هيثم‭ ‬مصطفى
هيثم‭ ‬مصطفى


الأميرة السودانية التى عشقها الزنوج

أخبار النجوم

الجمعة، 29 أكتوبر 2021 - 01:27 م

هيثم‭ ‬مصطفى

[email protected]

في‭ ‬العام‭ ‬1936‭ ‬كان‭ ‬المخرج‭ ‬الأمريكي‭ ‬ثورنتون‭ ‬فريلاند‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬نجاح‭ ‬جديد‭ ‬له‭ ‬بعدما‭ ‬عمل‭ ‬مع‭ ‬استوديوهات‭ ‬capital film‭ ‬في‭ ‬إنجلترا،‭ ‬إذ‭ ‬اعتمد‭ ‬على‭ ‬تنوع‭ ‬الأعمال‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الكوميديا‭ ‬والبوليسية‭ ‬والحركة،‭ ‬وجاءته‭ ‬فكرة‭ ‬عمل‭ ‬فيلم‭ ‬يتناول‭ ‬فيه‭ ‬قضية‭ ‬التفرقة‭ ‬العنصرية،‭ ‬وأن‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى‭ ‬مسرحًا‭ ‬لأعماله،‭ ‬وبالتعاون‭ ‬مع‭ ‬المغني‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسمر‭ ‬الشهير‭ ‬آنذاك‭ ‬بول‭ ‬روبنسون،‭ ‬قرر‭ ‬خوض‭ ‬غمار‭ ‬التجربة،‭ ‬بل‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان،‭ ‬خصوصًا‭ ‬وأن‭ ‬صناعة‭ ‬السينما‭ ‬كانت‭ ‬بكرٍ‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأثناء،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬تلك‭ ‬الفكرة‭ ‬لإعتبارات‭ ‬عديدة‭ ‬منها‭ ‬بدائية‭ ‬آليات‭ ‬العمل،‭ ‬قرر‭ ‬خوض‭ ‬غمار‭ ‬التجربة‭ ‬بفيلمه‭ ‬Jericho‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬ناقش‭ ‬فكرة‭ ‬التفرقة‭ ‬العنصرية‭ ‬بشكل‭ ‬سريع‭.‬

الفيلم‭ ‬دارت‭ ‬أحداثه‭ ‬حول‭ ‬جندي‭ ‬أمريكي‭ ‬أسمر،‭ ‬سُجن‭ ‬ظلمًا‭ ‬بتهمة‭ ‬عصيان‭ ‬الأوامر‭ ‬والقتل‭ ‬الخطأ‭ ‬لضابط‭ ‬في‭ ‬سفينة،‭ ‬وكيف‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬هرب‭ ‬من‭ ‬محبسه‭ ‬بالسفينة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬الساحل‭ ‬الشمالي‭ ‬لأفريقيا،‭ ‬ليستقل‭ ‬قاربًا،‭ ‬ويصل‭ ‬به‭ ‬للصحراء‭ ‬الكبرى،‭ ‬فينغمس‭ ‬وسط‭ ‬الطوارق،‭ ‬ويتزوج‭ ‬من‭ ‬الأميرة‭ ‬جارة‭ ‬ابنة‭ ‬زعيم‭ ‬أحد‭ ‬القبائل،‭ ‬فتبدت‭ ‬شهرته‭ ‬في‭ ‬العلاج‭ ‬والحكمة،‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬الفيلم‭ ‬الذي‭ ‬يقرر‭ ‬فيه‭ ‬بول‭ ‬إعطاء‭ ‬لمحة‭ ‬أمل‭ ‬لأصحاب‭ ‬البشرة‭ ‬السمراء،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬صاحب‭ ‬البشرة‭ ‬السمراء‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬السيد‭ ‬في‭ ‬أراضٍ‭ ‬أخرى‭.‬

وأثناء‭ ‬تصوير‭ ‬كان‭ ‬فريلاند‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬مواصفات‭ ‬من‭ ‬ستقدم‭ ‬الأميرة‭ ‬جارة،‭ ‬فتاة‭ ‬سمراء،‭ ‬ذات‭ ‬ملامح‭ ‬شرقية‭ ‬أصيلة،‭ ‬ولها‭ ‬أسلوب‭ ‬عربي‭ ‬محبب‭ ‬للخيال‭ ‬الغربي،‭ ‬ووقع‭ ‬في‭ ‬حيرة،‭ ‬وفي‭ ‬1936‭ ‬سافر‭ ‬لمصر‭ ‬وشمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬لتحديد‭ ‬المناظر‭ ‬الخارجية‭ ‬للتصوير،‭ ‬وبالصدفة‭ ‬حضر‭ ‬عرضًا‭ ‬لمسرحية‭ ‬صندوق‭ ‬الدنيا‭ ‬لنيازي‭ ‬مصطفى‭ ‬ومن‭ ‬بطولة‭ ‬فتاة‭ ‬مصرية‭ ‬تقمصت‭ ‬دور‭ ‬أمريكية‭ ‬سمراء،‭ ‬وبالتعرف‭ ‬على‭ ‬الفتاة‭ ‬علم‭ ‬بأن‭ ‬اسمها‭ ‬هو‭ ‬ناجية‭ ‬إبراهيم‭ ‬بلال،‭ ‬وأنها‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬كمونتير‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬وعلى‭ ‬الفور‭ ‬عرض‭ ‬عليها‭ ‬العمل‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬فيلمه‭ ‬الجديد،‭ ‬ولما‭ ‬كان‭ ‬فريلاند‭ ‬من‭ ‬محبي‭ ‬تصنع‭ ‬الدعاية‭ ‬المُلفقة‭ ‬اتفق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يصطحب‭ ‬الفتاة‭ ‬الجميلة،‭ ‬والسفر‭ ‬بها‭ ‬للندن‭ ‬وإلباسها‭ ‬فاخر‭ ‬الثياب‭ ‬التقليدية‭ ‬للسودانية،‭ ‬مع‭ ‬لمسات‭ ‬من‭ ‬المكياج‭ ‬ليعمل‭ ‬مؤتمرًا‭ ‬صحفيًا‭ ‬ضخمًا‭ ‬في‭ ‬فندق‭ ‬كلاريدج‭ ‬بضاحية‭ ‬مايفير‭ ‬بالعاصمة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬لندن‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬1936،‭ ‬وصرح‭ ‬بأن‭ ‬فيلم‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬أميرة‭ ‬سودانية‭ ‬هاربة‭ ‬من‭ ‬السودان‭ ‬ومحبة‭ ‬للفن‭ ‬وقررت‭ ‬العمل‭ ‬كممثلة،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬الأميرة‭ ‬تسمى‭ ‬كوكا‭!!‬

وبتلك‭ ‬الدعاية‭ ‬عُرض‭ ‬الفيلم‭ ‬الذي‭ ‬حقق‭ ‬إيرادات‭ ‬جيدة‭ ‬جدًا‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬لبول‭ ‬روبنسون‭ ‬بطل‭ ‬الفيلم‭ ‬شعبيته،‭ ‬وكان‭ ‬آداء‭ ‬ناجية‭ ‬جذابًا‭ ‬بحالٍ‭ ‬جعلها‭ ‬نجمة‭ ‬في‭ ‬أعين‭ ‬زنوج‭ ‬أمريكا‭ ‬بشكلٍ‭ ‬صنع‭ ‬منها‭ ‬شعبية‭ ‬كبيرة‭ ‬بجمالها‭ ‬الشرقي‭ ‬وملامحها‭ ‬اللطيفة،‭ ‬ذلك‭ ‬النجاح‭ ‬الذي‭ ‬استثمر‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬ليصنع‭ ‬منها‭ ‬النجمة‭ ‬المميزة‭ ‬كوكا‭ ‬التي‭ ‬تعاون‭ ‬معها‭ ‬بدر‭ ‬لاما،‭ ‬وتزوجها‭ ‬نيازي‭ ‬مصطفى‭ ‬ليخرج‭ ‬لها‭ ‬أروع‭ ‬أدوارها،‭ ‬لتصير‭ ‬أشهر‭ ‬وأفضل‭ ‬من‭ ‬قدمت‭ ‬دور‭ ‬الفتاة‭ ‬البدوية‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬والعالم،‭ ‬ولتشتهر‭ ‬في‭ ‬وجدان‭ ‬محبي‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬عبلة‭ ‬أمام‭ ‬العملاق‭ ‬فريد‭ ‬شوقي‭ ‬في‭ ‬فيلمهما‭ ‬الأسطوري‭ ‬عنتربن‭ ‬شداد‭!‬‭!‬

فبرغم‭ ‬الدعاية‭ ‬الملفقة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الفنانة‭ ‬الراحلة‭ ‬كوكا‭ ‬برعت‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬أفلام‭ ‬مثل‭ ‬وداد،‭ ‬رابحة،‭ ‬سلطانة‭ ‬الصحراء،‭ ‬ليلى‭ ‬العامرية،‭ ‬ظهور‭ ‬الإسلام،‭ ‬لتنهي‭ ‬مسيرتها‭ ‬بفيلمها‭ ‬الأخير‭ ‬أونكل‭ ‬زيزو‭ ‬حبيبي‭ ‬مع‭ ‬الفنان‭ ‬محمد‭ ‬صبحي‭.‬

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة