اللواء باقى زكى
اللواء باقى زكى


ساعات النصر ..ودموع الغفران

رجال صنعوا النصر| اللواء باقي زكي وحكاية المضخات لإسقاط خط برليف المنيع

سما صالح

الثلاثاء، 05 أكتوبر 2021 - 11:21 ص



يوم السادس من اكتوبر حطم الجيش المصري الأسطورة الإسرائيلية "الجيش الذي لا يقهر"، فنجحت القوات المسلحة في تحطيم التحصينات الدفاعية في خط بارليف، في 6 ساعات، والعبور إلى الضفة الشرقية لقناة السويس في ملحمة عسكرية سجلها التاريخ، ويحتفل الشعب المصري بذكراها.

 

 ويعد «خط بارليف»، سلسلة من التحصينات الدفاعية التى كانت تمتد على طول الساحل الشرقى لقناة السويس، حيث قامت إسرائيل ببنائه بعد احتلالها لسيناء بعد حرب عام 1967، بهدف تأمين الضفة الشرقية لقناة السويس ومنع عبور أى قوات مصرية إليها.


وسمى «خط بارليف» بذلك الاسم نسبة إلى حاييم بارليف القائد العسكرى الإسرائيلى، حيث تكلف بناؤه نحو 500 مليون دولار، وتميز «خط بارليف» بساتر ترابى ذى ارتفاع يصل لما يتراوح بين 20 و22 مترا، وانحدار بزاوية 45 درجة على الجانب المواجه للقناة، كما تميز بوجود 20 نقطة حصينة على مسافات تتراوح بين 10 و12 كيلومترا وفى كل نقطة نحو 15 جنديا تنحصر مسئوليتهم فى الإبلاغ عن أى محاولة لعبور القناة وتوجيه المدفعية إلى مكان القوات التى تحاول العبور.


كما احتوى الخط على مصاطب ثابتة للدبابات، بحيث تكون لها نقاط ثابتة للقصف فى حالة استدعائها فى حالات الطوارئ، وضمت قاعدته أنابيب تصب فى قناة السويس لإشعال سطح القناة بالنابالم فى حالة محاولة القوات المصرية العبور، والتى قامت القوات المصرية الخاصة بسدها تمهيدا للعبور فى واحدة من أعظم العمليات.


روجت إسرائيل طويلا لخط بارليف على أنه يستحيل عبوره وأنه يستطيع إبادة الجيش المصرى إذا حاول عبور قناة السويس، مدعية أنه أقوى من خط «ماجينو» الذى بناه الفرنسيون بعد الحرب العالمية الأولى.

 

اقرأ أيضا: الكاريكاتير شاهد على حرب أكتوبر.. رسم بوادر النصر وكسر أنف جولدا مائير 


كان خط بارليف يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كيلومترا داخل شبه جزيرة سيناء على امتداد الضفة الشرقية للقناة، ويتكون من تجهيزات هندسية ومرابض للدبابات والمدفعية وتحتله احتياطيات من المدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية، بطول 170 كيلومترا على طول قناة السويس، وبنت إسرائيل الخط بعد عام 1967، والذى اقترحه حاييم بارليف رئيس الأركان الإسرائيلى فى الفترة ما بعد حرب 1967 بهدف تأمين الجيش الإسرائيلى المحتل لشبه جزيرة سيناء.

كيف توصل اللواء باقى زكى إلى فكرة المضخات لإسقاط خط برليف المنيع


حضرالاجتماع وجلس مع  القادة رغم صغر سنة ليعلن تفاصيل فكرته الجهنمية لإسترداد الارض ويسجل احد اهم براءات الاختراع التى تُدرس في الجامعات على مستوى العالم… وهوو اللواء أركان حرب مهندس باقى زكى يوسف، صاحب فكرة استخدام مضخات المياه لإزالة الساتر الترابى أمام خط بارليف على الضفة الشرقية من قناة السويس، ليمهد بذلك لإسقاط تلك الحصون العسكرية التى قامت إسرائيل ببنائها بعد حرب 1967، والتى عرفت بخط بارليف، لتعجيز الجيش المصري عن عبور القناة لاسترداد سيناء المحتلة.


ولد اللواء باقى زكى يوسف، فى 23 يوليو 1931 وتخرج  عام 1954 في قسم الميكانيكا بكلية الهندسة بجامعة عين شمس، وبعدها التحق بالكلية الحربية ضباط متخصصين ليصبح ضابطا مهندسا متخصصا فى ميكانيكا المحركات، وبعدها انتُدب للعمل في مشروع السد العالي في شهر مايو عام 1964، وهي المهمة التي منها توصل إلى فكرته بإحداث ثغرات في الساتر الترابي لخط بارليف، حيث كان شاهدا على عملية تجريف الرمال والأتربة في المشروع.


وبعد أزمة 1967 ألغى انتداب كل الضباط وعاد يوسف إلى القاهرة يوم 4 يونيو، حيث  انضم لفرع المركبات في الفرقة  مشاة الميكانيكية وأصبح رئيسها برتبة مقدم، واستمر عمله كضابط مهندس في القوات المسلحة خلال الفترة من عام 1954 وحتى 1 يوليو 1984، قضى منها خمس سنوات برتبة لواء.


ومع الاستعداد لحرب أكتوبر منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتحديدا في أحد أيام يوليو عام 1969، وفي مقر الفرقة  التابعة للجيش الثالث، بإحدى ضواحى السويس، عقد قائد الفرقة اللواء سعد زغلول عبد الكريم اجتماعا لأركان القيادة والضباط لمناقشة كيفية التعامل مع خط بارليف.


كان أحد الحضور هو المقدم مهندس باقى زكى يوسف والذي كان وقتها مديرا للمركبات في الفرقة ، وبعد نقاشات وآراء، بادر المقدم يوسف بطلب الكلمة، وأخذ يستعرض آلية التعامل مع الخط عبر سلاح بسيط ورخيص هو مياه قناة السويس، وضخها عبر خراطيم بمواصفات معينة لتقوم المياه المندفعة بتجريف الرمال فتتساقط على الطريق الشاطئي، وبعدها التعامل معه بديناميت لفتح الثغرات.


وهي الفكرة التي رغم بساطتها غيرت تاريخ البلاد ونجحت في تدمير أكبر ساتر ترابي في التاريخ، وكانت سببا في نجاح قوات الجيش المصري في عبور قناة السويس في السادس من أكتوبر عام 1973.


وروى اللواء الراحل باقى ذكى قبل وفاته قائلا: "مجرد ما أنهيت كلامي وجدت سكون في القاعة، لدرجة أني خوفت أكون خرفت"، هكذا وصف يوسف انطباعه بعد عرضه لفكرته في الاجتماع، في أحد حواراته الصحفية السابقة، وخلال 12 ساعة، ما بين الساعة 12 ليلا وقت انتهاء الاجتماع وحتى الساعة 12 ظهر اليوم، التالي كانت الفكرة وصلت لأعلى مستوى في القوات المسلحة، وفي أقل من أسبوع كانت وصلت للرئيس جمال عبد الناصر.


البطل الراحل كان  مُنظم ومحدّد فى أفكاره ولديه موهبة خلاقة. لديه ثقة تامة فى قدرته ولديه إصرار على النجاح ومن ذكريات البطل الراحل عن الحرب قال اللواء باقى: «كنت أرى الساتر الترابى فى حُضْنى وأنا قادر على إسقاطه». الحياة فى نظره كلها نور، وهو قادر أن يلقى الماضى المظلم خلفه ويسعى نحو تحقيق معجزات المستقبل. وبمنتهى الثقة، استطاع اللواء باقى بذكائه الاجتماعى، أن يحصل على الخرائط التى استخدمت فى أسوان لتطبيقها فى المهمة السرية محافظا على سرية الهدف. فهذا الرجل لم يحرك فقط الأشخاص لتحقيق هدفه بل استطاع أن يحرك الجبال الشاهقة فقط بالعلم.

 

وعمل سلاح المهندسين على تطوير الفكرة في سرية تامة واستيراد المضخات والتدريب على استخدامها لتحقيق الهدف في أسرع وقت ممكن، وبالفعل نجحت القوات في عبور الضفة الشرقية للقناة في أقل من ست ساعات.


حصل يوسف على نوط الجمهورية العسكري من الدرجة الأولى من الرئيس أنور السادات في فبراير عام 1974 عن أعمال قتال استثنائية تدل على التضحية والشجاعة الفائقة في مواجهة العدو بميدان القتال في حرب أكتوبر 1973، كما حصل على وسام الجمهورية من الطبقة الثانية من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عام 1984 بمناسبة إحالته إلى التقاعد من القوات المسلحة.


وفي الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، الـ29 للقوات المسلحة، تحت عنوان "أكتوبر تواصل الأجيال"، كرم الرئيس عبدالفتاح السيسي، اسم البطل اللواء أركان حرب المهندس باقي زكي يوسف، وتسلمت درع التكريم  قرينة البطل الراحل.

 

اقرأ أيضا: يوسف القعيد: كنت مجندًا بالجيش فى حرب أكتوبر وتم تسريحى ضمن خطة التمويه

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة