مستشار الإمام الأكبر لشئون التعليم
مستشار الإمام الأكبر لشئون التعليم


الأزهـــر.. منبـع الوسطية

مستشار الإمام الأكبر لشئون التعليم: الأزهر مثل النيل والأهرامات

آخر ساعة

السبت، 23 أكتوبر 2021 - 10:17 ص

ريحاب محمد  

العلاقة بين التعليم العام والتعليم الأزهرى هى علاقة مد وجزر، أحياناً نجد الموجة تتجه نحو أحدهما أكثر من الآخر، ففى أعوام سابقة كان الهروب من الدراسة فى التعليم الأزهرى إلى نظيره العام، لكن فجأة حدث العكس، حيث شهد هذا العام إقبالاً على التحويل من التعليم العام إلى الأزهرى، ولكى نعرف السبب أجرينا هذا الحوار مع الدكتور عبدالدايم نصير، مستشار شيخ الأزهر لشئون التعليم، أمين عام الرابطة العالمية لخريجى الأزهر، وامتد الحوار ليشمل الحديث عن جهود الرابطة لمواجهة الفكر المتطرف، والرعاية التى تقدمها الدولة للطلاب الوافدين داخلياً وخارجياً، باعتبارهم سفراء للأزهر، وقوة ناعمة لنشر صحيح الدين ومنهج الأزهر الوسطى.

 كيف ترى حال التعليم الأزهرى الآن وكيف ترد على من يتهمونه بأنه من مظاهر الارتداد الحضارى؟

ـ التعليم الأزهرى له دور كبير فى تشكيل الوعى، وفى وقت من الأوقات كان  محور التاريخ والحركة الوطنية وشارك فى تحقيق استقلال مصر عن الدولة العثمانية، هذا من ناحية العلاقة بين الأزهر والمجتمع، أما عن هوية الأمة فالأزهر يحمل على عاتقه الجانب الأكبر من مسئولية الحفاظ عليها، كما أنه جعلنا نفهم الإسلام بطريقة صحيحة.

ونحن لا نتمسك فقط بتقليد الماضى، بل نرتكز عليه للتحرك إلى آفاق المستقبل، حيث نقبل كل جديد ما دام لا يتعارض مع الأسس، ونتطلع إلى تقدم الأمة ولا نرتكن إلى مجرد تاريخ باهر، وإنما علينا أيضاً أن نصنع تاريخاً، فالأزهر كمؤسسة له رصيد كبير فى نفوس المسلمين سواء داخل مصر أو خارجها، ويعتبر من الأصول الأساسية للدولة المصرية، ومثلما أن النيل شريان الحياة، وكما نفتخر بالأهرامات والفراعنة، كذلك فالأزهر الشريف جزء مما خلفه الأجداد ونفتخر به أمام كل دول العالم.

 بمَ تفسر الإقبال الكبير على التعليم الأزهرى الآن والتحويلات الكثيرة من التعليم العام للأزهرى؟

ـ العلاقة بين التعليم العام والتعليم الأزهرى علاقة مد وجزر، أحيانا نجد الموجة تتجه نحو أحدهما أكثر من الآخر، ولكى نعرف الدوافع يجب أن نتذكر ما حدث منذ عدة سنوات عندما قرر فضيلة الإمام أحمد الطيب القضاء على الغش فى الامتحانات، ومواجهة المشكلة بكل صرامة وصراحة، وبالفعل انضبط الأمر إلى حد كبير، فانخفضت النتيجة وبعدها مباشرة حدثت موجة انتقال من الأزهر للتعليم العام وكأنهم كانوا يعتمدون على الغش من أجل النجاح والمجموع الكبير، ولكن الدكتور الطيب قال: "لا تنزعجوا، أنا لا يعنينى العدد ولكن تعنينى الجودة وبعد ذلك سوف يفهم الجميع أن ما فعلته هو الصح".

وهناك بعض الناس للأسف الشديد يفرحون عندما تزيد الأعداد، وهذا غير صحيح، فنحن كأزهريين كان عددنا قليلا ولكن كنا مؤثرين، وبالنسبة للموجة الكبيرة للتحويلات من التعليم العام، الآن فهو نتيجة نظام الثانوية العامة الجديد، ولأن الناس متخوفة منه فضلت الذهاب لما هو معروف بالنسبة لها. والمشكلة فى الأساس هى أن الناس لا تنظر إلى جودة التعليم، ولكن يهمها ارتفاع النتيجة والحصول على الشهادة فقط.

 وما التجديد الذى تراه مناسباً؟

ـ التجديد له مسارات متعددة بجانب التعليم، ولا شك أن التعليم عليه الدور الأكبر، لأنه يشكل عقلية الطفل والشاب والخريج، ولكن الأكثر من البرامج التعليمية الممارسات الموازية للتعليم، فهناك إعلام ونوادٍ وشارع وعوامل كثيرة مؤثرة فى تشكيل وعى الطالب أو الشاب فى أى مجتمع، وزاد الأمر مع مجيء الغول الأكبر الـ"سوشيال ميديا" التى يستغرق فيها الشباب معظم الوقت، وبذلك يستقى منها الأفكار، ومعظمها سيئ وقليل منها جيد، وهذا يحتاج منا جهداً كبيراً لنجذب الأطفال والشباب، وعلينا أن نوفر من الأنشطة ما يجذبهم حتى يستقوا منها الصواب وتبادل الخبرة بين الأجيال، ونحافظ على قيم مجتمعنا التى لو ضاعت ضاع معها الكثير، فالفقر سهل علاجه وكذلك المرض، لكن المهم الحفاظ على القلب الصلب وهو القيم التى تحكم تصرفات الفرد والمجتمع وتقوده للأصلح.

 ما دور الأزهر فى تفكيك الأفكار المتطرفة وتجديد الخطاب الديني؟

ـ هناك محوران فى هذا المجال، الأول كان العلاج العاجل وتمثل فى تأليف وإعداد مقرر فى مستوى يفهمه طالب الإعدادى ويتعامل مباسرة مع هذه القضايا، يتحدث عن معنى الحكم الإسلامى ونظم الحكم فى الإسلام وكيان الدولة الإسلامية، أى القضايا التى تثار بين حين وآخر على أنها جزء من الإسلام، وقد تم عمل كتابين للمرحلة الإعدادية والمرحلة الثانوية، وهذه تعد مواجهة مباشرة وسريعة مع هذه الأفكار.

أما العلاج على المدى البعيد فهو إعادة النظر فى المناهج التى بقيت تدرس لفترة طويلة جداً، وكانت تعالج قضايا لم تعد موجودة ولم تكن أساساً من أصل الدين، لكنها كانت خاضعة للتقاليد، فلماذا نضيع وقت الطالب فى قضية "الرق" مثلاً، والتى لم تعد موجودة الآن، وما الفائدة منها، بل إننا بذلك نرسِّخ مقولة إن الإسلام جلب الرق، بينما الحقيقة هو الذى قضى عليه، كذلك هناك قضايا كانت فى سياقات وظروف أخرى، وهكذا بدأنا تصفية كل  المقررات التى تتحدث عن ظواهر وآراء ظهرت فى ظروف معينة فى سياق اجتماعى وتاريخى معين، والآن لم يصبح لها وجود ولا معنى.

 بما أنك الأمين العام للرابطة العالمية لخريجى الأزهر، كم عدد الوافدين داخل الأزهر من كل دول العالم؟

ـ عندنا 24 ألف طالب فى الجامعة، سواء على مستوى الليسانس أو الدراسات العليا، وأيضا عندنا حوالى عشرة آلاف طالب وطالبة فى التعليم ما قبل الجامعى، جزء منهم جاء للتعلم فى الأزهر، وجزء آخر بصحبة والديهم كاللاجئين الذين يختار معظمهم الأزهر فى التعليم باعتباره أقل تكلفة من أى تعليم آخر.

 ما دور الرابطة وما الخدمات التى تقدمها؟

ـ تعمل الرابطة على ربط خريجى الأزهر بالأزهر وبمناهجه فى مجابهة كل الأفكار غير الصحيحة التى تنتشر ويلوث بها الإسلام فى العالم، أما الخدمات فقلنا إن الأصل أنها تربط خريجيها بالمؤسسة لأن المنهج الأزهرى أصبح له مناوئون وأفكار وتيارات أخرى تعدت على الصورة الناصعة للإسلام التى يمثلها الأزهر، بالتالى يلزمنا جهد عالمي.. ليس جهد حكومات ولكن جهد شعب، وفى نفس الوقت يمكن أن يكونوا بحاجة أيضا لدعم ثقافى أو لديهم قضايا لم يعرفوا كيفية حلها ندرسها ونرد عليهم، وليس هذا فقط لكن عندنا أيضا إصدارات مثل "مجلة الرواق"، ومعظم كتابها من الطلاب الوافدين الذين يكتبون عن قضايا بلادهم، كما نعلمهم كيف يكتبون المقال، لأن الإعلامى أثره أكبر من خطيب الجمعة، وأوسع انتشاراً، ولذلك نعمل على تربية الإعلامى الجيد فى وسائل الإعلام المختلفة، وبذلك تصنع منه مؤثراً كبيراً.

 ما الدور الذى تقوم به مصر فى رعاية الطلاب الوافدين؟

ـ هو دور كبير فبجانب المنح التى تعطيها الدولة المصرية للطلاب الوافدين ومنها ما يتضمن مرتباً شهرياً وسكناً فى مدينة البعوث للطلاب غير المتزوجين، بينما المتزوجون يأخذون مبلغ 1500 جنيه شهرياً ونحن نحاول دعمهم بشتى الطرق. وحالياً هناك 25 فرعاً للرابطة وأفرع أخرى تحت الإنشاء، لأن عندنا شروطا للإنشاء نتمسك بها، أولها أن يكون فرع المؤسسة بالخارج كياناً شرعياً فى بلده حتى لا يعمل الخريج وهو مهدد، بل الحصول على موافقة بلده، ووقتها نرحب به.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة