د. سيف قزامل
د. سيف قزامل


محو الأمية الدينية يصنع أجيالا تحارب التطرف

سنية عباس

الجمعة، 10 سبتمبر 2021 - 12:05 ص

أول أمر إلهى تلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم من الله عز وجل يؤكد اهتمام الإسلام بالعلم قال تعالى:»اقرأ باسم ربك الأعلى»، وفى مقدمة هذا العلم التفقه فى أمور الدين ومعرفة أحكامه وتعاليمه وتطبيقها فى الحياة لضبط ميزان أعمال الدنيا والآخرة ، ولكن تناسى البعض هذا الأمر الإلهى وبات لا يعلم عن الدين إلا القليل وخاصة الأجيال الناشئة، فارتفعت معدلات الأمية الدينية إما جهلا بالعقيدة الإسلامية أو بمقاصد الشعائر والعبادات فكان ذلك من أهم أسباب التطرف الأخلاقى والاجتماعى وصناعة شخصية غير سوية ترتكب جرائم لم تكن معروفة من قبل وتمارس أخلاقيات يستنكرها أصحاب الوازع الدينى القوى والهمة العالية ، وهذه كلمات للدكتور سيف رجب قزامل أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف ينير بها الطريق نحو محو الأمية الدينية.

يقول د.قزامل: الأمية الدينية خطر حقيقى على الإسلام ومرض معد يفتك بالمجتمع بانتقال العدوى سريعا بين أصحاب الوازع الدينى الضعيف فتعد من أهم أسباب التطرف الأخلاقى والاجتماعى وصناعة شخصية غير سوية لا تسهم فى رسم مستقبل أفضل ، ويغذى ذلك الفكر غير المستنير وضعف تأثير الدعاة الحقيقيين لانشغالهم بأمور أخرى غير القيام برسالتهم فيتفشى التطرف وتزداد أعداد الدعاة الأدعياء ويحول ذلك دون تقدم المجتمع وتضعف الشخصية الإسلامية وتتراجع علاقة المجتمع الإسلامى بالمجتمعات الأخرى، فيكون متبوعا لأن البديل لمن لا يعرف دينه هو التبعية سواء بالفكر أو الاعتقاد وانتشار البدع والخرافات لفصل الناس عن دينهم أو فصل الدين عن واقع الحياة  .

ويحذر قزامل من توابع ظاهرة الأمية الدينية وأخطرها تخريج جيل غير محصن يسيء إلى نفسه ومجتمعه ، يستقى معلوماته عن طريق السماع ، لا يعرف من الأحكام سوى الحلال والحرام ويخلط بينهما ، يصدق كل من يتحدث باسم الدين ولا يفرق بين الصحيح والزائف ، يقنعهم الدعاة الأدعياء بأن الإسلام ينحصر فى النقاب وإطلاق اللحية وتحريم التعامل مع المرأة الأجنبية وتحريم الموسيقى والفنون واللهو المباح وغيرها ، وينبه إلى خطورة إمتداد التأثير السلبى للأمية الدينية إلى الأجيال القادمة فالشباب الذى يجهل دينه وتعاليمه وأحكامه وثقافته سيربى أولاده على ذلك فتتوارث الأجيال الأمية الدينية ويضعف المجتمع مما يهدد الهوية الإسلامية والانتماء الدينى وبالتالى الهوية الوطنية والإنتماء الوطنى ، ويتابع : تجاهل هذا الأمر يترتب عليه أخطار جسيمة تجعل المجتمعات هشة قابلة للذوبان فى الثقافات الأجنبية التى لا تتفق مع عاداتنا وتقاليدنا ومبادئ ديننا الحنيف .

ويضيف: علاج ذلك لا يكون قاصرا على المؤسسات والجامعات الإسلامية وإنما مسئولية الجميع لإعادة قيم  مهجورة وذلك بمحاربة الأمية الدينية بأساليب جادة من خلال استراتيجية شاملة تعليمية وإعلامية وثقافية ، والعناية باختيار من يتصدون للدعوة الإسلامية وحسن إعدادهم وتدريبهم على أن تيسر لهم الحكومات سبل أداء رسالتهم ورعايتهم ماديا وعلميا  ، ودعم دور المؤسسات المعنية بالدراسات الإسلامية لتخريج العلماء أصحاب الوعى والوسطية يجمعون بين الثقة بالنفس والقدرة على إقناع الغير ، وكما تولى الحكومات اهتماما بالثقافات الترفيهية تهتم بالثقافة الإسلامية التى من شأنها المحافظة على الهوية واختيار المناسب فى جميع المجالات.

ويشدد على ضرورة إعادة النظر فى مناهج مادة الدين بداية من الطفولة ولا تتوقف لتمتد حتى المرحلة الجامعية لوضع أساس دينى قوى للأجيال لا يتأثر بما حوله من ثقافات ومؤثرات مدمرة وكاذبة ، وحتى لا تكون مادة التربية الإسلامية مهمشة بين الطلاب يتم إدراجها ضمن مواد احتساب المجموع وتزداد الساعات المخصصة لدراستها على أيدى مدرسين مؤهلين لذلك ، مع تكثيف المتابعة الأسرية للأبناء لحمايتهم من معايشة العالم الافتراضى على مواقع التواصل الاجتماعى دون رقيب ، ولا يجب أن تكون المؤسسات الدينية والإعلامية مجالس وعظية بطرق تقليدية ينفر منها الشباب وإنما يتم تطويرها لتواكب التطور السريع للحياة ويكون لها الدور الأكبر فى إماطة ما لحق بالدين من أذى ، وسيجنى المجتمع من محو الأمية الدينية أرباحا طائلة عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم :»من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين»، فيتجنب المجتمع الغش والرشوة والسرقة والكذب وتناول المخدرات وإيذاء الآخرين ويعمل بصدق ويجتهد فى طلب الحلال ويحترم الصغير الكبير ويوقره فتعود إلينا القيم الدينية المفقودة .


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة