عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

فضفضة دولية !

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 23 سبتمبر 2021 - 06:27 م

الفضفضة هى ظاهرة إنسانية طبيعية ، يعبر فيها الإنسان عما يجيش فى صدره من أمور .. لذلك يراها بعض علماء النفس تلبية لحاجة بشرية  طبيعية .. وقد ابتكرت  بعض الإذاعات والمحطات التليفزيونية  برامج خاصة  تمنح فيها للمشاهدين والمستمعين فرصا لممارسة الفضفضة على الهواء .. بل إن بعض الدول خصصت أماكن محددة لممارسة المواطنين للفصفضة علنا أشهرها حديقة هايدبارك فى لندن .. وبمرور الوقت صار لدينا موسم للفصفضة الدولية يتمثل فى الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة التى تتم عادة مع بداية الخريف فى نيويورك ! 
ففى هذه الاجتماعات تتوالى كلمات لقادة العالم من الرؤساء والملوك .. وكل فى كلمته يغنى دوما على ليلاه .. أى يتحدث  عما يهمه و يؤرقه ويتطلع لتنفيذه أو يتمنى حدوثه ويسعى لأن يشهد العالم كله عليه ويحثه على التحرك من أجل مساعدته على  تحقيقه  .. وإن كان هناك قادة يستفيضون فى استعراض ما حققوه فى بلادهم من إنجازات لانهم يتوجهون بكلماتها الى الداخل فى بلادهم أساسا ، فإن هناك قادة آخرين يهتمون أساسا فى كلماتهم السنوية أمام الجمعية العامة بتنبيه العالم لخطورة بعض المشاكل التى تحاصره وتنشب فى أرجائه وتهدد السلم والأمن الدوليين ، مثل مشاكل البيئة والاقتصاد العالمى والإرهاب والتدخلات الخارجية  فى شئون بعض الدول والحروب الأهلية التى قوضت كيانات دول وطنية و الحرب  التجارية التى اشتدت مؤخرا .. غير ان ذلك لا يتجاوز كما تعودنا نطاق الأمانى فقط. ولا  يجد أذانا صاغية أو استجابة ولو محدودة من المنظمة الدولية ومجموعة الدول القليلة  التى تسيطر عليها ..
وبذلك تظل  اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة  موسما سنويا للفصفضة الدولية  فقط .. ومن يريد أن يتأكد  من ذلك عليه فقط مراجعة ما قاله قادة الدول فى اجتماعات الجمعية العامة على مدى الخمس سنوات الاخيرة .. فهو سوف يجد أن الشكوى من ذات المشاكل التى تهدد عالمنا والامن والسلم فيه  متكررة لانها لم تجد حلا ، بل لعلها استفحلت أكثر من ذى قبل .. ومنطقتنا خير شاهد على ذلك ، حيث صارت موقعا للتدخلات الخارجية والأجنبية وساحة للعنف والإرهاب و الصراعات  المسلحة ، وكل ذلك يتم أمام أعين المنظمة الدولية ! 
وهذا يُبين  ان هذه المنظمة الدولية أصابها الكثير من الضعف الذى دعا كثيرين للمطالبة منذ سنوات مضت  بإصلاحها حتى لا تظل عاجزة امام ما يهدد السلم والأمن الدوليين ، والذى وصل إلى درجة التهرب من التصدى لما يهدده مثلما حدث فى مشكلة السد الاثيوبى بحجة أنه ليس من اختصاصها حل النزاعات الدولية  حول المياه ! .. وهذا الضعف الذى  ليس جديدا وإن كان قد زاد مؤخرا كما شل مجلس الامن فإنه حول اجتماعات الجمعية العامة لها إلى موسم للفصفضة الدولية !

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة