هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

اقتل سيارتك قبل أن تقتلك

هالة العيسوي

الأربعاء، 25 أغسطس 2021 - 08:22 م

مؤخرًا صدر تشريع يقنن نشاطًا طفيليًا لا وجود له فى العالم سوى عندنا وأسبغنا عليه لقب مهنة؛ هى مهنة السايس، الذى يتعامل بالبلطجة ويبتز خلق الله فى الوقت الذى مازلنا نفكر ونفكر فى كيفية التعامل مع مسألة التوك توك الذى يخلق فرص عمل  سواء لسائقيه أو مستورديه أو حتى بنائيه، ويحتاج إلى رأس مال لشرائه، ويحل جزءًا مهمًا من أزمة المواصلات والانتقالات، مع ذلك مازلنا مترددين فى ترخيصه، رغم أنه موجود فى بلدان كثيرة فى العالم ومعترف به.
ومن المدهشات أيضًا تشريع مجلس النواب لقانون تنظيم ركن السيارات الذى صدر مؤخرًا محاكاة لتجارب مستوردة من بعض الدول دون نقاش مجتمعى جاد، أو دراسة متأنية لإمكانية تطبيق هذه التجارب عندنا، أو لسعة شوارعنا منسوبة لعدد السيارات التى تجرى فيها وتبيت ولا أدرى هل فحصنا جيدًا قدرة هذه الشوارع على تحمل تخصيص أماكن ثابتة لسيارات بعينها مع أن الأساس هو الحركة وليس الثبات، خاصة فى المناطق الحيوية التى تعج بأنشطة اقتصادية مختلفة من شركات ومستشفيات ومصارف بها موظفون ولديها رواد وعملاء يشاركون سكان هذه المناطق ويتبادلون معهم أماكن صف السيارات، وهل حسبنا حساب المستقبل لمن يرغب فى اقتناء سيارة وفكرنا هل سيجد مكانا لصف سيارته لو خصصنا كل الشوارع  لسيارات بعينها بقيمة إيجارية؟
وهل درسنا تأثير هذا القانون على سوق السيارات فى مصر ووضعنا خطة مدروسة لتحديد عدد السيارات؟ لقد تحولت السيارات بهذا القانون إلى عبء ينوء به كاهل المواطن يضاف إلى عبء قفزات تكلفة ترخيص السيارة نفسه وزيادة سعر البنزين.. هل فكر مشرعونا الأجلاء فى  مصلحة المواطن الذى يمتلك سيارة وكم سيكلفه الانتقال بها لعدة مشاوير لإنهاء مصالحه وقد أصبح مطالبًا بدفع عشرة جنيهات على الأقل عن كل وقفة بسيارته حتى لو لم تستغرق بضع دقائق، ناهيك عن الإيجار الشهرى لمبيتها تحت مسكنه؟ وهل فكروا فى الموظفين أصحاب السيارات الذين أصبحوا مطالبين فجأة بتخصيص جزء كبير من ميزانيتهم الشهرية لصف سياراتهم لدى أماكن عملهم بالإضافة لمبيتها عند منازلهم؟ فى السابق كانت تكلفة الصف تقديرية بين صاحب السيارة والسايس تخضع للمساومة والتذلل للبيه السايس أما الآن أصبح الحد الأدنى للقيمة هو عشرة جنيهات ومضاعفاتها.
ماذا يفعل المواطن الذى يستأجر مكانًا  يفترض أنه مخصص له وعاد من عمله فاكتشف أن مكانه مشغول بسيارة أخرى واردة لقضاء مصلحة ما، لمن يلجأ ؟ والسيد والمتحكم هنا هو السايس الذى منحناه صفة المهنة وهيمنتها ونفوذها وأصبحت لها قانونيتها وما أدراك أن السايس لن يستغل الأماكن الشاغرة المؤجرة لصالحه وقد حفظ مواعيد أصحابها عن ظهر قلب؟ .
هل فكرنا فى الأثر الاجتماعى حين لا يستطيع ابنك وأسرته أو والدك ووالدتك زيارتك فى منزلك، ولا تستطيع أنت القيام بواجبك المقدس نحوهم  لعدم وجود مكان لصف السيارة الزائرة بعد تخصيص أماكن ثابتة لسكان العقار والشارع حتى لو كانت شاغرة فى هذه الساعة؟ .
هل يدرى نوابنا الأجلاء أنه منذ الإعلان عن قانون السايس قفز البلطجية والعاطلون و متعاطو المخدرات إلى الشوارع الجانبية ليحتلوها ويحصلوا لأنفسهم على موضع قدم  فى أماكن لم يجرؤا من قبل على دخولها لمجرد أن يتكسبوا فى هذه الفترة الضبابية لحين الحصول على رخصة أو حتى بدونها سيكونون قد استفادوا بأى شكل، ومادامت العافية والبلطجة هى التى تنجح فسيحصلون على الرخصة ويدهم هى العليا فى النهاية.. وهل يدرون أنهم رفعوا تلقائيًا تسعيرة الجراجات الخاصة التى كانت تقبل بتسعيرة أدنى؟ .
يدهشك أن المحليات التى تفشل سواء عن عجز أو عن عمد فى إفراغ الأرصفة من الباعة الجائلين المتوحشين وتخصيصها للمشاه كما هو الغرض الأصلى منها ينشطون ويسارعون فى تأجير الشوارع وإجراء المزايدات وترسيتها على شركات بخلاف تزيين فكرة جباية الأموال من جيوب المواطنين. 
نصيحة .. تخلص من سيارتك .. اقتلها قبل أن تقتلك.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة