جـلال عـارف
جـلال عـارف


فى الصميم

لا مجال للسذاجة.. أو الرهانات الخاسرة فى صراع الهيمنة بين أمريكا والصين

جلال عارف

الجمعة، 01 أكتوبر 2021 - 07:51 م

بينما كانت الأضواء مسلطة على شهادات القادة العسكريين الأمريكيين أمام الكونجرس عن الانسحاب من أفغانستان، حيث أقر وزير الدفاع بأخطاء سياسية واستخباراتية، واعترف رئيس الأركان بأن نتيجة الحرب هناك هى هزيمة لأمريكا»!!»..

كانت الإدارة الأمريكية تكشف عن محادثات بالغة الأهمية والدلالة جرت على مدى يومين -فى لقاء افتراضى- بين مساعد وزير الدفاع الأمريكى وقيادة رفيعة المستوى فى الجيش الصينى. وكان لافتا أن تقول الإدارة الأمريكية وهى تعلن عن اللقاء الهام أنه يتم فى إطار المنافسة المتصاعدة بين الدولتين!


البوصلة الأمريكية تركزت فى هذه المنطقة. والمنافسة مع الصين أصبحت أقوى مما كانت مع روسيا فى زمن الحرب الباردة. وصفقة الغواصات كانت أكبر من صفقة سلاح ومن تحالف مع استراليا ألحقت به بريطانيا. كانت الصفقة اشارة إلى رحلة جديدة وخطيرة فى الصراع على الهيمنة فى هذه المنطقة.. وفى العالم.


المباحثات العسكرية بين أمريكا والصين تؤكد أن هناك خشية «لدى الجانبين» من أن تتخطى الأوضاع حدود الأمان، وأن هناك رغبة فى أن يظل «التنافس» بعيدا عن منطقة الصراع وليس هذا هو الاتصال الأول -على الجانب العسكرى- بين الجانبين.


فقد كشف النقاب مؤخرا عن اتصالين هامين أجراهما رئيس الأركان الأمريكى «الجنرال مارك ميلى» مع نظيره الصينى فى نهاية عهد ترامب كان آخرهما مع اقتحام أنصار ترامب لمبنى الكونجرس، وكان هدف الاتصالين التأكيد على السيطرة الكاملة على الأوضاع واستبعاد أى رغبة فى التصعيد. وربما الجديد هنا أن التفاوض كان بين مسئولين سياسيين عن الدفاع وليس عن القيادات العسكرية الممثلة فى رئاسة الأركان. وهو ما يعنى أن السياسة كانت حاضرة وأن المباحثات لم تكن فقط حول المسائل الفنية بل حول السياسات والتنافس الاستراتيجى الذى يحرص الجانبان -حتى الآن - ألا يتخطى الحدود الحمراء!!


ويبقى السؤال الأهم بالنسبة لنا: أين موقع المنطقة العربية والشرق الأوسط من هذا الصراع؟!


الرئيس الفرنسى ماكرون قال للأوروبيين مؤخرا ان عليهم أن يتخلوا عن «السذاجة» حيال السياسات الأمريكية، وأن أمريكا منذ عشر سنوات تركز على مصالحها وتتجه باستراتيجيتها إلى الصين والمحيط الهادى. وأن على أوروبا أن تستخلص الدرس وتدرك أن عليها مسئولية أكبر فى حماية نفسها.


ما يحدث فى أوروبا ليس بعيداً عما يحدث فى المنطقة العربية والشرق الأوسط. لا بديل عن بناء القوة الذاتية التى تحمى مقدرات الشعوب ومصالح الدول، ولا مجال لالتماس الأمان عند الآخرين.


الصراع الدولى سيشتد حتى لو حرص المتصارعون على رفع لافتات «التنافس» بديلا للحروب سيكون على الصين أن تواجه محاولات أمريكا لحصارها وسيكون على أمريكا أن تجد اجابة على سؤال مصيرى: كيف تخوض المنافسة دون حلفاء حقيقيين فى أوروبا والشرق الأوسط؟


وسيكون على أوروبا والشرق الأوسط الاجابة عن سؤال ماكرون عن ترك السذاجة السياسية جانبا، وعن السؤال الأهم الذى لم يعد هناك مفر من إيجاد إجابته: هل هناك طريق آخر إلا بناء القوة الذاتية وأن نكون -فى وطننا العربى كله- قادرين على حماية أنفسنا وردع أعدائنا؟!
 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة