د. أسامة السعيد
د. أسامة السعيد


خارج النص

تعذيب الموتى وذويهم !!

د. أسامة السعيد

الأربعاء، 27 أكتوبر 2021 - 06:20 م

قرار وزارة الأوقاف بمنع صلاة الجنازة بالمساجد بسبب الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا لم يكن بالنسبة لى سوى قرار، لكن الأسبوع الماضى وبعد وفاة أحد أفراد عائلتى (رحمه الله)، تحول القرار إلى تجربة، والتجربة إلى معاناة.. يقضى القرار بأن تؤدى صلاة الجنازة خارج المسجد، أى أن يقوم المصلون بأداء الصلاة المفروضة داخل المسجد، ثم يندفعون فى دقائق معدودة ليخرجوا من المسجد، حتى يتمكنوا من إخراج جثمان فقيدهم من سيارة نقل الموتى، ووضعه فى أى مكان خارج المسجد، وربما يكون ذلك المكان ساحة مفتوحة فى حالة المساجد الكبرى، أو فى نهر الطريق كما هو الحال فى معظم المساجد.

وبالطبع تتضاعف المعاناة إذا تزامنت الجنازة مع صلاة جماهيرية مثل صلاة الجمعة، وفى مسجد يؤمه آلاف المصلين، وقد يتصادف وجود أكثر من جنازة (وهو تماماً ما حدث فى التجربة التى عايشتها)، تخيلوا المشهد .. جموع المصلين تصلى فى انتظام صلاة الجمعة، وبعدها مباشرة، يتدفق أهالى المتوفى خارج المسجد ليضعوا نعش فقيدهم فى مكان ملائم للصلاة، ثم ينزل إمام المسجد أو من ينوب عنه للصلاة، ويتم كل ذلك فى زمن لا يتجاوز 5 دقائق، وهو ما يتسبب فى حالة من الارتباك والاضطراب.. لا أعرف ما الضرر فى أن تدخل الجثامين إلى داخل المسجد ليصلى عليها، فى انتظام وسكينة تفرضها ظرفية الموت، وقدسية الصلاة، وبدون تعذيب للموتى وذويهم وللمصلين على حد سواء، فحتى لو كان الميت من ضحايا الإصابة بفيروس كورونا، فإنه من الثابت علمياً أن الفيروس يموت بموت عائله، وثانياً عمليات الغسل والتكفين تمثل وقاية كافية، ومعظم نعوش نقل الموتى تكون مغطاة.

الأمر إذاً لا علاقة له بإجراءات الوقاية أو حماية المصلين، فالميت لا يمثل خطراً صحياً على الأحياء، والمصلون بالفعل يسمح لهم بدخول المساجد، بل إن الفوضى التى تحدث لأداء صلاة الجنازة خارج المساجد هى التى تؤدى إلى مزيد من الاختلاط وغياب التباعد، وبالتالى يزداد الخطر.. قرار منع صلاة الجنازة بالمساجد يحتاج إلى إعادة نظر حقيقية من وزارة الأوقاف، فمبررات اتخاذه لا تقوم على أسانيد علمية أو منطقية، بل إن استمراره يتسبب فى نتائج عكسية، ولا يؤدى إلا لتعذيب الموتى وذويهم وجموع المصلين.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة