د. محمد إبراهيم العشماوى
د. محمد إبراهيم العشماوى


أعمال تعطيل الزواج

الأخبار

الخميس، 21 أكتوبر 2021 - 07:05 م

كثر حديث الناس - لا سيما النساء - إذا تأخرت إحداهن فى الزواج أن ينسبوا سبب هذا التأخر إلى أنه معمولٌ لها عمل، ثم يدورون بها على الشيوخ، الصادق منهم والكاذب، والحاذق منهم والجاهل، رجاء أن يفكوا لها العمل؛ لتتزوج. ولكن ما موقف الإسلام من هذا التصور؟


الحقيقة أن السحر والحسد والعين من الأمور التى قد تصيب المرء فى حياته بالتعقيد، وقد نطق بذلك القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بما يغنى عن ذكره، ولكن ليس من المعقول أن نعلق كل ما يجرى لنا فى حياتنا على شماعة السحر والحسد والعين، فقضية تعطيل زواج الفتيات لها أسباب كثيرة، منها اقتصادية كبطالة الشباب، وقلة فرص العمل، وعدم كفاية الدخل لمن وجد منهم عملا، مما جعل الكثير منهم يحجم عن فكرة الزواج من الأصل، أو يؤخرها إلى حين الاستطاعة، وهذا بدوره ينعكس على تأخير زواج الفتيات، ومنها نفسية كإضراب الفتاة نفسها عن الزواج، بدافع الخوف مثلا، أو لعدم الرغبة فيه من الأصل، وهذه الأسباب النفسية هى التى يمكن أن يعد من بينها الإصابة بالسحر أو بالحسد أو بالعين!


ولكن هذا لا يعنى الجزم بأن هذا هو السبب؛ إلا بعد استبعاد الأسباب السابقة، ووجود مبررات تجعل هذا السبب محتملا، من عداوة ظاهرة أو منافسة أو نحو ذلك، وبعد ظهور علامات غريبة غير طبيعية، بشرط عدم الإغراق فى الوهم والتخيل.


والحقيقة أن السحرة الحقيقيين الذين يتقنون فن السحر، من الندرة بمكان، وأكثر الذين على الساحة دجالون كذابون مرتزقة، يجيدون فن الخداع  وأن أكثر ما تصاب به الفتيات ليس السحر ولا الأعمال، بل الحسد والعين، لا سيما لمن تمتلك من المؤهلات ما يجعلها فى مرمى الحساد والعائنين، مع عدم وجود ما تتحصن به!


وعلى الرغم من هذا فقد مهد الإسلام سبلا للوقاية والعلاج من هذه الأمور الثلاثة التى هى السحر والحسد والعين، من غير لجوء إلى شيخ، ولكن الناس - لقلة يقينهم، وقلة معرفتهم بدينهم - يستسهلون الذهاب إلى الشيوخ، مع أن علاجهم بين أيديهم، فى الأذكار والتحصينات القرآنية والنبوية، ولا صبر لهم على العلاج، فيستعجلون، مع أن كل علاج لا بد له من زمن ليأتى بنتيجة، وإذا كان هذا فى الأدوية المادية فهو فى الأدوية الروحانية أولى، بل لا بد من المواظبة عليها يوميا مرتين على الأقل، فيما يسمى بلغة المحدِّثين بعمل اليوم والليلة، أو بلغة المعاصرين أذكار الصباح والمساء، فإنها حصن للمسلم، متى تركها مرة أمكن للعدو أن يتسلل إليه من هذه الثغرة، وبالله التوفيق.


د. محمد إبراهيم العشماوى  أستاذ الحديث فى جامعة الأزهر

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة