية.


ورغم أنه لم يمض على اختراع العقول الإلكترونية أكثر من ٣٠ عاماً، فإنها تطورت وتقدمت بشكل يدعو إلى الذهول، فقد أصبحت اليوم قادرة على القيام بكثير من العمليات الحسابية المعقدة وأن تمد الإنسان بكثير من المعلومات التى يخترقها فى أقل وقت ممكن.. كل ذلك دفع بعض العلماء إلى القيام بمحاولة لمنحها بعض الصفات الإنسانية كالتفكير!
لكن رغم تطوُّر «الكمبيوتر» واستخداماته فى كثير من المجالات فإنه يعتبر «آلة غبية»، لأنه ينفذ ما يُطلب منه فقط، وعندما يحدث خطأ ما فى إجابات الكمبيوتر فإن التعبير الشائع «لقد حدث أخطاء» يعد تعبيراً خاطئاً، لأن الإنسان هو الذى أخطأ فى إمداده بالمعلومات، أما دوره فيقتصر على اتباع التعليمات بدقة متناهية!
لكن ماذا يحدث لو استطاع الكمبيوتر أن يفكر مثل الإنسان كما تخيله المخرج ستانلى كويريك فى فيلمه الشهير «سفينة الفضاء»؟ وتصوروا أن عقلاً إلكترونياً يصبح من الذكاء بحيث يستطيع أن يفكر وبعقل.. يتذكر التجارب السابقة ويحل المشكلات بالطريقة السليمة.. ولكن لو تحقق ذلك، فسوف يتحلى العقل الإلكترونى ببعض الصفات التى ميزت الإنسان عن بقية المخلوقات، وكما قال ديكارت «أنا أفكر.. إذن أنا موجود»! فالكمبيوتر يستطيع أن يقول الآن أيضا تلك العبارة بثقة بالغة! واليوم يقوم بعض العلماء فى علوم الهندسة والفلسفة واللغات والرياضة والكمبيوتر بمحاولة خلق عقل إلكترونى يقوم بكل العمليات الفكرية التى اختص بها الإنسان وحده.


وقد أثبتت تلك التجارب نجاحها رغم تخبط بعض المحاولات فى مجال التفاهم والتجارب والتعامل مع المشكلات الاقتصادية، وتصحيح النظام الاجتماعي.. أما النجاح الواضح فقد ظهر فى مجال البحث العلمى خاصة أبحاث الفضاء وعلم الجنايات، وكانت نتيجة تلك التجارب الناجحة أن حاول العلماء تطوير العقل الإلكترونى الذى أسموه «الذكاء الصناعي» أن يطوروا الكمبيوتر بحيث يستطيع أن يستمع إلى جمل كاملة ويفهم معانيها، ويقرأ موضوعات جديدة عليه ويلخصها، كما يستطيع أن يعمل دون ملل ويشخص الأمراض المختلفة.


الذكاء الاصطناعى
إن قدرة العقل الإنسانى على التفكير والتصرفات الذكية متنوعة ولا نهائية وبالمقارنة بقدرة الكمبيوتر لأنها محدودة للغاية، ومع ذلك يدّعى الإنسان الذى خلق هذه الآلة أنها ستفوقه ذكاءً، وأنه سيعمل جاهداً على تحقيق هذا الهدف، ولو تحقق أمل الإنسان فى هذه الثورة العلمية فإن وجه الحياة سيتغير كلياَ، ففى المستقبل يستطيع «الذكاء الاصطناعي» أن يمدنا بمساعدة هائلة فى تجميع المعلومات بأن يقرأ جميع الكتب والمجلات ويلخصها لنا ويمدنا بجميع المعلومات التى نحتاجها حول الأحداث التى تدور فى العالم.
بل إن هذه العقول الإلكترونية تستطيع أن تحلل جميع المواقف التى قد تقابلنا فى الحياة ومن ثم تساعدنا فى اتخاذ القرارات الملائمة..
تستطيع أيضاً تلك العقول أن تدرس العلوم المتخصصة وكيفية استغلالها لإفادة البشرية مثل العلوم الطبية مثلا، بل إن «الذكاء الاصطناعي» يستطيع أن يخلق «الإنسان الآلي» (الروبوت) الذى يقوم عنا بأعمالنا الوضيعة مثل تنظيف المراحيض وجمع القمامة وأعمالنا الخطرة مثل تطهير المحطات النووية من مخلفاتها.


ويعتقد علماء «العقول الإلكترونية الذكية» أن أكبر إنجاز يتوقعونه هو قدرتها على مد الإنسان بقدرات هائلة تعينه على الارتفاع بمستواه العقلى والثقافى إلى قمم لم يصل إليها من قبل وأنها ستعينه على تطوير ملكاته الإبداعية.
عقول إلكترونية ذكية!
ويُقال فى الأوساط العلمية الآن، أن هذا التقدم والتطور الذى طرأ على إنتاج العقول الإلكترونية الذكية يعتبر نقطة تحوُّل فى التاريخ العلمى للإنسان يوازى فى أهميته اختراعه لأول آلة.
ويقول الدكتور مرفين منسكي، من معهد مسانونت للتكنولوجيا: إن الذكاء الذى يميز الجنس البشرى نسبي.. إنه الذكاد المناسب لدرجة المعرفة التى وصل إليها الإنسان اليوم، لكن مازال أمامنا الكثير والكثير من الاكتشافات لقدرة العقل الإنسانى سوف تفتح أبواباً مجهولة فى قدراته.


ويحاول منسكى أن يشرح وجهة نظره قائلا: الذين يدَّعون أن الإنسان وصل إلى قمة تطوُّر ذكائه وفطنته، ولا ذكاء أعلى أو أقوى مما هو عليه، كمثل الذى يدعى أن الإنسان لا يستطيع أن يبنى أعلى من قامته. ورغم هذه النظرة المتفائلة للمجالات التى يمكن فيها أن يسهم الكمبيوتر، فإن هناك جانباً مظلماً، إذ يمكن أن يُستغل الكمبيوتر الذكى استغلالاً سيئاً مما يسيء فى النهاية للإنسان ذاته.. مثلا قد يُغذى الكمبيوتر بمعلومات وإمكانيات تساعده على فهم حركة الشفاه وتحويلها إلى لغة مفهومة، بالتالى يمكن أن يستخدم فى التجسس على الإنسان وتحليل كلامه وتحذير السلطات منه إذا لزم الأمر، بل ويوجد أيضاً الخوف من احتمال أن يصل ذكاء الكمبيوتر إلى درجة السيطرة على الإنسان ذاته.


وتلك الفكرة هى التى قام عليها فيلم الخيال العلمى «سفينة الفضاء ٢٠٠١» بحيث تآمر الكمبيوتر على الإنسان وسيطر عليه حتى تفوق العقل البشرى وفرض إرادته.. وهذا الاحتمال الذى أشار إليه الفيلم الذى عُرض عام ١٩٦٨، يعتبر من الخيال العلمى المبالغ فيه لأنه لا يمكن أن يتصور أحد أن ترتفع قدرة تطور الكمبيوتر لدرجة أن يتصرف من تلقاء نفسه دون أوامر محددة تصدر إليه، ولكن ومع ذلك فإن مجرد التفكير فى احتمال حدوث ذلك يثير الفزع بين الناس، لأن التقدم العلمى الذى أحرزته العقول الإلكترونية على مدى السنوات الثلاث الماضية لم يكن يخطر أيضاً على بال أحد.


ففى الخمسينيات كان الكمبيوتر عبارة عن مئات من الأسلاك والأنابيب التى تملك قدرة ضئيلة، أما اليوم وبعد مرور ثلاثين عاماً فقط، ما كان أحد يستطيع أن يتنبأ بظهور الترانزيزتور وعلم الإلكترونيات والسفن الفضائية التى تحتوى على العقل الإلكترونى وآلاف الأجهزة الدقيقة التى تبلغ آلاف الأمتار من الأسلاك والأنابيب التى تعمل معاً بكفاءة ودقة متناهية..
عندما نقارن كمبيوتر الأمس بكمبيوتر اليوم يصيبنا بالخوف والحيرة، لذلك فإننا نقول من منا يستطيع أن يجزم اليوم بأنه لن تحدث أشياء عصيبة فى عالم الكمبيوتر فى المستقبل؟.. لا أحد، لأن التقدم فى حد ذاته لا نهاية له.
(«آخرساعة» 14 يناير 1981)

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة