يحكى أن أحد رؤساء دول العالم الثالث قد اصطحب معه فى رحلة بالطائرة رئيس الحزب الحاكم ورئيس الحزب المعارض وبينما هم على ارتفاع آلاف الأميال عن الأرض جاء كابتن الطائرة ليبلغ الرئيس أن هناك خللاً قد أصاب الطائرة ويستوجب التضحية براكب من الثلاثة لإنقاذها وبالطبع لم يفكر الرئيس فى إسداء أكبر خدمة للبشرية والتضحية بنفسه ولكنه نظر لمرافقيه وقال سوف أسأل كل واحد سؤالاً ومن يخطىء الإجابة سيكون عليه مغادرة الطائرة غير مأسوف على شبابه، فبدأ برئيس الحزب الحاكم وقال له: قل لى يا فلان هل تعرف تعداد دولة الصين الشقيقة؟ فقال الرجل: طبعا يا فخامة الرئيس إنهم مليار ونصف مليار نسمة تقريبا فأثنى عليه وقال: إجابة صحيحة ثم نظر لرئيس حزب المعارضة وقال: انت بقى عايزك تقولى أسماءهم نفر نفر!.. تذكرت هذه النكتة خلال زيارتى للصين وقلت لنفسى إن هذا المعارض الخائب كان من الممكن أن ينجو من الكمين الذى نصبه له الرئيس فليس من الصعب أبدا معرفة أسماء الشعب الصينى الذى اسم أغلبية سكانه لا يبعد عن جانج يونج جينج. وليست المشكلة فى صعوبة معرفة أسماء الشعب الصينى ولكن تكمن المشكلة فى صعوبة نطق هذه الأسماء وهو ما شكا لى منه أحد الصينيين الظرفاء حيث قال إن صينى ومصرى وخليجى صعدوا إلى قمة أحد الجبال فقرروا أن ينادوا أسماءهم بأعلى صوت فقال المصرى : محمد فردد الصدى محمد محمد محمد وقال الخليجى: راشد فردد الصدى راشد راشد راشد فقال الصينى جانج يونج جينج فلم يرد الصدى حتى الآن!
المشكلة هى التشابه العجيب فى الشكل بين الصينيين والذى يجعل أى ضيف عليهم فى حالة لخبطة شديدة وهو ما جسدته حكاية قريبى الذى ضاقت عليه الحياة فى مصر فلم يجد غير الصين ليعمل فيها سائق تاكسى وكلما أشار له زبون وقف بلدياتى ليشخط فيه وهو يضرب كفا بكف: أنا مش لسه منزلك فى الشارع إللى فات ياجدع انت؟ بطل مياصة واتفضل روح شوف شغلك! والحقيقة الشعب الصينى لا يعرف فى قاموسه كلمة مياصة ولا تسكع فى الشوارع ولا مقاهى وشيشة ونارجيلة كالتى تحرق قلوبنا نحن العرب قبل أن تحرق ثروتنا الحقيقية من الوقت الذى نتفنن فى إضاعته ويتفنن الآخرون فى استغلاله.
كل هذا يهون ومشكلة الأكل بالنسبة للغريب لا حل لها حيث لا يتردد الصينيون فى تناول أى شىء تدب فيه الروح فمنذ أن وطأت قدماى أرض الصين وحتى مغادرتها لم تقع عيناى على قطة ولا كلب ولا حتى فأر وهو ما ذكرنى بمدينتى الغالية الأقصر فى أزهى عصور خلوها من القطط والكلاب والفئران عندما كان يتم تنفيذ مشروع كورنيش النيل فى عهد الرجل الذى لن تعوضه الأقصر سمير فرج وتبين أن العمال الصينيين الذى كانوا ينفذون الكورنيش وجدوا ضالتهم فى قطط المدينة وكلابها فقدموا للمدينة خدمة جليلة أهم من الكورنيش نفسه، وقد حاولت التركيز على المكرونة والبطيخ الذى لا تخلو مائدة صينية منه وكانت المشكلة فى التدريب على تناول الطعام بالعصايتين وكنت أحاصر المكروناية فى نص ساعة واقضى نصف ساعة أخرى فى صيدها بالعصايتين وأظل أرفعها ببطء إلى فمى ومع ذلك كانت تفلت قبل الوصول لفمى فلم أكرر المحاولة وقضيت الأسبوع كله بطيخ فى بطيخ حتى وضعت قدمى فى الطائرة حيث لم أتمالك نفسى من الضحك الهيستيرى عندما أعلن الكابتن عن مسابقة بين الركاب جائزتها وجبة لحم بقرى بلدى يفوز بها من يجيب عن سؤالين الأول عن تعداد الصين حيث أجاب الجميع بينما لم يتمكن أحد غيرى من الإجابة عن السؤال الأهم ألا وهو أسماء أبناء الشعب الصينى الشقيق!