الزعيم‭ ‬الراحل‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر
الزعيم‭ ‬الراحل‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر


خلف عقل الزعيم

أبطال أثروا فى فكر «ناصر»

آخر ساعة

السبت، 02 أكتوبر 2021 - 11:07 ص

حسن‭ ‬حافظ

قل‭ ‬لى‭ ‬ماذا‭ ‬تقرأ‭.. ‬أقل‭ ‬لك‭ ‬من‭ ‬أنت؟‭ ‬إذ‭ ‬أخذنا‭ ‬هذه‭ ‬الحكمة‭ ‬المحورة‭ ‬شعارا‭ ‬للإبحار‭ ‬فى‭ ‬عقل‭الزعيم‭ ‬الراحل‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬والذى‭ ‬يعد‭ ‬بلا‭ ‬جدال‭ ‬أهم‭ ‬حاكم‭ ‬مصرى ‬وعربى‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬سنجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬أمام‭ ‬رواسب‭ ‬فكرية‭ ‬وتأثيرات‭ ‬من‭ ‬شخصيات‭ ‬تاريخية‭ ‬تركت‭ ‬بصمتها‭ ‬على‭ ‬فكر‭ ‬الزعيم‭ ‬القومى،‭ ‬والذى‭ ‬للغرابة‭ ‬تشابه‭ ‬مصيره‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬شخصيات‭ ‬التاريخ‭ ‬التى‭ ‬أحب‭ ‬القراءة‭ ‬عنها‭ ‬وتأثر‭ ‬بفكرها‭ ‬وسحر‭ ‬شخصيتها،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬قراءات‭ ‬عبدالناصر‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬كشفت‭ ‬لديه‭ ‬عن‭ ‬إدراك‭ ‬عميق‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬حاجة‭ ‬مصر‭ ‬إلى‭ ‬بطل‭ ‬ينتشل‭ ‬البلاد‭ ‬ويطرد‭ ‬المحتل‭ ‬البريطانى ‬ويقضى‭ ‬على‭ ‬الإقطاع،‭ ‬فلما‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬هذا‭ ‬البطل‭ ‬كان‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬الصف‭ ‬فكان‭ ‬البطل‭ ‬الذى‭ ‬هتفت‭ ‬الجماهير‭ ‬باسمه،‭ ‬والذى‭ ‬انتصر‭ ‬فى‭ ‬اختبار‭ ‬الزمن‭ ‬فلا‭ ‬تعيد‭ ‬الأيام‭ ‬ذكراه‭ ‬إلا‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الاحترام‭ ‬والتقدير‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يمنع‭ ‬الدراسة‭ ‬والمحاسبة‭.‬

 

تكشف‭ ‬قراءات‭ ‬عبدالناصر‭ ‬فى‭ ‬مرحلته‭ ‬الثانوية‭ ‬عن‭ ‬الشخصيات‭ ‬التاريخية‭ ‬التى‭ ‬أثرت‭ ‬فيه،‭ ‬فخلال‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬قرأ‭ ‬36‭ ‬كتابا،‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬15‭ ‬كتابا‭ ‬عن‭ ‬شخصيات‭ ‬تاريخية،‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ (‬الذئب‭ ‬الأسمر‭.. ‬مصطفى‭ ‬كمال‭) ‬لأرمسترونج،‭ ‬وهو‭ ‬عن‭ ‬مصطفى‭ ‬كمال‭ ‬أتاتورك‭ ‬مؤسس‭ ‬تركيا‭ ‬الحديثة،‭ ‬و‭(‬غوردون‭ ‬والخرطوم‭) ‬لجون‭ ‬بوكان،‭ ‬عن‭ ‬الحاكم‭ ‬البريطانى‭ ‬الشهير‭ ‬للسودان،‭ ‬و‭(‬الإسكندر‭ ‬الأكبر‭) ‬آرثر‭ ‬ويجال‭ ‬و‭(‬بسمارك‭) ‬لهيدلام‭ ‬مورلي‭ ‬و‭(‬فوش‭.. ‬بكل‭ ‬أورليان‭)‬،‭ ‬لليدل‭ ‬هارت،‭ ‬و‭(‬لورانس‭ ‬والعرب‭) ‬لجريفس،‭ ‬و‭(‬ت‭. ‬لورانس‭ ‬فى‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭) ‬لليدل‭ ‬هارت،‭ ‬بينما‭ ‬استعار‭ ‬عدة‭ ‬كتب‭ ‬فى‭ ‬ذات‭ ‬السياق‭ ‬من‭ ‬مكتبة‭ ‬الكلية‭ ‬الحربية،‭ ‬نذكر‭ ‬منها‭: (‬كيتشنر‭) ‬لبولارد،‭ ‬و‭(‬اللنبى‭ ‬فى‭ ‬مصر‭) ‬لويفل،‭ ‬و‭(‬مصر‭ ‬من‭ ‬عهد‭ ‬كرومر‭) ‬للورد‭ ‬لويد،‭ ‬إذ‭ ‬يلاحظ‭ ‬اهتمام‭ ‬ناصر‭ ‬بالقراءة‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الكلية‭ ‬الحربية،‭ ‬بقضايا‭ ‬معينة،‭ ‬هي‭: ‬مصر‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬البريطاني،‭ ‬والإدارة‭ ‬البريطانية‭ ‬وجيشها،‭ ‬وتاريخ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى،‭ ‬وكتب‭ ‬خاصة‭ ‬بالاستراتيجية‭ ‬العسكرية‭. ‬

ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬قراءات‭ ‬عبدالناصر‭ ‬عن‭ ‬الشخصيات‭ ‬التاريخية‭ ‬تركت‭ ‬تأثيرا‭ ‬كبيرا‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬المراهق‭ ‬الذى‭ ‬اهتم‭ ‬بسير‭ ‬عظماء‭ ‬الرجال‭ ‬من‭ ‬بناة‭ ‬الدول،‭ ‬فاختياراته‭ ‬كاشفة،‭ ‬إذ‭ ‬يعد‭ ‬بسمارك‭ ‬مؤسس‭ ‬ألمانيا‭ ‬الحديثة‭ ‬والرجل‭ ‬الذى‭ ‬وحد‭ ‬البلاد‭ ‬بعد‭ ‬فوضى‭ ‬استمرت‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬عام،‭ ‬عندما‭ ‬نجح‭ ‬بمهارته‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬فى‭ ‬توحيد‭ ‬ألمانيا‭ ‬عام‭ ‬1870،‭ ‬ثم‭ ‬انتصر‭ ‬على‭ ‬فرنسا‭ ‬فى‭ ‬حرب‭ ‬استغرقت‭ ‬عاما‭ ‬واحدا،‭ ‬وأجبرها‭ ‬على‭ ‬توقيع‭ ‬معاهدة‭ ‬اعترفت‭ ‬بعظمة‭ ‬ألمانيا،‭ ‬كما‭ ‬نرى‭ ‬فى‭ ‬اهتمامه‭ ‬بتاريخ‭ ‬الإسكندر‭ ‬الأكبر‭ ‬نفس‭ ‬الملمح،‭ ‬وهو‭ ‬ملك‭ ‬مقدونيا‭ ‬الذى‭ ‬استطاع‭ ‬هزيمة‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الفارسية‭ ‬فى‭ ‬عز‭ ‬مجدها‭ ‬واتساعها،‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬عبدالناصر‭ ‬كمعظم‭ ‬أبناء‭ ‬جيله‭ ‬كان‭ ‬يؤمن‭ ‬بنظرة‭ ‬البطل‭ ‬فى‭ ‬التاريخ،‭ ‬وهى‭ ‬نظرية‭ ‬وضحها‭ ‬توماس‭ ‬كارلايل‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬االأبطالب‭ ‬الذى‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬عبدالناصر‭ ‬اطلع‭ ‬عليه‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬الاستعارة‭ ‬من‭ ‬مكتبة‭ ‬المدرسة‭ ‬الثانوية‭ ‬أو‭ ‬الكلية‭ ‬الحربية‭.‬

وهو‭ ‬نفس‭ ‬ما‭ ‬تكرر‭ ‬مع‭ ‬شخصية‭ ‬مصطفى‭ ‬كمال‭ ‬أتاتورك‭ ‬الذى‭ ‬قرأ‭ ‬عنه‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬كتابين‭ ‬فى‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية،‭ ‬فالبطل‭ ‬التركى‭ ‬استطاع‭ ‬تحقيق‭ ‬معجزة‭ ‬بالخروج‭ ‬من‭ ‬الانهيار‭ ‬الشامل‭ ‬للدولة‭ ‬العثمانية،‭ ‬التى‭ ‬تدمرت‭ ‬فى‭ ‬أتون‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ (‬1914-1918‭)‬،‭ ‬وباعتباره‭ ‬صاحب‭ ‬نصر‭ ‬جاليبولى‭ ‬على‭ ‬الحلفاء،‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬بقاء‭ ‬الدولة‭ ‬العثمانية‭ ‬المتفسخة‭ ‬ضربا‭ ‬من‭ ‬الهذيان،‭ ‬فقرر‭ ‬تأسيس‭ ‬دولة‭ ‬تركية‭ ‬حديثة‭ ‬تأخذ‭ ‬بأسباب‭ ‬التحديث‭ ‬والتصنيع،‭ ‬وترفض‭ ‬تدخلات‭ ‬رجال‭ ‬الدين،‭ ‬وهو‭ ‬النموذج‭ ‬الذى‭ ‬ترك‭ ‬تأثيره‭ ‬الواضح‭ ‬على‭ ‬شخصية‭ ‬عبدالناصر‭ ‬واستلهم‭ ‬منه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أفكاره‭ ‬القومية‭ ‬بصيغتها‭ ‬العروبية،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬ربما‭ ‬عقد‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬أتاتورك‭ ‬الرجل‭ ‬الذى‭ ‬خرجت‭ ‬بلاده‭ ‬مهزومة‭ ‬منهكة‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ ‬فقرر‭ ‬أن‭ ‬بقاء‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬المحال،‭ ‬وبين‭ ‬حاله‭ ‬هو‭ ‬الرجل‭ ‬الذى‭ ‬شارك‭ ‬فى‭ ‬حرب‭ ‬فلسطين‭ ‬1948،‭ ‬وتعرضت‭ ‬بلاده‭ ‬للهزيمة‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬بعدما‭ ‬اكتشف‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬السوس‭ ‬ينخر‭ ‬فى‭ ‬جسد‭ ‬مصر،‭ ‬وأن‭ ‬الثورة‭ ‬قادمة‭ ‬لا‭ ‬محالة‭.‬

لكن‭ ‬هناك‭ ‬شخصية‭ ‬تاريخية‭ ‬تركت‭ ‬بصمة‭ ‬لا‭ ‬تمحى‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الشاب‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬وهى‭ ‬شخصية‭ ‬نابليون‭ ‬بونابرت،‭ ‬فخلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬ثم‭ ‬مرحلة‭ ‬الكلية‭ ‬الحربية،‭ ‬استعار‭ ‬عبدالناصر‭ ‬خمسة‭ ‬كتب‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬نابليون‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر؛‭ ‬هى‭: (‬بونابرت‭ ‬حاكم‭ ‬مصر‭) ‬لشارل‭ ‬رو،‭ ‬و‭(‬نابليون‭) ‬لإميل‭ ‬لودفيج،‭ ‬و‭(‬نابليون‭ ‬وواترلو‭) ‬لبيك،‭ ‬و‭(‬مغامرة‭ ‬بونابرت‭ ‬فى‭ ‬مصر‭) ‬لكرستوفر‭ ‬هيرولد،‭ ‬و‭(‬تألق‭ ‬نجم‭ ‬بونابرت‭) ‬لويلكنسون،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬قراءة‭ ‬كتاب‭ ‬عن‭ (‬الثورة‭ ‬الفرنسية‭) ‬لهلير‭ ‬بيلوك،‭ ‬ليتحول‭ ‬نابليون‭ ‬إلى‭ ‬النموذج‭ ‬التاريخى‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثيرا‭ ‬فى‭ ‬شخصية‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬فالأخير‭ ‬وجد‭ ‬فى‭ ‬بطل‭ ‬فرنسا‭ ‬صورة‭ ‬الرجل‭ ‬الذى‭ ‬تناديه‭ ‬الأقدار‭ ‬لكى‭ ‬يجسد‭ ‬مطالب‭ ‬الأمة‭ ‬الفرنسية‭ ‬فى‭ ‬لحظة‭ ‬تحول‭ ‬تاريخية،‭ ‬فكان‭ ‬الرجل‭ ‬الذى‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬طموح‭ ‬الفرنسيين‭ ‬فى‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭ ‬وتوحيد‭ ‬أوروبا‭ ‬تحت‭ ‬حكم‭ ‬باريس،‭ ‬ربما‭ ‬رأى‭ ‬عبدالناصر‭ ‬فى‭ ‬نفسه‭ ‬نابليون‭ ‬العرب،‭ ‬الرجل‭ ‬الذى‭ ‬تناديه‭ ‬الأقدار‭ ‬كى‭ ‬يلبى‭ ‬النداء‭ ‬ويسعى‭ ‬لتوحيد‭ ‬العرب‭ ‬تحت‭ ‬لواء‭ ‬القاهرة،‭ ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬نابليون‭ ‬وعبدالناصر‭ ‬فشلا‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬الحلم،‭ ‬فالأول‭ ‬مات‭ ‬فى‭ ‬المنفى‭ ‬بعد‭ ‬الهزيمة،‭ ‬والثانى‭ ‬مات‭ ‬والأرض‭ ‬محتلة‭.‬

إذا‭ ‬تركنا‭ ‬السجلات‭ ‬الرسمية‭ ‬التى‭ ‬تكشف‭ ‬عما‭ ‬استعاره‭ ‬عبدالناصر‭ ‬من‭ ‬كتب،‭ ‬وانتقلنا‭ ‬إلى‭ ‬القراءات‭ ‬الحرة‭ ‬التى‭ ‬نعرف‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬مدمنا‭ ‬عليها،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬أديب‭ ‬أثّر‭ ‬فى‭ ‬فكر‭ ‬عبدالناصر‭ ‬هو‭ ‬توفيق‭ ‬الحكيم،‭ ‬فالثابت‭ ‬أنه‭ ‬استعار‭ ‬مسرحية‭ (‬أهل‭ ‬الكهف‭) ‬من‭ ‬مكتبة‭ ‬الكلية‭ ‬الحربية،‭ ‬لكن‭ ‬العمل‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثيرا‭ ‬للحكيم‭ ‬هو‭ ‬رواية‭ (‬عودة‭ ‬الروح‭)‬،‭ ‬والتى‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الروايات‭ ‬الوطنية‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬والعالم‭ ‬العربي،‭ ‬وانتهى‭ ‬من‭ ‬كتابتها‭ ‬العام‭ ‬1927،‭ ‬ونشرها‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬العام‭ ‬1933،‭ ‬والتى‭ ‬استقبلت‭ ‬نقديا‭ ‬وجماهيريا‭ ‬بحفاوة‭ ‬منقطعة‭ ‬النظير،‭ ‬وأثرت‭ ‬فى‭ ‬أجيال‭ ‬من‭ ‬المصريين،‭ ‬ومن‭ ‬ضمنهم‭ ‬عبدالناصر‭ ‬نفسه‭ ‬والذى‭ ‬قرأ‭ ‬الرواية‭ ‬وتأثر‭ ‬بفكرة‭ ‬البطل‭ ‬المخلص‭ ‬الذى‭ ‬يحرر‭ ‬مصر‭ ‬ويعيدها‭ ‬إلى‭ ‬سابق‭ ‬مجدها‭ ‬كما‭ ‬تذهب‭ ‬الرواية‭.‬

وإذا‭ ‬ما‭ ‬ذهبنا‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬يكشف‭ ‬جورج‭ ‬فوشيه‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬اجمال‭ ‬عبدالناصر‭: ‬فى‭ ‬طريق‭ ‬الثورة،‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الأخير‭ ‬قام‭ ‬بأداء‭ ‬شخصية‭ ‬قيصر‭ ‬فى‭ ‬مسرحية‭ ‬شكسبير‭ ‬الشهيرة‭ ‬والتى‭ ‬أعدتها‭ ‬المدرسة‭ ‬سنة‭ ‬1935،‭ ‬ويرى‭ ‬فوشيه‭ ‬أن‭ ‬عبدالناصر‭ ‬رأى‭ ‬فى‭ ‬يوليوس‭ ‬قيصر‭ ‬ارجلا‭ ‬بارزا‭ ‬فى‭ ‬مجتمع‭ ‬فاسد،‭ ‬لقد‭ ‬وجد‭ ‬الشعب‭ ‬الرومانى‭ ‬عبدا‭ ‬لخمسمائة‭ ‬عائلة‭ ‬من‭ ‬النبلاء،‭ ‬فقرر‭ ‬أن‭ ‬ينقذه‭ ‬من‭ ‬عبوديته‭... ‬حارب‭ ‬الفساد‭ ‬والطغيان،‭ ‬وأصدر‭ ‬قوانين‭ ‬تعاقب‭ ‬الفاسدين‭ ‬والمختلسين‭ ‬فى‭ ‬الداخل،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬تفرغ‭ ‬لحرب‭ ‬القبائل‭ ‬السويسرية‭ ‬المغيرة‭ ‬على‭ ‬روما‭... ‬كان‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬آنذاك‭ ‬معجبا‭ ‬أشد‭ ‬الإعجاب‭ ‬بشخصية‭ ‬يوليوس‭ ‬قيصر‭ ‬الوطنى‭ ‬الحر‭ ‬الشريف‭ ‬المؤمن‭ ‬بشعبه،‭ ‬لذلك‭ ‬أنقذ‭ ‬وطنه‭ ‬من‭ ‬طغيان‭ ‬الأغنياء،‭ ‬لقد‭ ‬بعث‭ ‬شعبه،‭ ‬وخلق‭ ‬من‭ ‬ضعفه‭ ‬قوةب،‭ ‬ولهذه‭ ‬الفترة‭ ‬تحديدا‭ ‬تعود‭ ‬قراءة‭ ‬عبدالناصر‭ ‬لفولتير‭ ‬وجان‭ ‬جاك‭ ‬روسو،‭ ‬وقد‭ ‬كتب‭ ‬مقالة‭ ‬عن‭ ‬فولتير‭ ‬بعنوان‭ ‬افولتير‭ ‬رجل‭ ‬الحريةب‭ ‬ونشرت‭ ‬فى‭ ‬مجلة‭ ‬امدارس‭ ‬النهضةب‭ ‬العام‭ ‬1935‭.‬

من‭ ‬جهته،‭ ‬يرى‭ ‬الدكتور‭ ‬عاصم‭ ‬الدسوقى،‭ ‬أستاذ‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬والمعاصر‭ ‬بجامعة‭ ‬حلوان،‭ ‬أن‭ ‬عبدالناصر‭ ‬تأثر‭ ‬بقراءات‭ ‬واسعة‭ ‬فى‭ ‬التاريخ‭ ‬وعن‭ ‬الشخصيات‭ ‬التاريخية‭ ‬من‭ ‬زعماء‭ ‬أو‭ ‬سياسيين،‭ ‬والتى‭ ‬تبدو‭ ‬فى‭ ‬تصرفاته‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تنسب‭ ‬تصرفا‭ ‬معينا‭ ‬له‭ ‬إلى‭ ‬شخصية‭ ‬معينة،‭ ‬ودون‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬إنه‭ ‬تأثر‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬بشخصية‭ ‬تاريخية‭ ‬بعينها‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬مثل‭ ‬هتلر‭ ‬أو‭ ‬موسولينى،‭ ‬فالتأثر‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬يعنى‭ ‬المحاكاة‭ ‬أو‭ ‬استعادة‭ ‬أفعال‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬التاريخية‭ ‬فى‭ ‬أفعال‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬فالأخير‭ ‬ابن‭ ‬تجربة‭ ‬تاريخية‭ ‬لها‭ ‬سياقها‭ ‬وتفاعلاتها،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الشخصيات‭ ‬تأثيرا‭ ‬فى‭ ‬حياة‭  ‬عبدالناصر،‭ ‬شخصية‭ ‬عزيز‭ ‬المصرى،‭ ‬الذى‭ ‬أفنى‭ ‬عمره‭ ‬فى‭ ‬تحرير‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬الاستعمار‭ ‬البريطاني،‭ ‬لذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬يمنح‭ ‬عبدالناصر‭ ‬بعدما‭ ‬تولى‭ ‬رئاسة‭ ‬البلاد‭ ‬قلادة‭ ‬النيل‭ ‬لعزيز‭ ‬المصرى‭ ‬تكريما‭ ‬لدوره‭ ‬البطولى‭ ‬فى‭ ‬دعم‭ ‬حركة‭ ‬التحرر‭ ‬الوطنى‭.‬

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة