الأحد، 12 سبتمبر 2021 - 01:26 م

قبل عصرنا هذا، عصر التطور التكنولوجي الهائل والقرية الصغيرة والذكاء الاصطناعي، مرت البشرية بالعديد من الحضارات التي امتلكت تاريخ مليء بالإنجازات والإسهامات، بل في كثير من الأحيان يعود الفضل إليها بما نحن عليه الآن فهي حضارات عاشت آلاف السنين مرت بحروب بقاء ولكن آثارها لا تزال حتى يومنا هذا موجودة وصامدة.

فاكتشاف خبايا الحضارات القديمة مازال مستمر إلى يومنا هذا، وما زلنا نتعجب ونندهش مع كل اكتشاف شاهد تاريخي على تفكير أصحاب الحضارة السابق لعصره حتى اكتشف العلماء "العالم السفلي السري" لمدينة فاليتا عاصمة مالطا حيث تمكنوا من العثور على مجموعة من الأنفاق السرية الموجودة أسفل شوارع العاصمة وكأنها مدينة أسفل المدينة.

ويعود أصل أنفاق فاليتا إلى النصف الثاني من القرن السادس عشر عندما حاول النظام المالطي والذي تأسس عام 1048 التوسع ووصل إلى جزيرة البحر الأبيض المتوسط في عام 1530 في محاولة منه للحصول على معقل كاثوليكي في المنطقة وحينها اشتبكت القوات الكاثوليكية مع القوات العثمانية في عام 1565 بعد مطالبة العثمانيون استرداد الجزيرة.

اقرأ أيضا| سر علاقة طول الإنسان بعمره

وبعد معارك عديدة مدمرة بين قوات مالطا والجيوش العثمانية، تم اعلان فاليتا كعاصمة جديدة للجزيرة وبدأت قوات مالطا في توسع دفاعاتها في عمق شوارعها فنحت فرسان مالطا أنفاق تحت شوارع المدينة لتكون مخبأ للطعام والمياه يضمن الوصول إلى الموارد الحيوية في حالة وقوع فاليتا تحت الحصار حيث قاموا بنحت خزان مياه كبير في الحجر الجيري تحت المدينة.

وبعدها تم استخدام هذه الانفاق في العديد من الأغراض بداية من كونها أقدم نظام للصرف الصحي فهي أقدم من نظام الصرف الصحي في لندن الفيكتورية بحوالي 200 عام وفي القرن التاسع عشر قام مسؤولو مدينة فاليتا بتوسيع الأنفاق لإضافة خط سكة حديد تحت الأرض يربط العاصمة بمدينة مدينا العاصمة السابقة للجزيرة

ففي عام 1881 بدأت أعمال بناء الخط وهو يعد الثاني على مستوى العالم بعد افتتاح أول خط سكة حديد تحت الأرض في العالم "لندن متروبوليتان" عام 1863 ليتبعه خط مالطا بعد 20 عام من ذلك وكان يعد إنجاز هندسي عظيم تم بواسطة الفأس والسلة والعربات التي تجرها الخيول.

وبعد أكثر من 450 عام من حفر هذه الانفاق اكتشف العلماء حفريات أسفل مدينة فاليتا ومجموعة أخرى من الأنفاق السرية وغرف حرب القائد لاسكاريس والتي ضمت القيادة العسكرية للجزيرة وعمليات الدفاع خلال الحرب العالمية الثانية وحتى وقتنا هذا يعد هذا "العالم السفلي السري" والجزء المخفي للمدينة تحت شوارع العاصمة ومتاهة الأنفاق والخزانات الجوفية تبهر علماء الآثار والمهندسين المعماريين والسياح من جميع أنحاء العالم.