أسامة عجاج
أسامة عجاج


مابين العراق وأفغانستان... ملوك العصر

أسامة عجاج

الثلاثاء، 07 سبتمبر 2021 - 06:57 م

لا أدري تذكري للآية الكريمة  من سورة النمل علي لسان ملكة سبأ، (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)، عندما أتوقف علي حقيقة ما جري في العراق وأفغانستان ،نتيجة الاحتلال الأمريكي، حيث أصبحت علي يقين بأن أمريكا هي تجسيد حي لملوك العصر الحالي، كما ان مفهوم القرية في الآية، يعني في عصرنا، البلد أو الدولة، فنتيجة  هذا الاحتلال والغزو كارثية،

والأدلة أكثر من أن تعد أو تحصي، ونتوقف عند بعضها : 
- بأس الهدف، والاعتراف بالخطأ بعد (خراب مالطا)، كما يقول المثل المصري، وهناك تصريح شهير للمدير السابق لوكالة الأمن القومي الأمريكي الجنرال المتقاعد ويليام أدرم، الذي وصف غزو العراق بأنه (أكبر خطأ استراتيجي) في تاريخ الولايات المتحدة، ناهيك عن إشارته المهمة، الي بلاده استخدمت معلومات استخبارية كاذبة، حول أسلحة دمار شامل في العراق، وفي نهاية الأمر تجد أن السبب الحقيقي بائسا، ولم يكن يستحق كل ماجري، بعيدا عن شعارات براقة من قبيل نشر الديمقراطية، أو إقامة دولة علي أسس جديدة، حيث اعترفت كوندليزا رايس مستشارة الأمن القومي في عهد بوش الابن، بأن الغزو الأمريكي للعراق استهدف الإطاحة بصدام حسين لأسباب أمنية، ولم يختلف الأمر بالنسبة الي أفغانستان، حيث اعترف  الرئيس جون بايدن نفسه في خطابه الكاشف بعد  دخول طالبان، الي العاصمة كابول، الي ان الهدف كان منع استهداف الولايات المتحدة بهجمات ارهابية، انطلاقا من البلد الغارق في الحرب، مشددا علي ان (المهمة لم تكن يوما بناء دولة)، وقد تكلف ازاحة صدام حسين ومنع هجمات من القاعدة ضد الولايات المتحدة وفقا للباحثين في جامعة براون ٥٫٨ تريليون، وحددوا هذا الرقم الضخم للإنفاق الأمريكي علي الحرب في أفغانستان، والصراعات الأخرى الناجمة عن هجمات ١١ سبتمبر ٢٠١١، منهم ثلاثة تريليون دولار علي العراق، وفقا لجوزيف ستيغليتز الفائز بجائزة نوبل ولينًدا بيلميز كبيرة المحاضرين في جامعة هارفارد الأمريكية، أما علي صعيد الخسائر البشرية، فمعظم التقديرات عن ضحايا العراق تترواح مابين ١٥٠ ألفًا الي نصف مليون قتيل، وفي أفغانستان تتراوح الأرقام وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة، إلي أكثر من ٦٠ ألفًا من القوات المسلحة الأفغانية، وقرابة ١١١ مابين قتيل و جريح من المدنيين .

- غياب أي رؤية استراتيجية لمرحلة مابعد تحقيق الهدف المحدود، سواء ازاحة صدام حسين، أو وقف هجمات القاعدة، ليس هذا فقط بل وصل الأمر في العراق، الي اتخاذ قرارات كارثية يتحمل مسئوليتها بول بريمر حاكم العراق بعد الغزو، ومنها حل الجيش العراق ،وكانت أعداده تصل الي ٥١٣ ألف مجند، مما ترك (فراغ أمني) غير مسبوق سمح في نفس التوقيت، بظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق (داعش ) وعندما تم الاحتياج للجيش الوطني بعد محاولة تجميعه بدون أساس صحيح، تلقي هزيمة نكراء، مما فتح الطريق أمام تشكيل جماعات الحشد الشعبي، لملء الفراغ بدعم إيراني واضح، وكانت النتيجة ان امريكا والعراق مازالا يدفعان ثمن ذلك، والذي يتمثل في  هجمات علي المصالح الأمريكية، ووجود جماعات مسلحة خارج نطاق سيطرة الدولة، ولم يختلف الأمر في أفغانستان، فأمريكا تخرج من هناك  تاركة وراءها تنظيم الدولة الإسلامية اقليم خراسان داعش، وهو أخطر من القاعدة. 

-لا نتجاوز في القول، بأن إيران هي المستفيد الأول والأخير، من إسقاط صدام حسين في العراق وإزاحة حركة طالبان في أفغانستان قبل العودة من جديد، مما يلقي  مزيدا من الشك علي حقيقة الخلافات بين واشنطن وطهران، وإن كان الأمر قاصرًا علي البرنامج النووي الإيراني.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة