عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

إرادة العبور

عمرو الديب

الأحد، 10 أكتوبر 2021 - 07:46 م

توحدت القلوب، وتضافرت الجهود، وسرى صراخ الكرامة فى شرايين الملايين النازفة من طعنات العار الغادرة، وتجمعت الإرادات خلف حلم وحيد، تحتشد من أجل تحقيقه المهج والأرواح قبل الأجسام والسواعد، فصفعات الانكسار طالت الجميع ولم تدع أحدا لم تهنه،أو تجلل بالخزى هامته، فما أقسى الهزيمة على النفس، وما أشد وطأتها إذا شملت وطنا بأكمله، وليس أى وطن، ولكنه مصر.

تلك القلعة الشماء فى أفق الدنيا، وهذه الغادة النبيلة الحسناء فى ركب الإنسانية، البلاد التى آوت الجميع، وظللت على كل من لجأ إليها،أرض الكنانة، ومهد الكرامة، فكيف لها أن تتجرع مرارات الهزيمة، لذا خيم الغم على الملايين من أبنائها، فساروا فى الشوارع والطرقات يجرون أذيال الخيبة، ترهقهم ذلة، وقد شعرت الجموع أن الحياة فى ظل الانكسار جحيم لا يطاق ولا يمكن احتماله، وأهون منه الموت بعزة،وملاقاة المنية فى كرامة، فسرى فى الأجواء إصرار على نيل الخلاص، وعبور الهزيمة، مهما كلف الأمر، وأى شيء أثمن من المهج؟، إذ انعقد عزم الملايين على بذلها تحررا من أطواق العار، ولم تكن قواتنا المسلحة الباسلة التى كانت صدور أبطالها تغلى كالمراجل بعيدة عن طموحات الشعب، وكان قادتها البارعون يترجمون المشاعر الحماسية الفياضة، إلى حسابات دقيقة، وخطط  علمية محكمة، ووعى بطبيعة اللحظة التاريخية، وإدراك لما جرى فى الحروب السابقة وخاصة فى نكسة 1967.

وهنا لم تجد القيادة السياسية الحكيمة إلا ظرفا مواتيا لا يتكرر كثيرا فى تاريخ الشعوب وحيوات الأمم، وطن تنتفض كل ذرة فيه رفضا لتقبل الهزيمة، وحشود هائلة صممت على لفظ العار،وقادة تعاهدوا على بذل النفيس والغالي، وجنود بواسل وضعوا مهجهم على أكفهم، استعدادا للخلاص، وهكذا تشكلت إرادة العبور، الملايين من المقاتلين الجسورين وحاضنتهم الشعبية من جموع الشعب ومختلف فئاته، وتوحد السعى خلف حلم الخلاص، واختفت سائر المطالب والأهداف الأخرى، فلا شيء إلا استرداد الكرامة، وجاءت الساعات الحاسمة، فإذا بطوفان الإرادة الموحدة الهادر يطيح بكل العوائق والسدود فى أكتوبر 1973 عبر ملحمة يندر أن تجد لها شبيها فى العصر الحديث برمته، ومضى إعصار الإرادة المصرية نحو هدفه، لا يلوى على شيء فجرف فى طريقه كل الصعوبات،وقهر شتى التحديات، فلا الساتر المكير، ولا خط بارليف الحصين،ولا الاستعدادات القتالية المتطورة، ولا الأسلحة الحديثة الفتاكة،استطاعت أن توقف زحف المشتاقين إلى الكرامة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة