محمود الورداني
محمود الورداني


فى رواية أفغانية جديدة (1 – 2 )

جدارية لاتخلو من الميلودراما

أخبار الأدب

الإثنين، 18 أكتوبر 2021 - 04:12 م

بقلم: محمود الورداني

جاءت هذه الرواية « اللؤلؤة التى كسرت محارتها »  للكاتبة الأمريكية من أصل أفغانى نادية هاشمى وترجمة متقنة فى صياغاتها لإيمان حرز الله وأصدرتها أخيرا دار كلمات فى 546 صفحة، جاءت فى وقتها تماما. كنت لتوّى قد صُدمت بشدة بمشهد الطائرة الأمريكية فى مطار كابول، وبعد ساعات من عودة طالبان وهروب الاحتلال الأمريكى الذى استمر أكثر من عشرين عاما وفرار الرئيس الأفغانى الذى نصّبه الأمريكيون، وذوبان الجيش الذى انفقت امريكا المليارات على مدى عقدين فى تسليحه وتدريبه، والعشرات يتسابقون ويتزاحمون للركوب على أجنحة الطائرة وجسمها، وقد لقى الكثيرون منهم حتفهم، بل وقرأت فيما بعد أن تحقيقا قد أجرى وكشف عن بقايا لحم بشرى على جسم الطائرة.

لم أفهم حتى الآن كيف أن أكثر من عشرين عاما من الاحتلال الأمريكى لم تغيّر من الأمر شيئا، وأن الطالبانيين لم يغادروا السلطة مطلقا، وهل ماجرى كان ضد رغبة الولايات المتحدة؟ وهل سمحت الأخيرة بعودتهم لتحقيق هدف ما مازال غامضا؟

 

وكان من أبرز الأخبار الواردة بعد أسبوع أو أكثر قليلا من عودة طالبان، إغلاق وزارة المرأة، التى كانت تُعنى بشئون النساء أثناء الحكومة السابقة لرفع المظالم عنهن، وأمرت سلطات الحكم الجديد بتسريح النساء اللائى كن يعملن فى هذه الوزارة، ثم إغلاق الوزارة نفسها.
وفى وسط هذا الخضم السياسى ، تأتى رواية نادية هاشمى الكاشفة بل والفاضحة لواقع مخيف فى بؤسه وتوحشه وعدوانه.

 

بداية أوضح أن هذا العمل لايستمد  قيمته وتأثيره من عنف الواقع والظلم والاستعباد الذى ترزح تحته المرأة فى أفغانستان فقط، بل من الامتداد لأجيال وأجيال من النساء فى جدارية ضخمة على مدى مايقرب من نصف قرن فى العصر الحديث، منذ أواخر العصر الملكى وحتى حكم الطالبان. وليس من العيب، أو مما يقلل من القيمة الفنية للرواية، أنها وثيقة اجتماعية، لكنها وثيقة رفيعة المستوى، ولاذنب للكاتبة فى أن عملها يحتوى على كل هذا القدر من الميلودراما والدموع، لأن الواقع الذى تجرى أحداث الرواية فيه هو واقع العصور الوسطى.

فعلى سبيل المثال أشير فقط إلى أن آخر ملوك أفغانستان كان يفرد فى قصره الملكى جانبا مخصوصا للنساء اللائى يعتبرهن إماءً له ولاستمتاعه الشخصى ، فهن ما ملكت أيمانه، هذا بالطبع إلى جانب نسائه الشرعيات الأربع، وأمراء الحرب والأغنياء شأنهم شأن مليكهم يتملكن الإماء إلى جانب الزوجات الشرعيات. ولايقتصرالظلم والاسترقاق على طبقة دون طبقة، فالنساء مستعبدات حرفيا يستخدمن فى الأعمال الشاقة وممارسة الجنس وولادة الأطفال، مع ممارسة كافة أنواع الاسترقاق والتوحش فى حق من ينجبن إناثا.

وليس مما يقلل من القيمة الفنية للرواية أنها ترسم جدارية واقعية بخشونة، أو أنها قدّمت رواية واقعية تقليلدية لاتحفل كثيرا بالمغامرات الفنية مثلا، واعتمدت على حيلة سردية بسيطة لكنها ذكية وموفقة. هناك صوتان يحكيان الرواية، الأول الخالة شايما التى تحكى حكاية شكيبة  التى تدور أحداثها خلال العصر الملكي، والثانية تحكيها رحيمة وهى حفيدة حفيدتها. والأخيرة تحديدا عاشت سنواتها الأولى «باشابوش» ومعناها الفتاة التى ترتدى زى الصبيان كتقليد شائع فى أفغانستان وباكستان، تلجأ له الأسر التى لايوجد لديها أفراد ذكور.
  يتدفق الصوتان ويتبادلان الحكى على مدى صفحات تقترب من الستمائة، ومن السهولة أن يلحظ القارئ أن واقع المرأة الأفغانية لم يتغير مطلقا خلال العهدين الملكى والطالباني، وهو ماسوف أحاول الكتابة عنه فى الأسبوع المقبل إذا امتد الأجل..

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة